حالة تلاسن يشهدها الوسطين السياسي والإعلامي، بدأت بمطالب النائب عصام الفقي، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، بتجميد مرتبات العاملين في مبنى ماسبيرو؛ بسبب ميزانيتها المرتفعة التي تبلغ 4.5 مليار جنيه سنويًا. وقال الفقي في تصريحات له، إن بعض الهيئات الاقتصادية أرهقت موازنة الدولة، مثل اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذي يبلغ أجور العاملين فيه 4.5 مليار جنيه في السنة، لافتا إلى محاولات لجنة الخطة والموازنة، إعادة جدولة الأجور، مؤكدا أن دور ماسبيرو الإعلامي لم يعد كما كان فى السابق، وبالتالي تهدر الدولة الكثير من المليارات على دعم ماسبيرو دون مقابل. واقترح أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، ألا تزيد مرتبات العاملين لمدة 4 سنوات مقبلة، وأن يتم تطبيق توازن بين الرواتب، بحيث لا نرى أن شخصا يتقاضى 30 ألف جنيه، وآخر يتقاضى ألف جنيه فقط، كما أنه يجب تطبيق الحدين الأقصى والأدنى للأجور، ووقف التحايل على هذا الأمر. على الجانب الآخر، رد إبراهيم العراقي، القائم بأعمال رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، في بيان صحفي شديد اللهجة، قائلا: "اتحاد الإذاعة والتليفزيون مؤسسة قوية وتستطيع الرد على كل من يتجاوز في حقها، ولكننا نربأ بأنفسنا من الدخول في صراعات وملاسنات، وليس ضعفاً ولا تهاوناً، ولكن حرصاً على مصلحة وطننا العزيز وإعلاء لقيم المهنية والموضوعية"، متابعا: "نرحب بالنقد البناء ونقبله بصدر رحب، ونرفض التجاوز والتطاول، واتحاد الإذاعة والتليفزيون مؤسسة مصرية أصابها ما أصاب جميع مؤسسات الدولة من هزات عنيفة في السنوات الخمس الماضية، ونحاول الإصلاح شيئاً فشيئاً، سواء من الناحية الإدارية والبرامجية". وأضاف العراقي أن إجمالى أعداد العاملين بالاتحاد يبلغ 34 ألف برامجياً وفنياً وإدارياً وعاملاً فى جميع قطاعات الاتحاد، والمخصص المالي للاتحاد شهريا 220 مليون جنيه؛ يتضمن الأجور وتكاليف الإنتاج وإصلاح وصيانة المعدات وتطوير الاستديوهات، مؤكداً أن ما يتم صرفه على تكاليف الخدمة الإعلامية وصل إلى 48 مليار جنيه حتى الآن، في حين أن المخصص الفعلي فى الموازنة لا يتعدى 12 مليار جنيه، ما يعني أن مستحقات ماسبيرو لدى الجهات الحكومية المختلفة تصل إلى 35 مليار جنيه مقابل الخدمة الإعلامية المؤداة، مختتما: "كفانا تلاسناً وخلافاً لا تنصبوا أنفسكم قضاة وجلادين دون أن تعرفوا الحقيقة". وقالت مرفت أبو حشيش، مدير برامج شبكة المحروسة "قنوات الصعيد" ل"البديل"، إن هناك حملة على الإعلام الوطني والتليفزيون المصري الذي يعد المدرسة والمعلم الأول للإعلام فى الوطن العربي أجمع، مؤكدة أن مبنى ماسبيرو يقدم خدمة إعلامية حيادية ومهنية ووطنية عن أي إعلام آخر؛ فلا يسير وفقا لأجندات أو يحيك المؤامرات، مثل المنتشرة في بعض الوسائل الإعلامية الخاصة، واصفة تصريحات بعض نواب البرلمان ب"غير المدروسة" وتستهدف ماسبيرو، وتهدد استقرار البلد، مضيفة: "كل دولة في العالم لها إعلام رسمي يمثل صوتها، وغير هادف للربح في تقديم محتوى خدمي وتوعوي للمواطنين، بعكس القنوات الخاصة، وماسبيرو ذاكرة الأمة، ويعتبر أحد كيانات الدولة السيادية، ومحاولة هدمه تفتح الباب لهدم غيره من المؤسسات الحساسة، مثل المخابرات". ووجهت أبو حشيش تساؤلا لرئيس البرلمان، الدكتور علي عبد العال وأعضاء المجلس: من شكل وعيكم الثقافي والإعلامي والفني والتاريخي وهويتكم المصرية على مدار سنوات عمركم؟ أليس التليفزيون الوطني، ومن يضع الآن سيارة بث مباشر وحي من داخل البرلمان لنقل جميع أنشطته وجلساته وقوانينه لتقديم خدمة إعلامية للمواطن في جميع المحافظات؟ موضحة أن الرئيس جمال عبد الناصر، عندما أصدر قرارا بإنشاء المبنى ليضاهي التليفزيون الروسي وهيئة الإذاعة البريطانية، كان يعي جيدا خطورة الإعلام ودوره في بناء الدول والحفاظ على هويتها وثقافتها، مطالبة أعضاء مجلس النواب بوقفة مع النفس في التعامل مع جهاز مهم وخطير مثل ماسبيرو. وعن التقارير التي تعكس انخفاض معدلات المشاهدة لقنوات ماسبيرو، قالت أبو حشيش: "نعترف أن هناك مشكلات يعاني منها ماسبيرو، مثل غيره من مؤسسات الدولة، لكن هذا لايعني هدمه والقضاء عليه، خاصة أن المبنى يتمتع بكفاءات شديدة الاحترافية وخبراء وفنيين ومهندسين ومخرجين ومذيعين في جميع القطاعات يسعون دائما إلى التطوير"، مؤكدة أن الإصلاح يأتي من داخل البيت، والكل يعمل داخل ماسبيرو من أجل تقديم خدمة إعلامية تتمتع بمصداقية وأمانة ومهنية. وقالت منال ماجد، مدير إدارة المرأة والطفل بإذاعة صوت العرب، إن تجميد رواتب العاملين بماسبيرو، ليس حلا، لكن لابد من طرح خطة للتطوير وفتح حوار حقيقي مع القيادات والعاملين بالمبني، في إطار لجان الاستماع بالبرلمان لطرح رؤية استراتيجية لتطوير المبنى العريق، مضيفة ل"البديل" أن ماسبيرو يمتلك من الأصول والبنية التحتية ما تكفي لتطويره، بل المنافسة القوية على الساحة الإعلامية، خاصة أن جميع العاملين به مع إعادة الهيكلة والنهوض بالمبنى، والمبنى قادر بإمكانياته الهائلة تغطية نفقاته ذاتيا، متابعة: "لا نحتاج دعما ماديا من الدولة، بل نحتاج إلى دعم لوجيستي وإدارى يدفع حركة التطوير إلى الأمام".