مازال رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، صاحب ال82 عاما يراهن على المفاوضات مع الصهاينة على حساب أي خيارات أخرى، ويبدو أن عباس مازال يراهن على أن الذئب الأمريكي والثعلب الإسرائيلي لن يلتهما قطيعه السياسي المفاوض. فبعد تلقيه اتصالا، قبل أيام، من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وتأكيدات أمريكية بدعم جهود السلام، من المفترض أن يصل مبعوث الرئيس الأمريكي جيسون جرينبلات إلى رام الله، اليوم، للقاء عباس، ليرتب معه اللقاء المزمع مع ترامب في واشنطن. وسيلتقي جرينبلات الرئيس الفلسطيني بعدما كان قد التقى، أمس، رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ويسعى المبعوث الأمريكي خلال جولته إلى "جس نبض" مواقف عباس ونتنياهو حول استنئاف عملية السلام. شروط عباس أبو مازن، الذي لا يقف، في الأساس، على أرضية متينة بسبب عدد من الخلافات سواء داخل حركة فتح، أو خلافه مع محمد دحلان، المدعوم من قبل الرباعية العربية التي تضم كلًا من مصر والسعودية والإمارات والأردن، أو خلافاته مع حركة حماس وحالة الانقسام الرهيبة بينهما، يريد أن يملي شروطه على دولة الاحتلال، ووفقًا لمصادر فلسطينية، "فإن السلطة الفلسطينية مستعدة للعودة إلى مفاوضات مباشرة مع الكيان الصهيوني، بشروط وقف الاستيطان، وإطلاق سراح دفعة من الأسرى الفلسطينيين القدامى متفق بشأنها سابقًا، وبدء مفاوضات لقضية ترسيم حدود 67 بعد تعهد أمريكي صهيوني بحق الفلسطينيين في دولة ضمن هذه الحدود، وتحديد سقف زمني لإنهاء هذه المفاوضات". وعلى كل الأحوال فإن هذا الكلام يعني أن أبو مازن، لا يفرض شروطه على تل أبيب، بل تنازل عن شروطه السابقة إذ كان عباس يشترط آلية دولية عن طريق المفاوضات غير المباشرة وتحت مظلة دولية لإحياء عملية السلام بالشرق الأوسط، لكن نتنياهو رفض ذلك جملة وتفصيلًا، وأصر على مفاوضات مباشرة مع السلطة الفلسطينية، وهو الأمر الذي تحقق له. وفيما يتعلق بالجانب الأمريكي، يبدو أن أبو مازن يتمسك بمن قرر التخلي عنه، ففي إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، رفض جون كيري وزير الخارجية الأمريكي السابق مصافحة عباس، إلا أنه لم يقطع الاجتماع معه، وكان يعول على جهود الدبلوماسية الأمريكية، بالرغم من أن واشنطن قدمت في عهد أوباما أكبر منحة مساعدات عسكرية للكيان الصهيوني. حال أبو مازن، لا يختلف في عهد الرئيس الأمريكي الجديد، فعباس قال أمس، إن ترامب أكد له التزامه بجهود السلام الإسرائيلية – الفلسطينية، خلال مكالمة هاتفية وصفها ب«البناءة»، وقال إنه سيلتقي ترامب في البيت الأبيض «قريبا»، وفيما يبدو فقد قرر التغاضي عن تصريحات ترامب عندما كان نتنياهو بضيافته، والتي قال فيها إن حل الدولتين ليس السبيل لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مشيرا في الوقت نفسه، إلى أنه سيعمل لتحقيق السلام بين الجانبين. وقتها أكد البيت الأبيض، أن واشنطن لن تصر بعد الآن على حل الدولتين، الذي يعتبره المجتمع الدولي مبدأ أساسيا للحل، وأنه لن يملي بعد الآن شروط أي اتفاق سلام محتمل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما أن عباس، بعودته للحضن الأمريكي عن طريق وساطتها في المفاوضات، يحاول أن يتناسى أن ترامب من أكثر الرؤساء الأمريكيين انحيازًا لإسرائيل، وأكثرهم مطالبة بضرورة نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. طلبات نتنياهو إذا كان عباس يريد الحديث عن ضرورة وقف الاستيطان، فإن نتنياهو يسعى للحصول على موافقة مبعوث ترامب الذي التقاه لإقامة مستوطنة جديدة، والحصول على موافقة أمريكية لبناء مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، كتعويض لسكان بؤرة عامونا الاستيطانية التي تم إخلائها. فوفقا لتقرير في القناة الثانية العبرية، سوف يقدم نتنياهو لجيسون غرينبلات، مخططات لمستوطنة جديدة في الضفة الغربية، التي وعد سكان عامونا بها قبل إخلاء البؤرة بأمر محكمة، مقابل إخلائهم بشكل سلمي. وينوي نتنياهو طرح إقامة المستوطنة الجديدة، التي سيطلق عليها ايم "غلوت تسيون"، بين مستوطنتي "شيلوح" و"شفوت راحيل" في مركز الضفة الغربية، ولكن نظرا لحساسية مسألة إقامة أول مستوطنة جديدة منذ أكثر من عقدين، سيحاول رئيس حكومة الاحتلال عرض "غلوت تسيون" على غرينبلات كمستوطنة "بديلة" لعامونا، وليس مستوطنة "جديدة". ووفقا للتقرير، فإن موقع "غلوت تسيون" يشير إلى استعداد حركة الاستيطان لتقسيم الضفة الغربية إلى كتل شمالية وجنوبية. وقبل حوالي شهر، تعهد نتنياهو لمغتصبي عامونا أنه سوف يقيم أول مستوطنة جديدة في الضفة الغربية منذ 25 عاما، وتعهد أن البناء سوف يبدأ في آخر شهر مارس كحد أقصى.