يُصر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على تعزيز الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، متحديًا بذلك كافة الجهود الدولية وعلى رأسها جهود حليفته الأمريكية، فعلى الرغم من أن زيارة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جارد كوشنر، إلى القدس لم يكد يمر عليها أسبوع، وزيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، لم تنته بعد، فإن الاحتلال اختار أن يخرج بتصريحات وممارسات تجهض كافة الأحاديث عن سلام عادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتكشف نية الاحتلال الحقيقية بشأن السلام، وتؤكد أن اللجوء إلى طاولة المفاوضات غير مجد، فهو مجرد مماطلة إسرائيلية لكسب المزيد من الأهداف فقط. سنبقى للأبد في احتفال أجراه الاحتلال الإسرائيلي، الإثنين الماضي، بمناسبة مرور 50 عامًا على "الاستيطان في الضفة الغربية"، وتحت عنوان "أضواء اليوبيل"، قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إنه لن يكون هناك أي إجلاء للمستوطنين بعد اليوم، وأضاف نتنياهو خلال الاحتفال الذي نظم في المنطقة الصناعية "بركان"، وحضره آلاف المستوطنين وعدد من السياسيين: نحن هناك لكي نبقى للأبد، لن يكون هناك أي اقتلاع لمستوطنات في أرض إسرائيل. وتابع نتنياهو: "هذا ميراث آبائنا، وهذه أرضنا، عدنا إلى هنا كي نبقى للأبد، وقد ثبت أن ذلك لا يساعد في تحقيق السلام، اقتلعنا مستوطنات، وتلقينا صواريخ، لن يتكرر ذلك، وهناك سبب ثان لكي نحافظ على هذا المكان، السامرة "الضفة الغربية" هي ذخر استراتيجي لدولة إسرائيل، وهي مفتاح مستقبلها، لأنه من هذه المرتفعات العالية ومثيلتها في جبل حتصور، نشاهد البلاد من الطرف إلى الطرف". وأضاف، متحدثًا إلى من أسماهم "الزعماء الأجانب الذين يأتون إلى هنا": تخيلوا أن قوات إسلامية متطرفة تسيطر على هذه القمم، فهذا سيعرضنا للخطر، وأيضًا يعرضكم للخطر، وكل جيراننا، وكل المنطقة والشرق الأوسط بأسره، وعلى ضوء ما يحصل حولنا في الشرق الأوسط، فمن الممكن تخيل النتائج، علينا وعلى شارع 6 وعلى مطار اللد، ولذلك فنحن لن نتنازل، سنحافظ على السامرة، وإزاء من يطالبنا بالاقتلاع، سنقوم بتعميق الجذور، ونبني ونمكّن ونستوطن"، على حد تعبيره. تصريحات نتنياهو أعقبها إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، عن منح الحي اليهودي في الخليل صفة "مستوطنة إسرائيلية" رسمية، وأوضح ليبرمان، أمس الثلاثاء في تل أبيب، أن الحي اليهودي في الخليل لم يعد تابعًا لمجلس مستوطنة "كريات أربع" المجاورة، بل سيتم تسجيله من قبل وزارة الداخلية والإدارة المدنية كمستوطنة مستقلة. زيارة جوتيريش اللافت للانتباه والمثير للدهشة في الوقت نفسه أن تصريحات رئيس الاحتلال الصهيوني التي أعدها الكثير من الفلسطينيين استفزازية، مؤكدين أنه من العبث التفكير بإنجاز تسوية مع الاحتلال، جاءت في الوقت الذي يقوم فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، بزيارته الأولى إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في محاولة لتقريب وجهات النظر الإسرائيلية الفلسطينية، وانتقد النشاط الاستيطانى الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية، ووصفه بأنه "عقبة رئيسية أمام تحقيق حل الدولتين والسلام مع الفلسطينيين"، كما أكد أنه لا بديل عن حل الدولتين لتحقيق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، داعيًا إلى إزالة أي عقبات أمام تنفيذه، وأضاف: "من المهم إزالة العقبات أمام حل الدولتين، ونحن ندرك أن الاستيطان غير قانوني وفقًا للقانون الدولي، كما أنه يشكل عقبة يجب إزالتها فيما يتعلق بإمكانية التنفيذ المناسب لحل الدولتين". من جانبه حث رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد لله، الأممالمتحدة على تنفيذ قراراتها خاصة ما يتعلق بعدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي وضرورة وقفه، كما أكد أن عدم إلزام إسرائيل باحترام وتنفيذ تلك القرارات يضعف من ثقة الشعب الفلسطيني بالمنظومة الدولية ومصداقية الأممالمتحدة في إحلال الأمن والسلام ويزكي أسباب الصراع والكراهية بالمنطقة، مضيفًا أن إفلات إسرائيل من العقاب ومحاسبتها على انتهاكاتها ومعاملاتها كدولة فوق القانون يعكس ازدواجية في المعايير لدى الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي. كوشنر والسلام الوهمي زيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى تل أبيب سبقتها بأيام زيارة مماثلة من الوفد الأمريكي للشرق الأوسط، برئاسة مستشار وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جارد كوشنر، لفلسطين المحتلة، لكن اللافت في هذه الزيارة أنها لم تأت بأي جديد على الرغم من تصريحاته عن إيجابية اللقاءات وكونها مثمرة، لكن المؤشرات الحالية لم تظهر أي ثمرة لهذه الزيارات الأمريكية، حتى إن إدارة ترامب لم تعلن حتى الآن موقفًا صريحًا ومباشرًا إزاء تسريع الاحتلال الإسرائيلي وتيرة الاستيطان، فيما نقلت صحيفة الحياة اللندنية على لسان مصادر دبلوماسية غربية، عن كوشنر، في لقائه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في رام الله، قوله إنه لا يمكن وقف الاستيطان في الضفة الغربيةالمحتلة، وذلك بذريعة أن ذلك سيؤدي إلى انهيار حكومة بنيامين نتنياهو. بالتزامن مع وصول الوفد الأمريكي إلى الأراضي المحتله، قالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، إن شركة "تطوير جبال يهودا" وبالتعاون مع مجلس إقليمي مستوطنات "غوش عتصيون"، تخطط لإقامة 3 مستوطنات جديدة في الكتلة الاستيطانية "غوش عتصيون" في جنوبي الضفة الغربية، ونقلت الصحيفة عن رئيس الشركة موشيه موسكوفيتش، قوله إن "إقامة المستوطنات الجديدة التي نعمل عليها مع الوزارات ذات الصلة ستحل أزمة السكن في القدس ومحيطها"، ولفتت إلى أن إحدى المستوطنات ستشمل من 500 إلى ألف وحدة سكنية استيطانية، فيما تشمل الثانية 500 وحدة، أما المستوطنة الثالثة فستستوعب 10 آلاف إسرائيلي، والجدير بالذكر هنا أن عدد المستوطنين اليوم في مستوطنات الضفة الغربية فقط يقدر بنحو 500 ألف مستوطن.