السنوات الأخيرة من عمر الوطن أكدت إن ما فيش حد يستطيع ان يصبح رئيسا لهذه البلاد دون إرادة الشعب و تأييده. لا يمكن على الإطلاق أن يجبر أحد المصريين على انتخاب رئيس مش عايزينه. الموضوع ده انتهى خلاص، لذلك أنا وبكل تواضع أتقدم لكم معلنا اعتزامى الترشح لرئاسة جمهورية مصر العربية، تأييدكم هو اللى هيمنحنى هذا الشرف العظيم. بهذه الكلمات أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى ترشحه للرئاسة وهو مرتديا الزي العسكري عبر فيديو مسجل تم بثه من خلال التليفزيون الرسمى للدولة 26 مارس 2014. ومن ثم ومع بدء الإجراءات الخاصة بالانتخابات الرئاسية تقدم للترشح وأعلن أنه لا يملك برنامج انتخابى بالمعنى التقليدي المتعارف عليه لكنه يعرف ماذا سوف يفعل وهو رئيس للبلاد. .فى هذه الآونة كان السيسى له شعبية كبيرة بين الكثير من المصريين الذين رأوا فيه زعيما أنقذ البلاد من خطر الحكم الدينى، وأنه القادر على إيقاف حالة الفوضى التى تمر بها البلاد، وجاءت هذه القناعات من خلال، أولا: موقف المؤسسة العسكرية التى كان وزيرها السيسى من ثورة 30 يونيو 2013 ودعمها للحركة الشعبية الكبيرة وإعلان عزل مرسى وبدء مرحلة انتقالية جديدة. ثانيا: من خلال حملة بروباجندا ضخمة لصالح المرشح الرئاسى المشير السيسي استخدم فيها كل وسائل التواصل الجماهيرى المتاحة من صحف وفضائيات وحتى وسائل التواصل الاجتماعى. ثالثا: تأييد النخب السياسية والفنية والرياضية و غيرها من النخب المصرية لهذا المرشح الرئاسي. رابعا: وهى الأهم أنه ممثل للمؤسسة العسكرية التى تنال دائما احترام المصريين وحبهم عموما وفى هذه المرحلة خصوصا. استطاع السيسى حسم هذه الانتخابات بسهولة وكأنه لا يوجد منافسة أو مرشح آخر من الأساس، لم يشوب هذه الانتخابات سوى مشهد الكثير من اللجان الانتخابية وهى خاوية ربما لمعرفة الناس بأن السيسى سوف يفوز على أى حال أو لعدم رضا البعض عن شكل الانتخابات، وما تلى ذلك من إضافة يوم ثالث للتصويت لم يكن مقرر من البداية، وعلى أى حال عرف الجميع أن السيسى كان سيفوز. نأتى للأهم وهو الإنتخابات القادمة عما قريب فى 2018، والتى ستبدأ إجراءاتها بعد 6 أشهر فقط، وبعد أن عانى المصريون خلال فترة حكم السيسى من أزمات اقتصادية طاحنة وانخفاض مستوى المعيشة بشكل غير مسبوق، فضلا عن التضييق فى الممارسة السياسية وحرية التعبير وعودة شكل الدولة البوليسية التى خرج ضدها المواطنين فى 25 يناير، ومع تراجع واضح فى شعبية الرئيس، وفيما يبدو تراجع أيضا على قدرته على الحشد كما كان فى السابق. استطاع السيسى فى مثل هذه الأيام من شهر يوليو 2013 من الدعوة والحشد لمظاهرة مليونية لتفويضه ضد الإرهاب المحتمل حينها، فهل يستطيع الآن الدعوة والحشد لمظاهرة بها عشرات الآلاف فقط لتأييده أو دعوته للترشح للرئاسة مرة أخرى؟. هل سيسمح الرئيس السيسى لمعارضيه الترشح للرئاسة دون التعرض لمضايقات أمنية لأشخاصهم وأعضاء حملاتهم الانتخابية؟ هل سيقبل الرئيس مناظرة المرشحين الآخرين أمام الجماهير كما يحدث فى كل انتخابات رئاسية فى دول العالم؟ هل سيقبل الاختلاف معه وتوجيه النقد إليه، بل واتهامه بأنه لم يكن موفقا فى إدارة الملف الاقتصادى أو أنه فرط فى تيران وصنافير أو أنه يعمل فى إطار مخططات دولية لإعادة تقسيم المنطقة، أو أنه لم يف بوعوده عندما قال لن تزيد الأسعار ولن يتم رفع الدعم عن المواطنين إلا بعد زيادة الأجور ومستوى الدخل، وغيرها من الانتقادات التى من المؤكد سيستخدمها المرشح المنافس له. هناك الكثير من الأسئلة التى تحتاج أجوبة لها، لكن يبقى السؤال الأهم: هل سيسمح السيسي بإنتخابات رئاسية جادة فى 2018؟