من بين كل مواقع الغطس في العالم تحظى مدينة دهب المصرية بمكانة خاصة، فالمدينة التي تقع على ساحل البحر الأحمر وتبعد نحو 610 كيلومترات عن القاهرة، ونحو 100 كيلو عن شرم الشيخ، تتمتع بعدد من أشهر أماكن الغطس في العالم في منطقة "الكانيون"، وظلت لسنوات تستقبل مئات السائحين يوميا من كل أنحاء العالم، إلا أن الأحداث الأخيرة التي مرت بها مصر، أدت لإغلاق المكان ومنع الغطس به بحجة الدواعي الأمنية، ما أدى إلى توقف الرحلات. تعد منطقة "الكانيون" أهم المحميات الطبيعية في مصر، وتحكى عنها الأساطير، ويطلق عليها أيضا "مقبرة الغطاسين"، وتنقسم إلى 3 مناطق غطس رئيسية هي "البلو هول، والثري بلوز، ورأس أبو جلوم"، وتعتبر "البلو هول" أشهر مناطق الغطس في العالم وأخطرها، فهي حفرة شديدة الانحدار أمام الشاطئ وهي مقدمة لكهف سحيق تحت الماء، تكوّن عبر ملايين السنين بسبب اصطدام مذنب بالأرض في هذه النقطة، ولذا يطلق عليها "مقبرة الغواصين" حيث توفى بها المئات من الغواصين المغامرين بسبب رغبتهم في اكتشاف أماكن جديدة بكهف الأعماق، أغلبهم لم تستخرج جثته حتى الآن، ولهم نصب تذكاري على الجبل يأتيه ذوو المتوفين كل عام لإشعال الشموع وإلقاء الورود. محمود ربيع، مدرب غطس بمنطقة الكانيون ومقيم بدهب، قال ل"البديل" إن تجربة الغطس بالكانيون لا توصف إذ لا يضاهيها أي مكان في العالم، مؤكدا أنهم كانو يستقبلون أعدادا كبيرة يوميا من الأجانب ولكن مع الإجراءات الجديدة ولدواع أمنية فرضت السلطات قيودا على السياحة في المنطقة وأصبح الوصول إليها مستحيلا وتوقفت الرحلات، وهو ما يمثل خسارة كبيرة حيث كانت تدر على الدولة دخلا بالعملة الصعبة نظرا لكثرة رواد المنطقة وعشاقها من كل أنحاء العالم. ووصف ربيع تجربة الغطس الحر في البلو هول بالكانيون بأنها "متعة أكبر من متعة تجربة السقوط الحر بالمظلة" إلا أنه أكد على خطورتها وحاجتها لتدريب عالي المستوى وقد تكون مميتة، حسب قوله، ورغم تدريباته العالية فإنه لم يصل إلى الكهف ولم يغامر لأنه شاهد غطاسين عالميين ولهم أسماء عالمية لم يخرجو منه، فهي تمثل تحديا يشبه تحدي عبور مثلث برامودا، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن عمق الحفرة يبلغ 100 متر تقريبا وقطرها يزيد قليلا على 50 مترا، وتتميز بغناها بالأحياء البحرية والشعاب المرجانية بالغة الجمال، مما يجعل تركيبتها تمثّل إغراءً قويا للغواصين ودافعا لمحاولة اكتشافها. ويقول سليمان ربيع، سائق لنش بالمنطقة منذ 20 عاما، إن هناك نقطة شرطة بالمنطقة تعمل 24 ساعة، وقبل النزول للعمل أو الغطس تقوم بأخذ البيانات والأوراق والأغراض الشخصية، كما تقوم بتسليم أوراق وأغراض الغواصين لذويهم ومن خلال سفارات بلادهم في حال عدم عودتهم من الرحلة، مؤكدا أن العمل كان يتواصل على مدار الساعة لدرجة أنهم كانوا يضطرون لتأجيل حجوزات كثيرة لانشغال المنطقة ليل نهار، وأن المنطقة كانت تعج بالسياح حتى في أصعب أيام الثورة، أما الآن فالمنطقة خاوية لا يوجد بها أي سياح بسبب الإجراءات الأمنية الجديدة. ويقول أحمد إبراهيم، سائق سيارة دفع رباعي، إن المنطقة كانت تعج بالحركة، وكانت مهمته اصطحاب السائحين عبر الدروب والمدقات الجبلية إلى منطقة الكانيون، حيث كانت تعمل بالمنطقة أكثر من 20 سيارة على مدار الساعة طوال العام، أما الآن فلا توجد سوى 4 سيارات فقط بسبب الإجراءات الأمنية وقرار إغلاق المنطقة، وقال: "حتى السيارات ال4 التي من ضمنهم سيارتي لا تجد السياج لتنقلهم". وقالت شيماء السيد، صاحبة شركة سياحة وعضو بجمعية الغطس الدولية، إنهم كانو يستقبلون أفواجا سياحية من دول عديدة تأتي خصيصا إلى منطقة الكانيون المهمة والمعروفة عالميا والتي تعادل في شهرتها جبال الهملايا والأماكن الطبيعية الخطرة التي يعد التفوق فيها ضربا من الجنون يدخل صاحبه الموسوعات العالمية، فيما أكدت أن كافة الرحلات توقفت والحجوزات تم إيقافها، معربة عن أملها في إعادة السلطات ورجال الأمن النظر من أجل عودة السياحة للمنطقة التي تدر على البلاد العملة الصعبة. من جانبه، قال اللواء خالد فودة، محافظ جنوبسيناء، إن الدواعي الأمنية ومراعاة الإجراءات جزء أساسي من النشاط السياحي حتى لو أثرت بشكل جزئي على حركة السياحة فى الوقت الحالي، مؤكدا أن الإجراءات الأمنية لا بد منها حاليا وحتى الانتهاء من تطوير الأكمنة بداية من طابا حتى رأس سدر، وطالب المواطنين بالتحلي بالصبر للمرور من هذة المرحلة الصعبة في تاريخ الوطن مشيرا إلى رصد 38 مليون جنيه لتطوير أعمال رصف الطرق والإنارة بمدينة دهب، فيما طالب رجال الأمن بضرورة اليقظة من أجل الحفاظ على أمن وسلامة الوافدين والمواطنين.