«الفراخ الفيومي».. ثروة داجنة أهدرتها الحكومات على مدى السنوات الماضية، حتى باتت في طريقها إلى الانقراض؛ سبب الإهمال وعدم توفير اللقاحات، واشتهرت محافظة الفيوم بصناعة الدواجن منذ أيام الفراعنة، ونقشت على جدران المعابد، واهتمت بها بلدان العالم وحرصت على نقل وتربية تلك السلالة لما تتمتع به من صفات وراثية تفوق السلالات الأخرى. ولم تكن الفيوم السوق الأكبر للفراخ، فهناك محافظات تبنت تلك المهنة على نطاق أوسع، خاصة محافظات الوجه البحري، لكن محافظة الفيوم كانت الموطن الأصلي لسلالة فريدة من نوعها من الدواجن، لذا ارتبط اسمها بهذه السلالة ولقبت ب«الفراخ الفيومي» أو «الكتاكيت الفيومي» أو «الرمادي» نسبة إلى منطقة دار الرماد بالفيوم، التي اشتهرت في الماضي بإنتاج أشهر أنواع الدجاج البلدي على مستوى العالم، حيث كانت تتسارع الوفود إلى المحافظة لطلب هذا النوع من الدواجن الفريد ذي المذاق المتميز. وتتمتع تلك السلالة بأنها من السلالات المصرية الأصلية، فلديها القدرة على التكيف مع الطبيعة وتحمل جميع الظروف المناخية، كما تستطيع حماية نفسها من الأعداء الطبيعية «الغربان، النسور، البوم»؛ لأنها سريعة الانزعاج ومزاجها عصبي وليس من السهل الإمساك بها، فلا تحتاج إلى أسلاك شائكة لحمايتها من الطيور الجارحة بخلاف الدجاج الأبيض بطيء الحركة، فضلًا عن أن السر الذى يجهله كثير من المصريين هو أن أشهر وأغلى دجاجة بأمريكا تسمى «Egyptian Fayoumi chickens» أي الدجاج المصري الفيومي، حيث سجل ثمن «الكتكوت»من دجاج «لونغ إيلاند» الأمريكي دولارين، بينما سجل الفيومي في مزارعهم 5 دولارات أي ما يعادل 100 جنيه، في الوقت الذي يباع فيه كيلو الدجاج الفيومي محليًّا ب36 جنيهًا حال توفرها بالأسواق المصرية لندرتها؛ ولأنها في طريقها إلى الانقراض بعد أن تراجعت نسب التفريخ منها بالقطعان الثلاثة الموجودة حتى الآن، وهي مشروع الدواجن التكاملي بالفيوم، محطة بحوث الدواجن بالفيوم، مشروع تحسين السلالات الداجنة بالبحيرة. ويؤكد شعبان رمضان، المدير السابق لمشروع الدواجن التكاملي بالفيوم، والمسؤول عن تفريخ هذه السلالة المميزة والحفاظ عليها من الاندثار، أن المشروع أقيم على 70 فدانًا ويضم 9 محطات تربية لإنتاج ما يزيد على 20 مليون دجاجة بلدي سنويًّا، بمعدل تفريخ 94%، مشيرًا إلى أن هناك مشكلات يعاني منها المشروع، على رأسها عدم تجديد وحدة التسمين منذ إنشائها عام 1983وكذلك مصنع الأعلاف؛ سبب المعوقات التي تفرضها وزارتا المالية والتخطيط ورفضهما إجراء عملية التجديد، وأن ما يتم عبارة عن ترميمات بجهود العاملين بالمشروع. ويوضح رمضان أن رأس مال المشروع 15 مليون جنيه، وهو مبلغ ضئيل لمشروع بهذا الحجم ينتج الدجاج والبيض والكتاكيت الصغيرة التي توزع على جميع المربين بأسعار لا تزيد على 6,5 جنيه، في الوقت الذي يباع فيه الكتكوت الصغير بأمريكا بحوالي 5 دولارات من نفس السلالة، التي يتم تصديرها لبعض الدول، منها قطر، إريتريا، غرب إفريقيا، وغيرها من الدول، إلى جانب كليات الزراعة على مستوى مصر، مطالبًا بضرورة تدخل أجهزة الدولة لدعم هذا المشروع لرفع كفاءته لإنتاج أفضل أنواع الدجاج في العالم والذي يعد ثروة قومية. وقال الدكتور عبد الوهاب عبد الله، أستاذ قسم الدواجن بكلية الزراعة جامعة الفيوم: الدجاج الفيومي يتمتع بمذاقه الجيد وخلوه من الهرمونات، وهو الأفضل صحيًّا للإنسان لأنه أكثر مقاومة لفيروسات «الكوكسيديا، الماريك، الليوكوزيس» المنتشرة بين السلالات الأخرى، فلدى هذا النوع مقاومة مناعية وراثية فريدة، مما لفت أنظار بعض الدول الغربية على رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية، فسرقت الجين الفيومي لتنتج تلك السلالة ووتحافظ عليها، في حين أننا في مصر لجأنا إلى تهجينها بسلالات أخرى لنقل صفاتها الوراثية إلى بعض السلالات الأجنبية. وأكد ل«البديل» ضرورة التوسع في تربية السلالات الفيومي أعلى أسطح المنازل، خاصة أن ذلك موروث ريفي متداول منذ عصر الفراعنة، حيث عثر على نقوش ورسومات داخل المعابد الفرعونية عليها صور للديك الفيومي، مما يدل على أن المحافظة هي مركز إنتاج الدواجن عالية الجودة عبر العصور.