أشارت إدارة ترامب إلى أنها ستزيد من دعمها للحرب السعودية ضد مقاتلي حركة أنصار الله في اليمن. الحرب التي تقودها السعودية والتي بدأت قبل عامين لم تحقق شيئا يتجاوز قتل الآلاف، وتدمير الكثير من البنية التحتية في اليمن، ودفع الملايين إلى حافة المجاعة وتمكين تنظيم القاعدة. وأظهرت تلك الحرب أن القوات المسلحة الممولة بشكل فخم من السعودية هي نمر ورقي غير قادر حتى على تحصين حدود بلاده الجنوبية مع اليمن. والآن بعد فشل السعوديون وحليفتهم الرئيسية، الإمارات العربية المتحدة، في هزيمة حركة أنصار الله المتحالفة مع الجيش اليمني، يريدون المزيد من الدعم من واشنطن. المبرر الذي يقدم لزيادة مشاركة الولاياتالمتحدة في حرب أهلية معقدة بشكل لا يصدق هو أن مقاتلي أنصار الله مسيطر عليهم ويتم تسليحهم من قبل إيران. هذا هو السرد الذي كان قائما منذ سنوات على الرغم من عدم وجود دليل واضح على أن أنصار الله – الذين هم متجذرون بعمق في السياق الاجتماعي والثقافي اليمني – يتبعون أوامر إيرانية. في الآونة الأخيرة، سلطت وسائل الإعلام الأمريكية والدولية الضوء على التقارير التي أعدتها شركة مسجلة في المملكة المتحدة تسمى بحوث الصراع المسلحة (كار). ويتم تقديم تلك التقارير الهزيلة، التي اعتمدت بشكل كبير على مصادر من داخل القوات المسلحة الإماراتية، كدليل محدود على عمليات نقل الأسلحة الإيرانية المزعومة. وقد تضمن تقرير "كار" الصادر في مارس 2016 خريطة تبين عبور شحنات من الأسلحة الصغيرة يتم إرسالها من إيران إلى اليمن تمر عبر الجنوب اليمني. لكن اليمن الجنوبي تسيطر عليه قوات مناهضة لحركة أنصار الله إلى جانب تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. كما يقول آخر تقرير ل "كار"، الذي يستند أيضا إلى حد كبير على مصادر من داخل تلك القوى التي تعارض أنصار الله، إن الطائرات بدون طيار الإيرانية الصنع يتم تهريبها عبر عمان إلى مقاتلي أنصار الله والمتحالفين معهم. لكن حكومة عمان ظلت محايدة طوال النزاع ودعت باستمرار إلى تسوية تفاوضية للحرب في اليمن. ومن غير المحتمل أن تسمح سلطنة عمان بدخول طائرات بدون طيار إيرانية الصنع إلى البلاد، ومن ثم إلى خارجها. وكما هو الحال في جيشها، فإن أجهزة المخابرات العمانية تتمتع بقدرات عالية. وحتى لو هناك شك في أن إيران قدمت في بعض الأحيان مساعدة محدودة لأنصار الله، إلا أنه من المؤكد أنها لا تمارس أي سيطرة عليهم. وما تتجاهله هذه التقارير ومعظم وسائل الإعلام الدولية بشكل صارخ هو الكم الهائل من الأسلحة الخفيفة والثقيلة التي أرسلتها السعودية وحلفاؤها وتستمر في إرسالها إلى اليمن. الخطوط الفارقة بين القوات المناهضة لأنصار الله وتنظيم القاعدة من الصعب تميزها بشكل كبير، حيث على غرار سوريا فإن تلك المليشيات متأثرة بعناصر تنظيم القاعدة. وقد استفادت القاعدة – أكثر بكثير من أنصار الله – من تدفق الأسلحة إلى اليمن. وعلى مدى العامين الماضيين، جعلوا أنفسهم لا غنى عنهم في المناطق الأمامية المتنازع عليها بشدة مثل البيضاء وتعز. سيلعب مقاتلو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية دورا في المعركة القادمة لمدينة الميناء الساحلية اليمنية "الحديدة". هذا الميناء، الذي يسيطر عليه مقاتلي أنصار الله، هو شريان الحياة في شمال غرب اليمن. وكانت اليمن تستورد ما يزيد عن 90 % من غذائها قبل الحرب، كما أن 70% من واردات اليمن مرت عبر الحديدة. لذلك، قصفت السعودية الميناء ودمرت رافعاته. وعلى الرغم من قصف الميناء والحصار البحري الذي تفرضه السعودية، فإن الإمدادات الإنسانية التي تمس الحاجة إليها والغذاء لا تزال تدفق عبر هذا الميناء. الاستيلاء على ميناء "الحديدة" من شأنه أن يسمح للسعودية بتشديد قبضتها على البلاد من خلال تجويع الكثير من السكان لدفعهم إلى الخضوع. ومع ذلك، فشلت القوات السعودية والإماراتية في الاستيلاء على الميناء. هم بحاجة إلى مساعدة من الولاياتالمتحدة، ويبدو أنهما سوف يحصلا عليها، وربما تكون في شكل عدد محدود من القوات الأمريكية. بواسطة الدعم الأمريكي، ربما ستكون السعودية قادرة على السيطرة على مدينة الحديدة. ولكن السؤال الحقيقي هو: ماذا يأتي بعد ذلك؟ في تلك الأجزاء اليمنية التي تدعي القوات السعودية والإماراتية أنهما قاما بالسيطرة عليها، لا توجد حكومة حقيقية تعمل. وفي العديد من المناطق، تم ملأ الفراغ من قبل تنظيم القاعدة. ما هو مؤكد هو أن معركة الحديدة لن تكون نهاية الحرب في اليمن بل ستكون مجرد بداية فصل جديد أكثر شراسة بالنسبة لكل الأطراف المشاركة في هذا الصراع – وعلى الأخص الآلاف المدنيين اليمنيين الذين يراقبون أطفالهم ببطء يتضورون جوعا حتى الموت. وسوف يستمر أنصار الله ووحدات الجيش اليمني المتحالفة معهم في القتال. وحتى وإن تم أخذ الحديدة، التي من المحتمل أن تكون معركة مكلفة، لكنها ستكون مرحلة أقل صعوبة بالمقارنة مع مسيرة طويلة تصل إلى الجبال الوعرة في اليمن والأخاديد، التي الأفضلية فيها ستكون لمن يتخذون الجانب الدفاعي في الحرب. ومن المفارقات أن تركيز إدارة ترامب الضيق على تقويض إيران قد يجذب الولاياتالمتحدة إلى الانخراط في حرب أخرى يكون التحالف فيها مع تنظيم القاعدة. تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الذي تمت مساعدته كثيرا من قبل الحرب في اليمن، سوف يستفيد أيضا من زيادة مشاركة الولاياتالمتحدة. وسوف يستفيد من إضعاف حركة أنصار الله – التي هي العدو الشرس للقاعدة في اليمن. من خلال الاستمرار في السياسة المعيبة التي وضعتها إدارة أوباما، تخدم إدارة ترامب مصالح القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وبدلا من مساعدة السعودية، يجب على إدارة ترامب أن تعمل على إيجاد طريقة من خلالها تتمكن السعودية من الانسحاب من اليمن وفي نفس الوقت تحفظ ماء وجهها. هذا قد يسمح للمفاوضات بين الأطراف المتحاربة في اليمن أن تبدأ من جديد. ذي أمريكان كونسرفاتيف المقال من المصدر: اضغط هنا