بعد أقل من شهر على تصنيف الخارجية الأمريكية لمصر «دولة آمنة» وبالتحديد في أواخر نوفمبر من العام الجاري، عادت أمس لتحذر رعاياها من السفر إلى كل من مصر والأردن، مخافة وقوع هجمات إرهابية. وأكد البيان تحذير الخارجية الأمريكية لرعاياها من تهديدات الجماعات الإرهابية، والأخذ بعين الاعتبار مخاطر السفر إلى مصر، مشيرة إلى أنه لأسباب أمنية تحظر البعثة الأمريكية في مصر على الدبلوماسيين السفر إلى الصحراء الغربية وشبه جزيرة سيناء خارج منتجع شرم الشيخ، وأنه على المواطنين الأمريكيين تجب السفر إلى تلك المناطق. ولم يكن هذا التحذير هو الأول، حيث نصحت في مطلع أكتوبر الماضي سفارات ثلاث دول في القاهرة، هي بريطانيا والولايات المتحدة وكندا، رعاياها بتجنب التجمعات الكبيرة والأماكن العامة. وقالت السفارة في بيانها: ينبغي على رعايا بريطانيا أن يتجنبوا قاعات الحفلات الموسيقية ودور السينما والمتاحف ومراكز التسوق والملاعب الرياضية في القاهرة، حتى التاسع من الشهر الجاري، وجاءت ذلك بعد تحذيرات مماثلة أصدرتها السفارة الأمريكية في القاهرة لرعاياها تنصحهم فيها بتجنب التجمعات الكبيرة والأماكن العامة، بسبب «مخاوف أمنية محتملة» يوم التاسع من أكتوبر. وقالت السفارة الأمريكية في رسالة إلى رعاياها: «ينبغي أن يكون المواطنون على علم بمحيطهم وممارسة احتياطات أمنية جيدة في جميع الأوقات». ثم عادت الخارجية الأمريكية لتحذيرها في أواخر نوفمبر الماضي، عندما أصدرت خريطة تصنف بها الدول الآمنة للسفر والسياحة في موسم الإجازات على مدى العام، واضعة مصر ضمن الدول الآمنة والمستعدة لاستقبال الرعايا الأمريكيين. وحذرت الخارجية الأمريكية، من زيارة دول القارة الأوروبية، لوجود تهديدات بتعرضها لعمليات إرهابية من تنظيمي داعش والقاعدة. وصنفت الخريطة التي نشرها موقع «إيندى 100» التابع للصحيفة البريطانية «ذى إندبندنت» كلًّا من السعودية وإسرائيل وتركيا ضمن الدول غير الآمنة، فما الذي اتضح للخارجية الأمريكية كي تحذر رعاياها من الذهاب إلى مصر، وجعلها تعدل عن الطمأنة السابقة بأن مصر من الدول الآمنة. قال اللواء حمدى بخيت، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، في تصريحات خاصة ل«البديل»: تلك التحذيرات متوقعة من الأمريكان، فهي دقيقة في توقيتها، حيث ذروة الموسم السياحي بجنوب سيناءوشرم الشيخ مع اقتراب أعياد الميلاد، مؤكدًا أنها تحذيرات تستهدف ضرب الاقتصاد المصري والسياحة في مقتل، الذي لا ينفصل عن الحرب النفسية العامة التي تمارسها أمريكا ضد مصر. وتساءل بخيت عن سبب اختيار أمريكاالأردن ومصر في هذا التوقيت، خاصة أن العالم كله ودول أوروبا وقبلها ألمانيا ذاقت الإرهاب قبل أيام قليلة ماضية، ولم نجد تحذيرا مماثلًا من الخارجية الأمريكية لرعاياها من السفر لألمانيا أو تركيا التي شهدت مقتل السفير الروسي على الهواء. وأكد بخيت أن أمريكا لن تكف عن سياستها المزدوجة والكيل بمكيالين تجاه مصر، لذا يجب أن تعتمد مصر على إمكانياتها وقوتها الدبلوماسية في ترويج صورة صحيحة عن الدولة بأنها آمنة ومستقرة، وأن الإرهاب يهدد العالم أجمع ومصر تحاربه بقوة. وأشار إلى أنه لم يطمئن يومًا لتصريحات وزارة الخارجية الأمريكية، حتى حين أصدرت منذ شهور بيانًا يرفع مصر من خريطة المناطق الخطيرة، ومنحها صفة الدولة الآمنة، مؤكدًا أن مصر عليها ألَّا تنتظر مثل تلك التصريحات لتبرهن لنفسها أنها دولة آمنة من عدمه، بل عليها أن تسير في طريقها لمكافحة الإرهاب بغض النظر عن رضا الأمريكان من عدمه. وعن دور وزارة الخارجية قال بخيت :عليها الاستمرار في التفاهمات الدولية على مستوى وزراء الخارجية، فضلًا عن تعاون مجلس النواب مع البرلمانات الدولية لتوصيل الصورة الدقيقة. من جانبها قالت الدكتورة هدى راغب، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، في تصريحات خاصة ل«البديل»: تحذيرات الخارجية الأمريكية منطقية بعد حادثي الكنيسة البطرسية وكمين الهرم، وخطورة دلالة الحادثين وقوعهما بالعاصمة وليس الأطراف. وأضافت أن معالجة وسائل الإعلام الحادثين دعمت مخاوف الإدارة الأمريكية التي استخدمتها ذريعة لتحذير رعاياها، موضحة أن جميع الاتهامات كانت موجهة للتقصر الأمني وعدم قدرته على حماية المنشآت الدينية والعامة. طالبت راغب بسرعة قيام وزارة الخارجية بدروها في توضيح الإجراءات الأمنية التي تتخذها الدولة والوسائل الجديدة لمكاقحة الإرهاب، وتتوقف عن أي تبرير للقصور الأمني؛ لتتمكن من كسب مصداقية الدول الغربية. وأشارت إلى أنه لا ينبغي عدم الاهتمام بتحذيرات الحكومة الأمريكية؛ لأنها بالغة التأثير على الشأن المحلي والدولي المصري، وتضرب صناعة شديدة الهشاشة وهي السياحة في مو اجهة تهديدات الإرهاب.