فتحت مراكز الاقتراع في إقليم كردستان أبوابها أمام الناخبين، صباح اليوم الإثنين، للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على الانفصال عن العراق، وسط إجراءات أمنية مشددة من قبل البيشمركة الأكراد، ويستمر التصويت حتى مساء اليوم، في 12 ألف مركز اقتراع في كردستان العراق والمناطق المتنازع عليها مع الحكومة المركزية في بغداد خصوصًا كركوك. أكدت تقارير إعلامية عراقية أن بعض مراكز الاقتراع خاوية على عروشها من الناخبين، بينما تشهد العديد من المراكز إقبالًا ضعيفًا، فيما انعدم وجود الناخبين في المناطق التركمانية والعربية، وخلت من أي مظهر من مظاهر الاستفتاء، وهو ما أكده محافظ ديالى مثنى التميمي، حيث قال إن خانقين وجلولاء هما الوحدتين الإداريتين اللتين شاركتا في استفتاء كردستان داخل المحافظة، وأضاف أن ناحية السعدية المتنازع عليها في ديالي، وهي تضم خليطا سكانيا من العرب والكرد والتركمان، لن تشارك في الاستفتاء، فيما أشار عضو مجلس بلدية ناحية مندلي حيدر المندلاوي، إلى أن الأوضاع طبيعية بالناحية رغم عدم مشاركتها في الاستفتاء تطبيقًا لقرار رسمي اتخذه المجلس البلدي قبل أسبوعين برفض إجراء الاستفتاء داخل الناحية. يبدو أن المكون التركماني أعاد حساباته السياسية وأدرك المخاطر التي تحدق بالإقليم جراء هذا الاستفتاء، ليتخذ على إثر ذلك موقفًا واضحًا برفض التصويت وعدم المشاركة، وأكد رئيس كتلة الجبهة التركمانية في برلمان كردستان إيدن معروف، عدم مشاركة الأحزاب التركمانية في استفتاء الانفصال، واصفًا إياه بغير القانوني وغير الدستوري، وأشار إلى أن الوضع الأمني في مناطق الاستفتاء يسوده هدوء حذر، وأبعدت قوات البشمركة شرطة كركوك وسيطرت على منافذ المدينة الجنوبية. اتصالات مكثفة قبل ساعات من انطلاق الاستفتاء الكردي، تكثفت الاتصالات الإقليمية العراقية، وأجرى الرئيس الإيراني حسن روحاني، مساء أمس الأحد، اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أكد فيه أن إيران تعارض أي تحرك يتنافى مع وحدة التراب العراقي ووحدته الوطنية، قائلًا: يجب على الجميع أن يعلم بأن شرعيته تستمد من الدستور العراقي، فيما أشاد العبادي بمواقف طهران في دعم وحدة الأراضي العراقية، قائلًا: إن إجراء الاستفتاء سيدفع إلى مواجهة جديدة في العراق، مشيرًا إلى التحركات الواسعة للحكومة المركزية العراقية في مواجهة هذا الإجراء. في ذات الإطار، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اتصالا هاتفيا مع نظيره الإيراني حسن روحاني، بحث خلاله تداعيات استفتاء انفصال كردستان وأكد الجانبان أنه في حال إجراء الاستفتاء فإن ذلك سيجلب الفوضى إلى المنطقة، وشددا على أهمية وحدة وسلامة التراب العراقي، وأكد الرئيسان أن موقف بلادهما متجانس تمامًا إزاء هذا الموضوع. إجراءات عقابية بعد أن كثفت الحكومة العراقية والبرلمان نداءاتهما بإلغاء الاستفتاء خلال الأيام القليلة الماضية، وصمّت السلطات الكردستانية آذانها عن هذه النداءات، شرعت الحكومة المركزية في اتخاذ العديد من الإجراءات العقابية تجاه الإقليم الساعي للانفصال، وهدد العبادي، باتخاذ إجراءات، متسائلًا عن عائدات النفط في كردستان العراق التي تذهب إلى حساب المسؤولين الأكراد، كما طالب المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي، سلطات منطقة كردستان العراق، بتسليم جميع المنافذ الحدودية والمطارات وملاحقة موظفي الدولة الذين ينفذون عملية الاستفتاء قضائيًا. في ذات الإطار، دعت النائبة عن ائتلاف دولة القانون عالية نصيف، الحكومة المركزية إلى تحويل حصة منطقة كردستان من الموازنة والبالغة 17% إلى إعادة إعمار المناطق الغربية المحررة من داعش، مؤكدة على ضرورة إنهاء تعاقدات كافة الشركات الكردية مثل شركات آسيا سيل وكورك وسيمفوني، وإنهاء خدمات كافة الموظفين التابعين لكردستان. أما من ناحية تركيا، التي تعتبر الأكثر قلقا من هذا الاستفتاء، فقد اتخذت العديد من الإجراءات الصارمة تجاه إقليم كردستان، وذلك بعد أن ضربت قيادة الإقليم بالتهديدات التركية عرض الحائط خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، وأكدت صحيفة "زمان" التركية، أن الجيش التركي رفع من مستوى المناورات العسكرية التي يواصلها عند معبر هبور الحدودي مع العراق، وأن الدبابات التركية المشاركة في المناورات هناك اتخذت وضعية القتال قبل ساعات من إجراء الاستفتاء، وأضافت الصحيفة، أنه تم تعزيز أعداد الدبابات والمدرعات والعناصر العسكرية، وأكد خبراء أمنيون أن تواصل المناورات على الحدود التركية العراقية منذ 18 مايو الماضي، هو رسالة باستعداد أنقرة لعملية برية تركية محتملة ضد شمال العراق. وأعلنت السلطات التركية، اليوم الإثنين، إغلاق معبر الخابور "إبراهيم الخليل" الحدودي البري مع منطقة كردستان العراق، الذي يُعد بوابة العراق على القارة الأوروبية، وأكثر النقاط الحدودية التي تحتل أهمية كبيرة لدى العراق ومنطقة إقليم كردستان، حيث يعتمدان عليها تجاريًا منذ عشرات السنين، فهو النقطة الاستراتيجية الأقرب مع تركيا. لم يختلف الموقف الإيراني عن نظيره التركي أو العراقي كثيرًا، حيث قرر المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إغلاق الحدود الجوية الإيرانية مع إقليم كردستان، وأكد المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي كيوان خسروي، أنه تم إيقاف جميع الرحلات الجوية من إيران باتجاه مطاري السليمانية وأربيل، وكذلك الرحلات العابرة للأجواء الإيرانية من إقليم كردستان. وأعلن سياسيون عراقيون وشهود عيان أن قوات المدفعية الإيرانية نفذت، أمس الأحد، عمليات قصف مدفعي كثيفة استهدفت مناطق الغابات الحدودية التابعة لإقليم كردستان العراق، وقال حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، إن القصف الإيراني تركز على عدة قرى تابعة لمنطقتي باليكايتي وحاجي عمران الحدوديتين، فيما أكدت وسائل إعلام عراقية أن المدفعية الإيرانية قصفت مناطق حدودية تابعة لقضاء جومان شمال شرق أربيل بكثافة. ماذا ينتظر كردستان؟ يرى العديد من المراقبين أن الإجراءات التي اتخذتها كل من تركيا والحكومة العراقيةوإيران ما هي إلا رسالة تحذير ولهجة تهديد أولية لكنها حتمًا سترتفع خلال الأيام القادمة، خاصة في حال المضي قدمًا في الاستفتاء وخروج نتائجه بتشريع الانفصال عن الدولة العراقية، الأمر الذي سيدخل الإقليم الكردي في وضع لا يحسد عليه، خاصة في ظل عدم استقراره اقتصاديًا وسياسيًا في الوقت الحالي، فالخزينة الكردستانية شبة خاوية والعوائد النفطية لم يُعرف مصيرها، وجلسات البرلمان متوقفة، بالإضافة إلى أن رئيس الإقليم مسعود بارزاني، انتهت صلاحية حكمه منذ عامين، ناهيك عن استفحال الفساد في الإقليم ووجود انقسامات حادة ما بين الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني، والحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، ليأتي الاستفتاء ويزيد الطين بلة ويجلب العداوة الإقليمية والدولية لكردستان.