اشتبكت قوات مكافحة الشغب اليونانية مع متظاهرين اليوم الجمعة بعد أن نزل الآلاف إلى شوارع العاصمة أثينا في إضراب عام وذلك بعد يوم من الغموض الذي خيم على برنامج إنقاذ البلاد. ووردت تقارير عن إصابة شخص واحد على الأقل بعد أن انشق مئات من المتظاهرين الغاضبين عن مظاهرة سلمية شارك فيها أكثر من 11 ألف شخص في اليوم الأول من إضراب لمدة يومين كانت دعت إليه أكبر نقابتين في البلاد. ورشق مئات المتظاهرين يلبسون أقنعة سوداء قوات الشرطة بالقنابل الحارقة وقطع كبيرة من الرخام ما دفع الأخيرة للرد بإطلاق عبوات الغاز المسيل للدموع على حشد المتظاهرين. يأتي الإضراب بعد يوم من رفض المقرضين الدوليين الموافقة على حزمة إنقاذ ثانية لليونان قائلين إن البلاد لم تلب بعد كل المطالب بشأن إجراءات التقشف. كما أمهلوا اليونان حتى الأسبوع القادم لتقديم ضمانات بشأن إجراءات التقشف وبشأن الإصلاحات الاقتصادية التي تتعهد بها في مقابل الحصول على التمويل. وتمت الدعوة إلى عقد اجتماع لمجلس الوزراء في وقت لاحق من اليوم الجمعة، بينما من المقرر أن تعقد الأحزاب السياسية الرئيسية في البلاد حزب باسوك من يسار الوسط والمحافظين مفاوضات لبحث خفض الإنفاق. ووافق بالفعل رئيس الوزراء لوكاس باباديموس وقادة الأحزاب الثلاثة التي تساند حكومته الائتلافية على خفض أجور العاملين بالقطاع الخاص وتسريح عاملين بالقطاع العام وخفض الإنفاق في مجالات الرعاية الصحية والأمان الاجتماعي والدفاع. قال قادة حزبيون إنه تم التوصل الي حل لتقليص المعاشات بعد أن تم رفض مطالب إجراء مزيد من الخفض في بادئ الأمر. من ناحية أخرى، قال جورج كاراتزافيريس زعيم الشريك الأصغر في الائتلاف الحكومي إنه سيرفض إجراءات التقشف الجديدة في تصويت من المتوقع أن يجرى مطلع الأسبوع. لكن طالما أن الحزبين الرئيسيين الآخرين في الائتلاف موافقان على مشروع القانون، لن يكون في استطاعة النواب الستة عشرة لحزب /ال ايه او اس/ اليميني الذي يرأسه كاراتزافيريس أن يعيقوا تمريره في البرلمان. وفي ألمانيا، دافعت المستشارة أنجيلا ميركل عن خطط الإنقاذ المكلفة لليونان في اجتماع مع قادة برلمانيين، قائلة إنه “الطريق الأقل ضررا” إذ أن سيناريوهات العجز تحمل في طياتها مخاطر “لا يمكن السيطرة عليها”. ودافع وزير المالية فولفجانج شويبله عن الامتناع عن إصدار قرار بشأن مساعدة اليونان لمدة أسبوع آخر، قائلا إنه “لا يتعلق بتعذيب اليونانيين”، بل إن الهدف هو عودة أثينا إلى مسار يقدم لشركاء اليورو “حياة مناسبة”. أظهر استطلاع للرأي عرضت نتائجه على قناة “زد.دي.إف” التليفزيونية الحكومية في ألمانيا اليوم الجمعة أن ثلثي الألمان لديهم شكوك بشأن جدية اليونان في خفض الموازنة. ويرى 27% فقط ممن شملهم الاستطلاع أن اليونان تحاول جديا تنفيذ إجراءات التقشف التي تعهدت بها ، بينما أعرب 66% عن شكوكهم. وتسبب إضراب اليوم الجمعة من جانب العاملين بالقطاعين العام والخاص في اليونان في إحداث حالة من الشلل بوسائل النقل وأجبر العبارات على أن تظل راسية في الموانئ بجميع أنحاء البلاد. وظلت المكاتب الحكومية والبنوك والمدارس والمحاكم والمتاحف والمواقع الأثرية مغلقة، بينما جرى تشغيل المستشفيات بأطقم الطوارئ فقط. وانصب غضب النقابات على خفض الحد الأدنى للأجور بنسبة 22% وتجميد أجور القطاع العام وتسريح عاملين به فضلا عن التعديلات في الضرائب وسوق العمل والخصخصة. من المتوقع أن تستمر المظاهرات حتى الأحد القادم عندما يصوت البرلمان على شروط اتفاق القروض. كانت إجراءات التقشف التي تم فرضها قسرا على اليونان من جانب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي أثارت حالة من الحنق واسع النطاق في جميع أنحاء البلاد حيث تواجه حاليا عاما خامسا على التوالي من الركود وبلوغ معدل البطالة 21% في نوفمبر. وفي حالة لتجسيد هذا الغضب، قالت نقابة الشرطة إنها سعت لاستصدار مذكرة اعتقال بحق الدائنين الدوليين للبلاد اليوم الجمعة ، مصرة على أنهم يعرضون الديمقراطية للخطر. جاء في الخطاب “إنكم تعرضون الديمقراطية اليونانية وحياة شعبها للخطر”. وقالت تقارير إن نقابة رجال الشرطة سعت إلى استصدار مذكرة اعتقال من النائب العام اليوناني. وجرى توزيع الآلاف من المنشورات المطبوع عليها “مطلوب القبض عليه” في أنحاء العاصمة أثينا عارضة مكافأة تبلغ يورو واحد لمن يلقي القبض على الترويكا في إشارة لجهات الإقراض الدولية. وهناك حاجة للتوقيع على حزمة مساعدات مالية بقيمة 130 مليار يورو (173 مليار دولار) لليونان بنهاية الأسبوع القادم كي تكون جاهزة لتقديمها في موعد مناسب قبل حلول يوم العشرين من مارس عندما يتعين على أثينا سداد 5ر14 مليار يورو سندات مستحقة.