كشفت الاحتجاجات التي عمت الولاياتالمتحدة حجم الفوضى التي تسبب بها مرسوم الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، ، الذي وقعه في 27 يناير، والذي تم بموجبه إلغاء عشرات الآلاف من التأشيرات في الأسبوع الماضي، حيث حظر على مواطني 7 دول ذات أغلبية مسلمة دخول الولاياتالمتحدة، وهو المرسوم الذي طعنت عليه المحكمة الاتحادية في ولاية فيرجينيا. مرسوم ترامب أثار الاضطرابات القانونية والسياسية خاصة في منطقة الشرق الأوسط، بما قد يعيد تشكيل التحالفات والأحقاد التاريخية في المنطقة، إذ ربما تنقسم الدول القومية إلى معسكرين، الدول المتضررة من الحظر، والمعفاة منه. يعبر المعسكر الأول عن غضبه، خاصة في إيرانوالعراق وليبيا، واتهمت الأخيرة واشنطن بالتميز العنصري، بينما اكتفى البعض بالصمت، أما في مصر والسعودية، الدولتين المتحالفتين مع الولاياتالمتحدة، فقد رفضتا التعليق، فيما دافعت دولة الإمارات عن القرار. ينذر منع سفر الدول المسلمة إلى الولاياتالمتحدة بموسم مقبل من اضطراب العلاقات مع واشنطن، ففي خلال الحملة الانتخابية، دعا ترامب للمنع الكامل لجميع المسلمين من دخول الأراضي الأمريكية، وخلال الأسبوع الأول من حكمه نفذ القرار بالفعل على جزء من البلدان المسلمة، ولم يضع اعتبارا للتداعيات الجيوسياسية. في هذا السياق، قال روبرت فورد، سفير الولاياتالمتحدة السابق في سوريا، والدبلوماسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، إن الأمريكيين لا يتصرفون من فراغ، وحين يتصرفون يتلقون ردود أفعال من القادة السياسيين الآخرين، والذين لهم قاعدتهم السياسية الخاصة بهم، ولكن في النهاية يقولون إنهم غير مهتمين بما سيحدث. يواجه حلفاء الولاياتالمتحدة في المنطقة خيارين، الأول هو قبول هذه السياسة التي تستهدف عشوائيا مواطني الدول العربية والإسلامية الأخرى، أو الاحتكاك مع الإدارة الأمريكية والإعراب عن تحفظاتهم تجاه الحظر، ولكن من غير المرجح أن تسلك الدول التي لم تتعرض للحظر الطريق الثاني، فقط دولة قطر هي من انتقدت السياسة الجديدة، في حين سئل عبد الرؤوف الريدي، سفير مصر السابق لدى الولاياتالمتحدة، عن الحظر، فأجاب: هل من المفترض على مصر التعليق على كل شيء يحدث في الولاياتالمتحدة؟. تحدث ترامب، يوم الأحد الماضي، مع العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، إلا أن الأخير لم يعلق على قرار الحظر خلال المكالمة الهاتفية، أما وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد آل نهيان، فدعم سياسة ترامب قائلا: إن قرار الحظر غير موجه ضد دين معين، أما الحكومة اليمينية في إسرائيل فظلت صامتة، فقط علق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على قرار بناء سور على الحدود الأمريكية المكسيكية، مشجعا ترامب على بنائه، ولاحقا، اعتذر الرئيس الإسرائيلي لنظيره الأمريكي عن هذا البيان. يعكس قرار الحظر شخصية ترامب غير المتوقعة التي لا يمكن التنبؤ بها، والغامضة في بعض الأحيان. يقول اتش ايه هيلير، زميل بارز غير مقيم في المجلس الأطلسي والمعهد الملكي للخدمات في لندن: إنه عصبي، وهذه الصفة قد تستفز الجميع في أنحاء العالم، كما أنه يخلق مشاكل سياسة مثل مسألة منع دخول المسلمين، ولا أحد يعرف ما يعنيه ترامب، حتى إنهم يهرولون لمحاولة فهمه. ويضيف: تخيل أنك تجلس في إحدى وزارات الخارجية، هل يمكنك إيجاد الفرق بين دونالد ترامب الحقيقي والشخص الذي يغرد على تويتر، هل هناك فرق، وأين الحكمة في السياسة، هكذا ينظر كثير من الناس إلى هذ الأمر؟. إذا كانت السياسة الأمريكية الجديدة تحديا لحلفاء الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط، هي أيضا تعطي فرصة لمعارضيها، وفي العراق، هناك فرصة أكبر لدخول إيران إليها بشكل أوسع، كما أن الإرهابيين يمكنهم استخدام خطاب سياسة ترامب ضد المسلمين لجذب المجندين. هناك العديد من المخاوف التي يرسلها هذا المرسوم والخاصة بنهج البيت الأبيض تجاه العالم الإسلامي خلال الأربع سنوات المقبلة، خاصة مع وجود تاريخ طويل من العداء. يقول شادي حميد، وهو زميل بارز في معهد بروكينغز في واشنطن: السياسات الأمريكية الجديدة من المرجح أن تفاقم صورة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بشكل أوسع. تايم