رعم موقعها الفريد وقيمتها التراثية والأثرية، فإن قرية دهتورة زفتى لا تجد عينًا واحدة ترى ما بها من مشكلات مثمثلة في الصرف الصحي، حيث لم يتم إدخال هذا المرفق الحيوي لهذه القرية التي يصل عدد سكانها إلى أكثر من 30 ألف نسمة، كما تنتشر على ضفاف نيلها وفي شوارعها القمامة؛ لعدم وجود مشروع جمع القمامة من المنازل، بالإضافة إلى أزمات اختفاء اسطوانات البوتاجاز، وعدم توافر مدارس كافية لاستيعاب الطلاب بها، وكذلك الإهمال في الحديقة الرئيسية بالقرية والمطلة على النيل، والتي وضع عدد من البلطجية أيديهم عليها. تعد قرية دهتورة بمركز زفتى بمحافظة الغربية، إحدى أهم القرى؛ لشهرتها بوجود قناطر دهتورة، ذات الخمسين عينًا، والتي تقع على نهر النيل فرع دمياط، وأنشئت عام 1901 على بعد 2 كيلو من مدينة زفتى، وتقع في موقع جغرافي متميز، وجاذبة للكثير من المواطنين بسبب حدائق الري والحدائق العامة التي تجملها، بالإضافة إلى القناطر ذات الخمسين عينا يعاني سكانها العديد من المشكلات، من أهمها عدم الاهتمام بالمعالم الأثرية، وعدم وجود أماكن خاصة لجمع القمامة، وطالب سكانها المسؤولين بالاهتمام بالقرية حتى تعود كأحد المزارات السياحية. يقول محمد عبد العزيز من أهالى القرية: عندنا كنوز طبيعية وهبها الله لقريتنا، ورغم ذلك لا تستغل وتترك ليتم بناء العشوائيات وإلقاء القمامة ومخلفات المصانع في مياه النيل، مشيرًا إلى أن قريتنا في عهود سابقة كانت مزارًا سياحيًّا، والآن تعاني الإهمال، ولا تجد عينًا واحدة من الاهتمام، ويطالب بضرورة إعادة القرية لمكانتها السياحية، مما يسهم في إيجاد حلول واقعية لمشكلة البطالة، مبينًا أن الإنجليز وعائلاتهم عاشوا داخل القرية لسنوات على ضفاف النيل، ومساحة القرية تتخطى الخمسين فدانًا، ومنازلها مبنية على الطراز القديم الأثري، ومعالم الإنجليز مازالت كما تركوها ورحلوا، حتى الأشجار العالية وأبراج التأمين الخاصة بهم، مازالت شاهدة على حقبة الاحتلال الإنجليزي لمصر. وذكر الدكتور أحمد نعمان، بكلية أثار طنطا، أن دهتورة وقعت تحت الاحتلال الإنجليزى عام 1906، وأثناء تلك الفترة شرع المحتل في إقامة وبناء قناطر تشبه القناطر الخيرية، أطلق عليها قناطر زفتى، حيث يطلق عليها شعبيًّا «الخمسين عينًا»، التي تتحكم في مياه نهر النيل شمالًا، كما أنشأ الإنجليز، مدينة سميت بمدينة «المهندسون» لإيواء العمال الذين يقومون على بناء المشروع، حتى نجح، وتم افتتاح القناطر التي مازالت تعمل بكامل طاقاتها حتى الآن. وابدى الدكتور نعمان غضبه من إهمال الدولة بالمعالم الأثرية التي مازالت تحتفظ بطابعها الجميل، والتي تخطى عمرها قرنًا من الزمان، داعيًا محافظ الغربية إلى وضع القرية على الخريطة كي تصبح منطقة سياحية يأتي إليها الزوار من كل أنحاء العالم، وتوفر للدولة ملايين الدولارات سنويًّا إذا تغاضينا عن أكوام القمامة المنتشرة حولها الآن، والتي تصدم عين من يزورها علي الطبيعة، رغم أنها على بعد كيلومتر واحد من مدينة زفتي الشهير، التي أنجبت يوسف الجندي، القطب الوفدي الشهير، الذي أعلن استقلال مدينته عام 1919 وتقابلها على الطرف الآخر قرى الدقهلية، ومع ذلك كله تعاني أشد معاناة، ولا يهتم بتلك القرية وتاريخها أحد من المسؤولين. وقال علي الفيومي، عضو مجلس إدارة جمعية تنمية المجتمع بدهتورة: منذ أكثر من عام أغلق محافظ الغربية مقلب القمامة بزفتى بقرار عنتري لم نفهم له سبب، ومنذ ذلك التاريخ وجمعيات جمع القمامة بالقرى في حيرة: هل نوقف المشاريع أو نستمر إذا توقفنا سنعيش في القرى وسط تلال من القمامة، وتنتشر الأمراض، وإذا استمرينا فأين نلقى القمامة التى يتم جمعها يوميًّا؟ وللعلم يحول بعض الأهالى حقولهم لمقالب قمامة بالمخالفة لقوانين الدولة، لكنها غالية جدًّا على الجمعيات ولا تستطيع سداد الرسوم لصاحب الحقل، ولذلك نناشد السادة نواب مجلس الشعب عن دائرة زفتى لحل هذه المشكلة. ويؤكد حلمي عبد الله، من أبناء دهتورة، أن القرية تفتقد جميع الخدمات، وأنها سقطت من حسابات المسؤولين منذ مدة طويلة، حتى انتشرت أكوام القمامة، والجثث المتعفنة للحيوانات النافقة على ضفاف النيل، بدلًا من الأشجار والزهور، مطالبًا بضرورة إنشاء مشروع للنظافة والتطوير يهتم بهذه القرية الشهيرة، وكذلك ضرورة تحويل دهتورة لمزار سياحي لما بها من قناطر ذات تاريخ عريق، وموقع سياحي ممتاز. ويضيف عبد الله: القرية بها العشرات من مصانع الطوب الطفلي، ويعاني أصحابها بسبب ارتفاع أسعار السولار والمازوت، خاصة بعد فشل كثير من المصانع بالقرية في إدخال الغاز الطبيعي إلى تلك المصانع لتكلفته العالية، وناشد أبناء دهتورة اللواء أحمد ضيف صقر، محافظ الغربية، بوضع مطالب القرية في عين الاعتبار والعمل على حل مشكلاتها، والاستفادة من مواردها ومناظرها الجميلة في تحقيق موارد للقرية. من جانبه قال العميد محمد شوقي بدر، رئيس مركز ومدينة زفتى: بالفعل تم تشكيل لجنة من مجلس المدينة ومديرية الري والثقافة بالمحافظة لإعداد مخطط من أجل استغلال الموقع المتميز للقرية ووقوعها على شاطئ نهر النيل، ووجود معالم أثرية منذ فترة الاحتلال، والعمل على تطويرها وإظهارها بمظهر جمالي مميز، مشيرًا إلى أنه يهدف إلى إقامة مجتمع عمراني جديد بالمنطقة التي كان يقطنها الإنجليز، ويطلق عليها «المستعمرة» بصورة حضارية، مضيفًا أن هناك مُخططًا لإقامة عدد من المشروعات بالمنطقة ومجمع خدمات متكامل مع مواجهة مشاكل القرية كافة، مؤكدًا أنه يقدر ويعلم تمامًا مدى أهمية تلك القرية.