تقدم النائب تامر الشهاوي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، بمشروع قانون مراقبة التواصل الاجتماعي، أكد فيه ضرورة تجريم مستخدم تلك المواقع في أغراض غير مشروعة ومساءلته قانونيًّا، وطالبت اللجنة بالتعجيل للوصول إلى تصور نهائي لمشروع قانون يراقب نشاط الأفراد على مواقع التواصل الاجتماعي. ويتوافق المقترح إلى حد كبير مع رغبة الحكومة التي تريد فرض رقابة شاملة للنشاط الرقمي للمستخدمين، ليس فقط فيما يتعلق بالمحتوى العام، بل أيضًا محادثات ومراسلات الأفراد التي تتم عبر بعض التطبيقات الرقمية مثل «فايبر وواتس آب». كانت الحكومة ممثلة في وزارة الداخلية، أعلنت من قبل، عن إجراء مناقصة بطريقة الممارسة المحدودة، بهدف توريد وتشغيل برمجيات تهدف إلى مراقبة النشاط الرقمي على شبكة الإنترنت، في إطار تطوير استراتيجيتها من الرقابة المحدودة إلى المراقبة الشاملة لأنشطة مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي ومحادثاتهم ومراسلاتهم الشخصية، جاء المشروع الذي أعلنت عنه الوزارة تحت عنوان «مشروع رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي – منظومة قياس الرأي العام» والذي أعلن عنه بتاريخ 1/6/2014 من خلال تقرير نشرته صحيفة الوطن. ولم تنكر وزارة الداخلية ما نشرته الصحيفة، بل أكد أحد قيادتها في اتصال هاتفي مع إحدى القنوات التليفزيونية صحة الخبر المنشور، رغم دفاعه المستميت عن عدم مساس هذا المشروع بخصوصيات الأفراد أو حقهم في المعرفة أو التعبير. لم تكن تلك هي المحاولة الأولى من نوعها، بل جاءت محاولة أخرى من مجلس الوزراء في فبراير 2015، عندما طالب بتشكيل لجنة لإعداد مشروع قانون بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات برئاسة السيد وزير العدل السابق وعضوية الجهات الأمنية ولم يصدر قانون بشأنه حتى الآن. وتتكرر المحاولة من جديد للمرة الثالثة عن طريق السلطة التشريعية ممثلة فى النائب تامر الشهاوي والملقب ب«صقر المخابرات»، الذي أكد أن هناك حاجة ملحة لإصدار تشريع يجرم ويكافح الجريمة الإلكترونية، ويضيق الخناق على كل العناصر والكيانات من الوصول إلى أهدافها وإجهاض تحركاتها، ويختص القانون المقترح بمكافحة جرائم تقنية المعلومات وتنظيم حماية الفضاء الإلكتروني، ومكافحة الجريمة الإلكترونية وأمن الفضاء المعلوماتي والجرائم المعلوماتية. من جانبه، قال صفوت جرجس، مدير المركز المصري لحقوق الإنسان، إن مقترح قانون مراقبة نشاط الأفراد على مواقع التواصل الاجتماعي يتنافى بشكل صريح مع دستور 2014، ومواده التي كفلت حرية الرأي والتعبير، ومن ثم مقترح القانون يأتي مكبلًا للحريات ومخترقًا لخصوصية الأفراد. وأكد جرجس ل«البديل» أن دستور 2014 كان من أبرز الدساتير التي ألزمت الدولة بحماية الحياة الخاصة وحرية الفكر والتعبير، ما يتعارض مع مقترح مجلس النواب، ويحول الدستور إلى نصوص حبر على ورق، مضيفًا أن مكافحة الإرهاب تحتاج إلى برلمان يمتلك رؤية للقضاء على مثلث الجهل والفقر والتعليم الذي يشكل بيئة خصبة لنمو الإرهاب وانخراط الشباب في الجماعات المتطرفة، وتبني خطاب مستنير قادر على مواجهة الفكر بالفكر، وأعرب عن أن مصطلحات مثل الحفاظ على الأمن القومي التي يبرر بها أعضاء المجلس إصدار التشريع أصبحت مطاطة وغير مفهومة، وتستخدم كبوابة خلفية للقضاء على الأصوات المعارضة وتحجيم حركة النشطاء الذي تعتقد الدولة أنهم أعداؤها، مشيرًا إلى أن الإجرءات الاستثنائية ليست كافية وحدها لمحاربة الإرهاب والحفاظ على الأمن القومي، بل سيادة القانون هي الضمانة الحقيقية. وأوضح خالد داود، المتحدث الرسمي لتحالف التيار الديمقراطي: اقتراحات أعضاء لجنة الدفاع والأمن القومي معادية للحريات ومخالفة للاتفاقيات والمعاهدات الدولية كافة، التي التزمت بها مصر لصون حرية الرأي والتعبير، مؤكدًا أنه غير مندهش من هذا الاقتراح في ضوء مناخ سياسي وتشريعي يتجه نحو التضييق على الحريات، وكانت أكبر دلائله هو إصدار قانون الجمعيات الأهلية «قانون الصحافة والاعلام». وأضاف داود ل«البديل» أن اتخاذ البرلمان مكافحة الإرهاب ذريعة لسن تلك القوانين لن تحل الأزمة، بل تفاقمها، مؤكدًا أن مصر عاشت 30 سنة في حالة طوارئ تحت حكم مبارك، ومع ذلك لم تقض على الإرهاب، متابعًا أن قوانين مراقبة الإنترنت والسوشيال ميديا سيئة السمعة لا تستقيم مع التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم أجمع، خاصة أن مصر لديها ما يكفي من قوانين تجرم أي نشاط تحريضي تتم ممارسته على الإنترنت، كما جاء من نصوص في قانون مكافحة الإرهاب الذي تم إقراره في أغسطس 2014، وأن البرلمان بحاجة إلى تنقية ترسانة القوانين من أي عوار يتناقض مع الدستور الذي يكفل الحرية. تجدر الإشارة إلى أن المادة 54 نصت على أن «الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس» كما أكدت المادة 57 أن «حرمة الحياة الخاصة، وأنها مصونة لا تُمس، وأن للمراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلَّا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة». كما نصت المادة 65 على أن «حرية الفكر والرأي مكفولة، وأن لكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو بالتصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر»، مضيفًا أن حجة أعضاء المجلس بأن مراقبة الإنترنت وسيلة لمكافحة الإرهاب غير عملية ولن تحقق أي نجاح؛ لأن مصر أكبر دولة تمتلك ترسانة من القوانين ومع ذلك الجريمة مستمرة، والجماعات الإرهابية لا تعبأ بمراقبة نشاطها على السوشيال ميديا لوقف جرائمها.