كتب: أحمد الأنصاري- جمال عبد الحميد – عمار عبد الواحد – بسمات السعيد يواجه محصول البنجر العديد من التحديات التى تهدد زراعته بالانقراض، ويواجه زارعوه الكثير من المشاكل وعلى رأسها ارتفاع أسعار مستلزمات زراعته، وعدم تطبيق الدورة الزراعية، وعدم تجميع المساحات المزروعة بالبنجر من خلال الجمعيات التعاونية، فضلا عن مشكلة تسويق المنتج الذى تتحكم فيه المصانع حيث ربطت سعر الطن ب400 جنيه فقط، رغم وصول سعر طن السكر فى السوق إلى 10 آلاف جنيه. 552 ألف فدان هي إجمالي المساحة المزروعة بالبنجر العام الحالى، يدخل مزارعوها في صراع مع وزارة الزراعة بسبب عدم وضع سياسات سعرية ملائمة تأخذ فى الاعتبار تحقيق هامش ربح عادل للفلاحين، مقارنة بأسعار وعوائد المحاصيل الشتوية المنافسة، على أن يعلن عنها قبل مواسم الإنتاج بفترة كافية لتشجيع الزارع، والتحكم فى عمليات وزن المحصول فى المصنع وتحديد نسبة السكر والشوائب، على أن تتم في حضور أصحاب المحصول بما يوفر الثقة بين المزارعين وإدارة المصانع. أبو العيون محمد، مزارع بنجر بأسيوط، قال ل"البدبل": "نعانى كل عام من سياسة مصانع البنجر التى تقوم بالتعاقد معنا بدايه من العام بدون تحديد متوسط سعر، ثم تحديد السعر وفقا ل"حلاوة" البنجر، إضافة إلى أن سائق المصنع لا يقوم بتحميل المحصول إلا بعد حصوله على مقابل مادي بدون وجه حق من المزارع حتى يقبل بنقل محصوله". وأضاف أن المصنع يحتكر وزن البنجر داخل المصنع ولا يتمكن المزارع من معرفة الوزن الحقيقي الخاص بمحصوله، ويقوم المصنع بوضع السعر الخاص به دون أى تدخل من المزارع وكل ما يمكن فعله هو الحصول على جزء من ثمن المحصول دون معرفة الحقوق الفعلية وبعد 4 شهور يحصل المزارع على المتبقى. وقال محمود منصور، مزارع بنجر، كنت أقوم بزراعة 5 أفدنة كل عام، والعام الحالى تركت البنجر بسبب الخسارة الفادحة التى أتكبدها كل عام والدخول فى صراعات ومشاكل مع مصنع بنجر السكر بالمنيا، والذي عمل على قتل الزراعة في المنيا وأسيوط بسبب سياسته في فرض الأسعار وعدم تحديد وزن المحصول قبل دخوله إلى المصنع، واستبدلته بزراعة بعض المحاصيل ذات الربحية العالية والتي لا تدخل ضمن نطاق الحكومة لا في التوريد ولا في الأسعار كالبصل الذي ارتفع سعره مؤخرا. وقال عماد عبيد، رئيس اتحاد الفلاحين المصري، إن مشكلة بنجر السكر في مصر تتمثل في قلة مزارعيه، نظرًا لطول فترة بقائه في الأرض والتي تقترب من 6 أشهر، وفي النهاية تكون إنتاجية الفدان الواحد ما يقرب من 25 طنا فقط، وهذه الكمية لا تغطي احتياجات الفلاحين في ظل ارتفاع مستلزمات الزراعة، فنجد أن مكسب الفلاح في تلك الحالة لا يتعدى 6 آلاف جنيه للفدان خلال نصف عام ولذلك بدأ العزوف عن زراعته. وأضاف عبيد، أنه يتوجب على الحكومة متمثلة في مراكز البحوث الزراعية العمل على تحسين زراعة البنجر من خلال تهجين السلالات، لتحسين إنتاجيتها، مشيرًا إلى أنه في تلك الحالة ستتضاعف إنتاجية الفدان مرة ونصف، وهنا يجد الفلاح المكسب الملائم له. وعن أهمية البنجر في حل أزمة السكر حاليًا، قال رئيس اتحاد الفلاحين، إن طن البنجر ينتج من 65 إلى 70 كيلو سكر، بينما ينتج طن القصب من 120 إلى 130 كيلو سكر، لذا فان القصب هو الأفضل إنتاجا، وإذا تمت عملية التهجين فمن الأولى أن تتم عملية التهجين والتطوير لمحصول القصب، مع توسيع زراعته بمساحات أفضل. وأضاف أنه يتوجب على وزارة الزراعة تغيير سياستها في التعامل مع الفلاحين، مشيرا إلى أن السبيل الوحيد للخروج من الأزمات الزراعية المختلفة تتمثل في عودة الدورة الزراعية الإجبارية للفلاحين، وتحديد الناقص من المحاصيل الاستراتيجية، بدلا مما يحدث الآن من "فوضى زراعية"، وما يترتب عليها من نقص الكثير من المحاصيل من حين لآخر، في حين تتوافر محاصيل أخرى بكميات كبيرة دون جدوى. وأكد خالد عبد المنعم مجاهد، نقيب عام الفلاحين الزراعيين على مستوى الجمهورية، أن وزير التموين رفض الطلبات المقدمة من لجنة الزراعة بمجلس النواب بشأن زيادة أسعار توريد بنجر السكر وقصب السكر لتتناسب مع زيادة تكلفة زراعة الفدان، وقام بتثبيت سعر توريد طن بنجر السكر ب400 جنيه وقصب السكر ب500 جنيه، ولكن قرر زيادة في ثمن الجرارات التي تنقل المحصول للمصانع. وأضاف مجاهد أن محصول بنجر السكر يزرع بمحافظات الوجه البحري أكثر من محافظات الوجه القبلي باستثناء المنياوسوهاج، متابعا أن محصول قصب السكر مهدد بالانقراض إذا لم تقم هيئة البحوث الزراعية باستنباط أصناف وعينات جديدة. وقال الدكتور أحمد يوسف، وكيل وزارة الزراعة بالمنيا، أن سعر توريد طن البنجر لمصنع سكر أبو قرقاص بلغ هذا العام 400 جنيه وهو مبلغ ليس مناسبا بالشكل المطلوب للفلاح لكثرة تكلفة إنتاج المحصول. وأضاف يوسف ل"البديل" أنه من المقرر زيادة سعر الطن هذا العام ل500 جنيه وذلك مناسب للفلاحين، مشيرا إلى أن كافة المساحات المزروعة بمحصول البنجر داخل المحافظة يتم توريد أكثر من 90% منها لمصنع أبو قرقاص، والكميات الباقية لمصنع الفيوم، مشيرا الى أن المنيا تزرع 30 ألف فدان بالبنجر سنويا، ومن المقرر زيادة الكمية في السنوات القادمة. وأكد يوسف أن إنتاج البنجر للسكر أكبر من القصب، إذ تنتج كمية 10 طن قصب ما يقرب من 800 كيلو سكر، بينما تنتج كمية 10 طن بنجر 1200 كيلو سكر، بالإضافة إلى قيمة البنجر الكبيرة فى إنتاج الأعلاف. من جانبه قال الدكتور محمد عبد الحفيظ، عميد كلية الزراعة بجامعة سوهاج وأستاذ الاقتصاد الزراعي، إن مساحة محصول بنجر السكر المزروعة على مستوى محافظات الجمهورية غير كافية للمساهمة في حل أزمة السكر، خاصة وأن بنجر السكر تجود زراعته في الأراضي الملحية والمستصلحة حديثا، مضيفاً أن مشكلة البنجر أنه لا يسوق إلا من خلال مصانع السكر، وبالتالي يكون إلزاميا علي الفلاح التعاقد مع المصنع بالمساحة التي سيزرعها قبل بداية موسم الزراعة والميعاد الذي سيسلم فيه المحصول نظرا لارتباط المصنع بطاقة استيعابية للتشغيل. وعن السعر الذي تتسلم به مصانع السكر محصول البنجر من المزارعين ودوره في زيادة المساحة من عدمه، أوضح عميد كلية الزراعة، أنه إذا تم تحسين سعر توريد البنجر للمصنع فإن المساحات المزروعة به في العام القادم سوف تتزايد وتساعد في حل أزمة السكر بنسبة كبيرة، وأكد أنه لا فرق بين السكر الناتج من محصول القصب والسكر الناتج من محصول البنجر، لافتاً إلى أن العائد من طن قصب السكر أعلى من العائد من طن بنجر السكر.