من شرفة قصره العلوي، يقوم الحاكم، اللواء أحمد بن بوريك، باستطلاع المكلا، وهو ميناء ورأس مال أكبر محافظة في اليمن، حضرموت. لم تصبح المحافظة مملكته بعد، ولكن بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لطرد تنظيم القاعدة، والذي استولى على المدينة في عام 2015، تم الإعلان عن عطلة رسمية واستضافة مؤتمر يطالب بالحكم الذاتي للمحافظة، حيث تم توزيع الصور واللافتات على الطرق السريعة في المدينة، ونظمت المسيرات العسكرية. بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي استولت في إبريل الماضي على الميناء نتيجة لهجوم بري وبحري، تضع هذه الدولة خريطة سياسية جديدة لليمن؛ لإخراجها بعد عامين من الحرب، حيث قال بوريك: لا يمكننا الانتظار حتى تتحرر باقي البلاد، ولكن إذا استمر الصراع لفترة أطول، فإن اليمن ستقسم إلى دويلات. إذا استمر الأمر كذلك، ستعود اليمن 139 عامًا إلى الوراء، حيث التقسيم والمشاحنات بين 14 مشيخة في جنوب اليمن، ولكن بعد انسحاب القوات البريطانية كوَّن الاشتراكيون في الجنوب إمبراطورتيهم الخاصة، كما أنهم جرموا من تواصل مع الشمال، ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي تواصل الجنوبيون مع الشماليين بشكل أوثق، وبعد 27 عامًا من التحالف القسري، تعود العواصف مرة أخرى، ويبحث الجنوب المدعوم من الإمارات عن الانفصال. الإمارات هي المسؤولة عن جنوب اليمن كجزء من التحالف الذي تقوده السعودية لهزيمة الحوثيين، حيث تمتلك على الأقل ست قواعد تشغيلية هناك. وبينما يلقي السعوديون القنابل من الجو، تنشر الإمارات آلاف الجنود على الأرض، فقد دربت نحو 30 ألف مقاتل يمني داخل وخارج البلاد؛ لمحاربة الحوثيين والقاعدة، وضخُّوا نحو ملياري دولار من أجل الحرب. يقول رياض ياسين، وزير الخارجية السابق وسفير اليمن لدى باريس، وكان في زيارة للإمارات: الجنوبيون لن يتم حكمهم مرة أخرى من صنعاء. الرئيس اليمني المعزول، عبد ربه منصور هادي، هو من محافظة أبين الجنوبية، ويحكم الأراضي التي يسيطر عليها الائتلاف، ولكنه غير قادر على السيطرة على وحدة البلاد، ففي الجنوب وعند نقاط التفتيش لا يوجد علم الوحدة اليمني، ولكن فقط علم الجنوب. يسيطر هادي على البنك المركزي في البلاد، والذي يحتوي على نحو 1.6 مليون دولار، تمت طباعتها مؤخرًا في روسيا، ولكن هادي يواجه صعوبة في الحصول على عائدات النفط اليمنية من كافة أنحاء البلاد، وليس فقط حضرموت. تقع مدينة عدن على بعد 550 كيلومترًا في اتجاه الغرب، وهي أحد التحديات الأكثر إلحاحًا بالنسبة لهادي، فمنذ أوائل صيف عام 2015 حاول الحرس الرئاسي الإماراتي وحلفاؤه من اليمنيين طرد المتمردين، وبالفعل استولوا على المدينة منذ أربعة أشهر، والآن يسكن ابن هادي في القصر الرئاسي بعدن، ولكن باقي المدينة لا تزال تحت سيطرة المحافظ عيدروس الزبيدي، والذي تتجاوز سلطته الرئيس. يحاول الإماراتيون إصلاح وترميم المدن التي يسيطرون عليها، وإعادة ترميم المدارس؛ ليتمكن الأطفال من الذهاب إليها، إلا أن حالات الخطف وإطلاق النار تمنع من ذلك. يحافظ الانفصاليون الجنوبيون على النظام هناك، حيث يقف الشباب حاملي الأسلحة على طول الطرق، إلا أنه تم تفجير المكتبة الوطنية في عدن، بجانب اغتيال حاكمها السابق، ونجاه الحالي من محاولات متعددة. ينخفض الريال اليمني في مقابل الدولار الأمريكي، وتستمر الأسعار في الارتفاع، بجانب انتشار سوء التغذية في البلاد، وعلى الرغم من الاستثمار الإماراتي في الطاقة، إلا أن اليمن لا تتمتع بكهرباء جيدة، حيث انقطاع التيار الكهربائي معظم ساعات اليوم، بجانب رفض هادي دفع تكاليف الوقود. تعد عدن نموذجًا لبقية اليمن، ولكن يخشى الكثيرون من انفصالها نتيجة لعدم الاستقرار، وهذا سيؤثر على شبه الجزيرة العربية بأكملها، حيث وفقًا لمحلل إماراتي، قد تتحول إلى جنوب سودان جديد، ووفقًا لدبلوماسي بريطاني سابق في اليمن، فإن أول شيء لاستقرار المنطقة هو تعيين الحكومة الصحيحة، وهذا لم يحدث بعد. المصدر