كل ما فعله الرئيس دونالد ترامب لكسب إشادة سياسية واسعة النطاق كان قصف دولة أخرى، ويبدو أن شهوة الحرب توحد القادة الجمهوريين والديمقراطيين. كان الرئيس ترامب قد أمر بتوجيه ضربة عسكرية على مطار الشعيرات العسكري في سوريا فجر الجمعة، مؤكدا أنها جاءت للرد على الهجوم بالأسلحة الكيميائية على المدنيين في خان شيخون. لكن إذا كان الرئيس الأمريكي جادا في تطبيق المبادئ الإنسانية، فإن هدفه القادم من المفترض هو المملكة العربية السعودية المسؤولة عن آلاف القتلى المدنيين في اليمن، مع حقيقة أن واشنطن متواطئة في ما يحدث في اليمن. بطبيعة الحال، نادرا ما كانت السياسة الخارجية الأمريكية تقوم على المبادئ، ومن المفارقات أن الرئيس ترامب عزز حقيقة انتقاداته للمؤسسة السياسية بواسطة الانضمام إليها. فبعد أن وعد بعدم تكرار أخطاء الإدارة السابقة في العراق وليبيا، أغرق أمريكا في حرب أهلية قاتلة ومتعددة الجوانب في سوريا. لسوء الحظ، كانت ضربات ترامب على المنشآت العسكرية السورية خطأ مأساويا يخاطر بالتورط الأمريكي المباشر في نزاع آخر في الشرق الأوسط لا يمكن الفوز فيه. أولا، كان الهجوم الأمريكي على سوريا غير قانوني، حيث يشترط الدستور الموافقة على الحرب من الكونجرس فكونك القائد العام للقوات المسلحة يسمح لك بالرد على الهجوم، وليس بدء أعمال هجومية. كما كان دونالد ترامب في عام 2013 قد قال إنه سيكون "خطأ كبيرا" إذا لم يحصل الرئيس أوباما على موافقة تشريعية لتنفيذ عمل عسكري في سوريا. ثانيا، لم يكن لدى الولاياتالمتحدة مصالح حيوية على المحك تستدعي استخدام القوة العسكرية. وبالنسبة لصانعي السياسات الأمريكية اليوم أصبح الجيش الملاذ الأول بغض النظر عن القضية المعنية. لكن الحرب تختلف اختلافا جوهريا عن أدوات السياسة الأخرى، وينبغي أن تكون مقتصرة على التهديدات الخطيرة إن لم تكن الوجودية المتعلقة بشعب أمريكا وسلامة أراضيها وحرياتها الدستورية وبقائها الاقتصادي. ولا شيء على المحك في سوريا يؤثر على أي من هذا. ثالثا، يبدو أن الرئيس الأمريكي اتخذ قراره بناءً على رد فعله العاطفي بعد رؤية صور من هجوم الغاز في خان شيخون. ولكن هذا هو أساس أحمق للسياسة الخارجية الأمريكية والسياسة العسكرية. فالعالم مليء بالرعب، بما في ذلك ما يقرب من نصف مليون قتيل حتى الآن جراء الحرب في سوريا. فإذا كانت الصور الفظيعة سببا كافيا لدفع الرئيس إلى اتخاذ قرار الحرب،ستكون الولاياتالمتحدة مشغولة جدا. رابعا، ذريعة هذا الهجوم الأمريكي هي تضخيم أخلاقي (بالتعبير الشعبي: يصنع من الحبة قبة). طالما أنهم لا يستخدمون الغاز، تم ترك القتل يجري في سوريا بصورة غير منضبطة. خامسا، يبدو أن الضربات الصاروخية مجرد نوبة غضب وليست جزءا من أي إستراتيجية أكبر. ولكن المشاركة في الحرب الأهلية الأكثر شراسة منذ سنوات من المرجح أن تؤدي إلى نتائج عكسية للغاية. وكان مسؤولو واشنطن قد اعتزموا دخول أفغانستانوالعراق وليبيا، وما زالت تلك الصراعات لم يتحقق فيها أي شيء بشكل جيد حتى الآن، وبالتالي من المتوقع أن التورط العسكري في سوريا سيكون أسوأ من ذلك. سادسا، الإضرار بالأسد يعزز قوة تنظيم داعش، حيث كان وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، قد أقترح أن تغيير النظام قد عاد مرة أخرى على الطاولة، على الرغم من التزام الرئيس الطويل بالعكس. والإطاحة بالأسد ستؤدي إلى اندلاع الجولة الثانية من الحرب الأهلية. وفي معظم الثورات، غالبا الذين ينتصرون في نهاية المطاف ليسوا "المعتدلين"، بل القوى الأكثر وحشية وتصميما مثل اليعقوبيين في فرنسا، وحركة ساندينيستافي نيكاراغوا. سابعا، إذا تعمقت المشاركة العسكرية الأمريكية، فإن احتمال حدوث نتيجة كارثية أخرى للتدخل الأمريكي سوف تشجع على حدوث تدخل أمريكي أكبر من أي وقت مضى من أجل هزيمة داعش، وحماية الأقليات الدينية، وتشكيل حكومة جديدة، وخلق الاستقرار، وطرد القوات الإيرانية، وقمع الطموحات الكردية، وتنفيذ أي مهام إضافية للجهات الحالمة في واشنطن. لذلك النتيجة بالنسبة للولايات المتحدة ستكون نزاع أوسع نطاقا وأكثر تكلفة. ثامنا، توفر الضربات الأمريكية دروسا دولية، ولكن في الغالب دروس خاطئة، حيث أشار السناتور الجمهوري ماركو روبيو إلى كوريا الشمالية وروسيا. فبيونج يانج تمتلك بالفعل القوة الرادعة والآن بعد الهجوم الأمريكي على سوريا أصبح لديها سبب أكبر للحفاظ على برنامجها النووي. موسكو أيضا ستكون أكثر ميلا للتلويح مجددا بقدراتها النووية لتذكير واضعي السياسة في واشنطن بأن الروس ليسوا "الأشخاص الذين يمكن العبث معهم"، وفقا لكلمات روبيو. كما أعلن الرئيس ترامب "إنني أتحمل الآن مسؤولية سوريا". لكن الحقيقة ليست كذلك، إنه مسؤول فقط عن الجمهورية الأمريكية ويجب عليه أن يبقي الولاياتالمتحدة خارج الحرب في سوريا. http://thehill.com/blogs/pundits-blog/foreign-policy/327958-with-syria-strikes-donald-trump-heads-into-wrong-war-in