تمر اليوم الذكرى ال95 لميلاد الممثل والمغني والمسرحي والمؤلف والمخرج عبد المنعم مدبولي، وهي الذكرى التي توجب علينا أن نذكر محطات بارزة في حياته الفنية، والتي تشكل جزءًا من ذاكرتنا حتى اليوم. هو "بابا عبده" الذي ربى جيلا وراء جيل من الأطفال، والكوميديان الذي تخرج على يديه نجوم الكوميديا، كان أبرزهم عادل إمام، سعيد صالح، يونس شلبي، محمد صبحي، والأب والمعلم في العديد من الأدوار التي لا تزال خالدة في ذاكرة السينما المصرية والشاشة الصغيرة. المسرح في حي باب الشعرية، ولد عبد المنعم مدبولي، يتيمًا، يوم 28 ديسمبر عام 1921، ينتمي لبيت فقير، وظهرت موهبته وهو فى المدرسة الابتدائية؛ مما مكنه من قيادة فرقة المسرح المدرسية، ليمارس التمثيل وهو في مرحلة مبكرة من عمره، والتحق بكلية الفنون التطبيقية، وعمل مدرسًا بقسم النحت، وكان يكتشف المواهب التمثيلية من الطلاب داخل أسوار الكلية، وقرر استكمال مشوار التمثيل، فالتحق بالمعهد العالي لفن التمثيل العربي. انضم لفرقة "جورج أبيض"، وكان يمارس خلال عمله الكتابة والتأليف والتمثيل والإخراج، وذلك في كافة العروض المسرحية التي شارك فيها، ثم انتقل بعد ذلك إلى فرقة "فاطمة رشدي"، وتميز بكاريزما على خشبة المسرح أكسبته حب الملايين، وكونت له قاعدة جماهيرية كبيرة في مصر والوطن العربي. أسس مع زكي طليمات، فرقة "المسرح المصري الحديث" عام 1952 تحت اسم "المسرح الحر"، ومن أهم أعمالها "الأرض الثائرة، حسبة برما، خايف اتجوز، كوكتيل العجائب"، لينضم بعد ذلك إلى فرقة التليفزيون المسرحية والتي كان يترأسها السيد بدير، بعدها تولى فرقة "المسرح الكوميدي"، وأخرج عددًا من العروض، كما شارك في تكوين فرقة "الفنانين المتحدين". عبر مسيرة أكثر من 50 عامًا، بلغ رصيده على خشبة المسرح 120 مسرحية، من بينها "المفتش العام، السكرتير الفني، أنا وهو وهى، الناس اللي تحت، ريا وسكينة، بحبك يا مجرم، تفاحة يوسف، سوق الحلاوة، الفضيحة، زقاق المدق، مع خالص تحياتي، نمرة 2 يكسب، أنا نسيت نفسي، أولاد علي بمبة، الملاك الأزرق، العيال الطيبين، هاللو شلبي، السكرتير الفني، ذات البيجامة الحمراء، جوزين وفرد، لوكاندة الفردوس، الناس اللى تحت". السينما على الرغم من دخوله السينما في وقت متأخر في أواخر الخمسينيات، فإنه استطاع تقديم باقة من أفضل الأفلام المصرية، وذلك عقب مشاركته فى أول فيلم "أيامي السعيدة" للمخرج أحمد ضياء الدين عام 1958، لتتوالى الأعمال بالتزامن مع نشاطه المسرحي الذي لم ينقطع. واشتهرت شخصية "حسين"، الأب الحنون الذي قضى حياته في العمل من أجل أبنائه، والتي قدمها مدبولي خلال فيلم "الحفيد"، الذي جسد الأعباء التي يتحملها الآباء من أجل أبنائهم قبل وبعد الزواج. فيلم الحفيد لا يزال من أفضل الأفلام التي تتجمع العائلة بأكملها لمشاهدتها وتدور أحداثه حول عائلة حسين وزينب "كريمة مختار" و7 أبناء في مختلف مراحل التعليم ومشاكلهم اليومية. ومن أبرز أفلامه "مولد يا دنيا، إحنا بتوع الأوتوبيس، مطاردة غرامية، ربع دستة أشرار، عالم مضحك جدًّا، غرام في أغسطس، المليونير المزيف، أشجع رجل في العالم". في فيلم "عايز حقي" بطولة هاني رمزي، أدى مدبولي دورا لا يمكن أن يغفل، وهو دور أبو حسن الصياد، والذي كان يتحدث عن عواد الذي باع الأرض، وفقدها إلى الأبد. هذا الدور كان له أثر في تغيير مجرى أحداث الفيلم. اختتم مدبولي أعماله السينمائية عام 2005 مع أشرف عبد الباقي، في "أريد خلعًا"، والذي قام فيه بدور الزوج المخلوع بعد 47 سنة. على الشاشة الصغيرة، قدم مدبولي العديد من المسلسلات التي لقيت نجاحًا كبيرًا، من بينها "لا يا ابنتى العزيزة، أبنائي الأعزاء شكرًا، العائلة، ماما نور، زمن عماد الدين". ساعة لقلبك لا يزال هذا البرنامج هو الأقرب لنا جميعًا، فرغم مرور أكثر من 50 عامًا على بدايته، إلا أنه أحد أهم العلامات في تاريخ الإذاعة المصرية، حيث شارك فيه أبرز نجوم الخمسينيات، ومن بينهم الكوميديان عبد المنعم مدبولي، الذي كان ضمن فريق كتابة البرنامج هو ويوسف عوف، وأحمد طاهر، وأمين الهنيدي، وأنور عبد الله، ومحمد يوسف. حلقات البرنامج كان يتم تسجيلها وسط جمهور على المسرح، وأذيعت أولى حلقاته في عام 1953، وضم البرنامج كوكبة من نجوم الفكاهة في مصر، من بينهم فؤاد المهندس، ومحمد فرحات (صاحب شخصية الدكتور شديد) محمد عوض، وأمين الهنيدي، وخيرية أحمد، وفؤاد راتب، وأحمد الحداد. أغاني الأطفال ارتبط صوت العظيم عبد المنعم مدبولي، بكثير من الأطفال، عند مشاهدة برنامجه على القناة الثالثة بعد القرآن الكريم، حيث كانت تذاع أغنيته "كاكي كاكي كاكي كا البطة أطا الأنتيكا دلها أطا أنتيكا كاكاكاكا.. بطة متبطبطة تصحى آخر زقططة أحلى حاجة الزقططة كاكاكاكا.. أطا بطة مبقلظة بس ما هيش متعنطظة مش لذيذة العنطظة كاكاكاكا..كاكي كاكي كاكي كا البطة أطا الأنتيكا كل شوية بتقول كا كاكاكاكا"، وهي واحدة من أشهر أغانيه التي كانت تذاع بشكل يومي قبل البرنامج، وارتبطت بذكريات كثيرة مع أجيال الثمانينيات والتسعينيات. نظرًا لمواهبه المتنوعة، كون عبد المنعم مدبولي قاعدة جماهيرية عريضة ومتنوعة من الصغار والكبار، وذلك بصوته العذب وخفة دمه، وتمكن من مداعبة الأطفال وكسب قلوبهم، ومن أبرز أغانيه "توت توت، الشمس البرتقاني، كان فيه دبة وكان فيه دب، رجل تخطي ورجل تخطي، جدو عبده، أغنية عيد الميلاد – إش إش إش، لي لي كو، حلقاتك برجالاتك.. أغنية السبوع من فيلم الحفيد، الشاطر عمرو، دا دا دا". جوائز لم يكن لهذا المشوار الفني الطويل المليء بالأعمال الرائعة والرصيد الضخم الذي بلغ نحو 60 فيلمًا و120 مسرحية و30 مسلسلًا، بالإضافة إلى برامج الأطفال الإذاعية، لم يكن ليمر دون حصد العديد من الجوائز، فقد حصل على جائزة أحسن ممثل في السينما عن أفلامه "الحفيد" و"أهلًا يا كابتن" و"مولد يا دنيا"، وجائزة تكريم في مهرجان زكي طليمات، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وجائزة الدولة التقديرية عن مجمل أعماله. وقبل موعد تكريمه بيوم واحد بمهرجان المسرح المصري الأول، توفي الفنان عبد المنعم مدبولي، بمرض القلب، حيث تعرض لتوقف نبضات القلب مرتين خلال 24 ساعة، ليرحل عن عالمنا الساعات يوم التاسع من يوليو عام 2006، عن عمر يناهز الرابعة والثمانين.