انتصرت الحرب الباردة في العديد من الأماكن، بما في ذلك تلك المدن الشاطئية، التي كانت موطنًا لمؤسسة راند كورب، حيث تأسست في عام 1948، لخدمة البحث والتطوير العسكري والمشتريات، والتفكير الاستراتيجي بشأن الأسلحة النووية، في سياق مسابقة الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي، لكن بعد سبعة عقود تفكر الآن في التهديد النووي الذي أنشأته. وزير الدفاع جيمس ماتيس حين قال إن استخدام كوريا الشمالية للأسلحة النووية من شأنه أن يدفع الولاياتالمتحدة للرد الفعال والساحق عليها، لم يؤكد أن الرد سيكون نوويًّا، لكن إلى حد كبير من الممكن أن يكون كذلك. وفي مطلع يناير الماضي، قال الزعيم الكوري، البالغ من العمر 33 عامًا، كيم جونغ أون: إن نظامه كان في المرحلة الأخيرة من الأعمال التحضيرية؛ لاختبار إطلاق صاروخ عابر للقارات، وربما قادر على الوصول إلى سواحل غرب الولاياتالمتحدة، وردًّا عليه، في 2 يناير، كتب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على تويتر «لن يحدث ذلك»، وبذلك ربما قد رسم ترامب الخط الأحمر للعلاقات بين البلدين، ولكن عليه التعلم من أخطاء سلفه. تهديدات ترامب وقوله ذلك ربما تمنع كوريا الشمالية من التعلم من تجاربها، مثل تجربة إسقاط الصاروخ. لدى الولاياتالمتحدة نحو 30 صاروخًا أرضيًّا اعتراضيًّا في فورت غريلي في ولاية آلاسكا، وغيرها في قاعدة فاندنبرج الجوية في كاليفورنيا، تهدف هذه الصواريخ الصغيرة للتعامل مع إطلاق النار من قبل العدو، سواء المتعمد، أو التصدي لهجوم الترسانات النووية الصغيرة، مثل التي تمتلكها كوريا الشمالية. في عام 2006 أوصى وليام بيري، الذي كان وزير الدفاع لبيل كلينتون وآشتون كارتر، الذي كان وزير دفاع أوباما، بتدمير الولاياتالمتحدة المحاولات والاختبارات الصاروخية كافة وتدمير قواعد كوريا الشمالية، لكن القدرات الانتقامية لكوريا الشمالية كبيرة، حيث الصواريخ القادرة على إلحاق أضرار كبيرة في الضواحي الشمالية لعاصمة كوريا الجنوبيةسيول، بالإضافة إلى إطلاق الصواريخ البالستية على اليابان، بالإضافة إلى الحرب الإلكترونية، وقوات الكوماندز القادرة على التخريب. ربما الاستعدادات لتوجيه ضربة ضد كوريا الشمالية من الولاياتالمتحدة وحلفائها قد تستفز كيم ليوجّه ضربة أولى ضد سيول والقوات الأمريكية في كوريا الجنوبية، وقد تحدثت كوريا الجنوبية علنًا هذا العام عن إنشاء فرقة جديدة عسكرية، تحتوي على نحو ألفي جندي، مهمتهم القضاء على قيادة كوريا الشمالية في حالة الحرب. يقول العديد من الخبراء: التهديد بشن كوريا الشمالية لهجوم بصواريخ عابرة للقارات ضد الولاياتالمتحدة أمر مبالغ فيه، وهذا الرأي يفترض أن كيم ليس انتحاريًّا، وأنه يقدس حياته وبقاء أسرته وكوريا الشمالية فوق كل اعتبار، وبالتالي انتقام الولايات المؤكد في حال حدوث هجوم يمنعه من البدء بمثل ذلك الهجوم. وهذه تعتبر حججًا موثوقًا بها، لكن لا يمكن إثباتها أو نفيها، على أي حال ستكون الولاياتالمتحدة أكثر أمانًا، إذا لم يمتلك كيم القدرة على إطلاق الصواريخ النووية. وهناك مخاطر جدية أخرى، وتشمل التهديد المتزايد لحلفاء وقوات الولاياتالمتحدة في شمال شرق آسيا، مما أدى للتشكيك في الخطط العسكرية الحالية للدفاع عن كوريا الجنوبيةواليابان، كما زاد ذلك من الضغط على تماسك تلك التحالفات، فيما تشكك البلدان في استمرار قدرة أمريكا الرادعة، وقد تظهر أزمة سريعة التفاقم في العلاقات بين الولاياتالمتحدةوالصين، إذا ضغطت واشنطن على بكين لتضييق خناق العقوبات، بالإضافة لإرسال المزيد من القوات لشبه الجزيرة. يقترح سيف بانون، مستشار ترامب، أن تهديدات كيم تثير المشكلات، وعلى الولاياتالمتحدة تذكير الدولة الشمالية بزيارات الرئيس الصينيلكوريا الجنوبية، خلال الثماني سنوات الماضية، وتجاهله لكيم، وبالتالي تعتبره الصين غير مهم. ربما تقترب العلاقات الأمريكية الكورية الشمالية من الخط الأحمر، الذي يبدو أيضًا أنه سيستمر دون أي ضربات جدية، لكن استباق الأحكام بعد أسابيع قليلة من تولي ترامب الرئاسة أمر مبكر جدًّا، فعلينا الانتظار ومراقبة ما سيحدث. واشنطن بوست