ما زال حزب الله هو القادر على تمرير رسائل موجعة للعدو الإسرائيلي، على الرغم من الحرب الطاحنة التي يشترك فيها الحزب، والتي تدور رحاها في سوريا، الدولة الشقيقية والمجاورة للبنان، والتي لا تبتعد تداعياتها عن هذا البلد المقاوم، وجاءت رسالة حزب الله للعدو الصهيوني من خلال منصة الشهيد مصطفى بدر الدين، والذي كانت تل أبيب قد أشاعت مزاعم حول اغتيال حزب الله له، حيث أحيا حزب الله الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائد اللبناني في سوريا العام الماضي، ليكون ردًّا واضحًا على دحض مزاعم إسرائيل وإشارة واضحة على تماسك الجبهة الداخلية للحزب. خطاب نصر الله حمل خطاب الأمس للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، مجموعة من الرسائل المباشرة للعدو الإسرائيلي، ولحلفاء محور المقاومة، الأمر الذي يؤكد على أن حزب الله ما زال يتمتع بأريحية على المستوى الداخلي في لبنان وعلى المستوى الخارجي في معركته في سوريا، والتي تتشابك بصورة مباشرة وغير مباشرة مع العدو الإسرائيلي. حيث شدد الأمين العام لحزب الله على أن إسرائيل تعلم أن أي مواجهة مقبلة مع لبنان ستكون داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولن يكون هناك مكان بمنأى لا عن صواريخ المقاومة ولا عن أقدام المقاومين، والعدو الإسرائيلي يعرف ذلك، وإن بناء إسرائيل جدارًا مع الحدود اللبنانية يعني سقوط مشروع دولتها العظمى. رئيس معهد إميل توما للدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، عصام مخول، قال إن احتمال نقل المعركة للعمق الإسرائيلي هو تهديد حقيقي وقيد الدراسة الإسرائيلية ومطروح للمناقشة مؤخرًا، وإن إسرائيل تأخذ بجدية التهديدات والتقييمات التي تصدر عن المقاومة اللبنانية، وهي قامت بالفعل باتخاذ إجراءات لمنع ذلك، بما في ذلك تعميق التحصينات وبناء الجدران، وإحدى المفارقات الأساسية أن إسرائيل التوسعية التي رفضت حتى وقت سابق أن ترسم حدودها بشكل رسمي اضطرت إلى إقامة الجدران والعوازل مع لبنان وقطاع عزة وحتى مع الحدود المصرية في سيناء. وذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الاثنين الماضي، أن الاحتلال يعتزم إقامة سياج حدودي جديد على امتداد الحدود مع لبنان على غرار السياج الحدودي الذي أقامه قبل أعوام عدة على امتداد الحدود المصرية الإسرائيلية في سيناء، وعلى امتداد هضبة الجولان المحتل، وعلى امتداد (30 كيلومترًا) من الحدود المشتركة مع الأردن. وأفادت الصحيفة العبرية بأن ارتفاع السياج الجديد سيصل في بعض المقاطع إلى ستة أمتار، وأن الهدف منه منع عمليات التسلل من لبنان إلى إسرائيل. وأشارت إلى أن تكلفة هذا السياج تقدر بأكثر من مائة مليون شيكل، وسيطلق عليه اسم "ساعة الرمل"، وستتم إقامته في منطقتين تم تحديدهما باعتبارهما ذواتي أولوية، المقطع الأول قرب رأس الناقورة، والثاني قرب مستوطنة المطلة، وهي المنطقة التي تمكن منها مواطن لبناني أخيرًا من التسلل إلى الأراضي الفلسطينية. ولفتت إلى أن السياج الجديد سيكون من أسلاك الفولاذ والأسلاك الشائكة التي ركبت عليها سكاكين حادة، بالإضافة إلى وسائل تكنولوجية متطورة، وبعض المقاطع من الأسمنت المسلح. حزب الله وسوريا وحول الجبهة السورية أعلن نصر الله عن تفكيك قواعد حزب الله على الحدود اللبنانيةالشرقية، بعدما أنجزت المهمة المطلوبة في حماية السلسلة الشرقية بدماء الشهداء والصبر وتضامن الأهالي في هذه المناطق، وحمل نصر الله مسؤولية حماية هذه المناطق مستقبلًا للدولة اللبنانية. ويرى مراقبون أن انسحاب حزب الله من هذه المناطق يدحض وبشكل لا لبس فيه المزاعم التي كانت تتهم حزب الله بأن تواجده في هذه المناطق يعمل على تغيير الخريطة الديمغرافية فيها، وانسحاب الحزب يؤكد مصداقيته في أن دوره في هذه المعارك الحدودية بين لبنانوسوريا،، والتي بدأت منذ عام 2013، لإجراء عمليات وقائية، وأنه قام بدور الإطفائي في الأماكن التي كانت تشكل خطرًا على لبنان. وتناول خطاب الأمين العام لحزب الله الملف السوري، وأشار فيه إلى دخول سوريا مرحلة جديدة وحساسة، مشددًا أيضًا على أن الجماعات المسلحة باتت في أسوأ حال. وحول هذه النقطة يرى مراقبون أنه لولا مرحلة الوهن التي تمر بها الجماعات المسلحة، لما قامت الولاياتالمتحدة بالتدخل العسكري بصورة مباشرة في الجنوب والشرق السوريين، لتنتقل المعركة بهذا الشكل من يد الوكيل إلى يد الأصيل. وحول روسيا شدد نصر الله على أن التفاهم بينها وبين محور المقاومة وصلت لمرحلة غير مسبوقة وأكثر انسجامًا من أي وقت مضى، وفي الوقت نفسه أكد أن روسيا لا تعتبر نفسها جزءًا من محور المقاومة، لذلك لا يجب أن يحاسب أحد الروس على علاقاتها مع إسرائيل أو استقبالها لنتنياهو، لكنها حليفة لسوريا، وفي هذه الأزمة السورية التقى الحلفاء. ويعد الملف السوري جزءًا من الحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله، فإسرائيل لا تتوانى عن اغتيال قيادات تابعة لحزب الله في سوريا، كما حدث مع الشهيد سمير القنطار، والشهيد جهاد مغنية، والشهيد مصطفى بدر الدين، حيث لا تغيب بصماتها عن العملية، وقبل أسابيع استهدفت المقاتلات الإسرائيلية مخزنًا للأسلحة قرب مطار دمشق، قالت إنه تابع لحزب الله، كما أن لحزب الله نشاطات عسكرية قرب الحدود السورية الفلسطينية كالجولان والقنيطرة، وهو الأمر الذي يزعج الكيان الصهيوني.