آثار قرار وزارة الخارجية الأمريكية بالموافقة بتزويد قوات البيشمركة في إقليم شمال العراق بمعدات عسكرية تتجاوز قيمتها 295 مليون دولار جدلًا في الأوساط العراقية والعربية، لا سيما وأنه يتزامن مع دعوات كردستانية تطالب بالانفصال عن الحكومة المركزية في بغداد. وفي الأسبوعين الماضيين وسع الإقليم الكردستاني من نشاطه وتحركاته الدولية؛ في محاولة منه لحشد المجتمع الدولي للمساندة في خطوة تقرير المصير، فبالإضافة إلى زيارات الوفود الكردستانية لأوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية في الآونة الأخيرة لاستطلاع مواقف الدول الغربية بشأن الاستقلال، استقبل رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو جوتيريش داخل الإقليم، وأكد خلال اللقاء أن الإقليم مقبل على إستفتاء عام قريبًا؛ لتحديد مستقبله، ولإطلاع العالم وإعلامه بمطالب وقرار كردستان بشأن تقرير مصيره. وعلى الرغم من اطلاع العراق على إرسال الأسلحة الأمريكية لكردستان، إلا أن التوقيت يثير أسئلة حول موقف أمريكا من استقلال الإقليم عن العراق، لا سيما وأن مسألة تسليح الإقليم كانت محل جدل دائمًا بين واشنطنوبغداد في السنوات الأخيرة الماضية، خاصة بعدما وافق الكونجرس الأمريكي على قرار في العام قبل الماضي ينص على أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستدعم قوات البيشمركة في حربها ضد داعش بالسلاح والعتاد بشكل مباشر دون الرجوع إلى بغداد، قبل أن يعلق الكونجرس هذا القرار ويلغيه. وتمثلت الأسلحة الأمريكية التي من المفترض أن تصل إلى الإقليم قريبًا في معدات ستتضمن، 4400 بندقية إم 16 آي 4، و46 مدفع رشاش إم 2 كاليبر50، و186 بي كي سي نوع إم 240 بي، و36 عجلة همفي، و17 عجلة مدرعة همفي، بالإضافة إلى اسلحة ثقيلة ومدافع بعيدة المدى، بحسب وكالة الأمن القومي الأمريكية. وأضافت الوكالة أنها تتضمن أيضًا 12 مولد كهرباء لأغراض عسكرية من نوع 3 كيلوواط، بالإضافة الى الخوذ والسترات الواقية من الرصاص والتجهيزات العسكرية الأخرى، وأجهزة سونار إلكترونية؛ لكشف العبوات الناسفة وآثار الأسلحة الكيمياوية والمواد المشعة كالأسلحة الذرية والمواد المتفجرة الأخرى، وعددًا من العجلات الخاصة بكسح الألغام، والأجهزة الأخرى، مثل الجي بي إس الخاص والإس بي بس العسكري. وقالت وكالة التعاون الدفاعي الأمني الأمريكية إن تزويد الإقليم بالأسلحة يهدف إلى تجهيز كتيبتي مشاة وكتيبتي دعم بالمدفعية لقوات البيشمركة، مضيفة أن الكونجرس تلقى إخطارًا بالموافقة أول أمس الثلاثاء، وأن الإخطار لا يعني إتمام عملية البيع. ودائمًا ما دافع إقليم كردستان عن مسألة التسليح الأمريكي بدون الرجوع إلى بغداد، وهو أمر أغضب الأخيرة كثيرًا، حيث دافع نيجيرفان البارزاني رئيس حكومة الإقليم في وقت سابق عن هذا الأمر، قائلًا إن أمريكا كثيرًا ما أرسلت أسلحة إلى العراق، ومن ضمنها إقليم كوردستان، إلا أنها في النهاية لم تصل، مؤكدًا أن واشنطن تطمئن على وصول حصة الإقليم من الأسلحة إلى قوات البيشمركة مباشرة. وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نشرت مقالًا تحليليًّا مدعمًا بالخرائط بناء على مراكز أبحاث أمريكية، في عددها الصادر يوم السبت 28 سبتمبر 2013، أشار إلى تقسيم منطقة الشرق الأوسط إلى 14 دولة، أهمها إعلان دولة كردستان، التي ستتوحد أجزاؤها. ويشير المراقبون إلى أن الموقف الأمريكي واضح من استقلال الإقليم، فعلى الرغم من عدم التصريحات والتأكيدات المباشرة على دعم هذا الأمر، إلا أن ما يتم من خطوات يؤدي إلى تقوية الإقليم عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا لإعلان الاستقلال، وهذا ما كشفه رئيس الإقليم في وقت سابق، عندما أكد أن هناك موافقة أمريكية لإقامة دولة كردستان، وأن هناك اتفاقًا مع الجانب الأمريكي على إبقاء قوات البيشمركة الكردية في المناطق التي استعادتها من سيطرة تنظيم داعش في الموصل. لكن وضح سكرتير "الحزب الديمقراطي الكردستاني" فاضل ميراني أن «الدور الأمريكي في مسألة استقلال الإقليم يركز على مسألة إنهاء أي تحركات إقليمية قد تثير زعزعة المنطقة بما فيها إسرائيل، لكن هذا لا يعني أن الولاياتالمتحدة سوف تقف ضد رغبة إقليم كردستان في الاستقلال، وربما سيكون من المفيد جدًّا نشوء دولة جديدة في الشرق الأوسط، تكون حليفة للولايات المتحدة بدرجة أساسية، لكن ما هو معلن رسميًّا يتمثل في الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية.