لم يخطر ببال الفنان الراحل الضيف أحمد، أن يكون لاسمه نصيب كبير من حظه، فرغم النجاح الذي وصل إليه هو وثلاثي أضواء المسرح وقت رحيله، فإنه آثر أن يكون ك"الضيف" خفيف الظل الذي يرحل بعد أن يترك في نفوس ضيوفه أثرًا طيبًا، وأن تكون آخر مشاهده على المسرح، عشقه الأول والمكان الذي شهد انطلاقه وحقق فيه نجاحات كبيرة، هو مشهد موته ووضعه في تابوت، وكأنه كان يتدرب على مشهد رحيله الحقيقي. منذ أن وطأت قدمه الحياة، في مثل هذا اليوم بقرية تمي الأمديد التابعة لمحافظة الدقهلية، لم يتوقع أحد أن هذا الطفل ضئيل الحجم سيصبح ذا شأن كبير في التمثيل، جامعة القاهرة كانت بمثابة بداية طريقه لعالم التمثيل، ففيها كان مواظبًا على تنمية موهبته سواء بالإخراج أو المشاركة بالتمثيل، ليلفت نظر الفنان الكبير فؤاد المهندس، ويقرر أن يقدمه للجمهور معه عبر مسرحية "أنا وهو وهي" ويلفت انتباه الجمهور له. استحق الضيف، وعن جدارة، لقب الفنان الشامل، فبجانب موهبته التمثيلية والإخراجية كان يجيد التأليف والتلحين، فقد ألف فيلم "ربع دستة أشرار" الذي قام ببطولته الثنائي فؤاد المهندس وشويكار، كما أنه لحن جميع اسكتشات فيلم "30 يوم في السجن"، فضلًا عن إخراجه مسرحية "الراجل اللي جوز مراته"، ومسرحية "كل واحد وله عفريت". مع الثنائي سمير غانم، وجورج سيدهم، انطلق الضيف كالصاروخ عبر بوابة "ثلاثي أضواء المسرح"، حيث قدموا مجموعة من الأفلام والاسكتشات والمسرحيات التي جعلتهم في مصاف نجوم الستينيات منها "المتزوجون"، "أهلاً يادكتور" مسرحيًا، و"شنطة حمزة"، و"الزواج على الطريقة الحديثة" سينمائيًا، وغيرها من الأعمال التي حققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا. أما قصة وفاته فغلب عليها الطابع الدرامي، فقد عادت فرقة "ثلاثي أضواء المسرح" من الأردن بعد إحيائها حفل زفاف شقيقة ملك الأردن، وهناك شاهدوا عرض فيلمهم "المجانين الثلاثة"، وأصر الضيف أحمد، على أن تؤدي الفرقة بروفات مسرحية "الرجل اللي جوز مراته" التي كان من المقرر عرضها في اليوم التالي ليوم وصول الفرقة إلى القاهرة، وبالفعل استمرت الفرقة في تأدية البروفات حتى الواحدة من صباح يوم العرض. الغريب في الأمر أن دور الضيف، وهو مخرج المسرحية، كان هو الرجل الميت الذي سيوضع في تابوت في أحد المشاهد، وبالفعل أدى البروفة النهائية، ولدى عودته إلى المنزل شعر بضيق في التنفس، وطلب من زوجته نبيلة مندور، أن تطلب الطبيب الذي تأخر كثيرًا، واشتد به الألم حتى نقل إلى مستشفى العجوزة، حيث فاضت روحه وهو في طريقه إلى المستشفى، وكان ذلك في 16 أبريل 1970، ودفن الضيف وسط أهله في قريته تمى الأمديد بمحافظة الدقهلية. بموت الضيف فقدت "ثلاثي أضواء المسرح" ضلعا رئيسيا من أحد أضلاعها، ورفض الثنائي سمير غانم، وجورج سيدهم، استبدال الضيف بشخص آخر فانهار هذا الصرح الفني الكبير، وقد رثى سمير غانم الضيف أحمد، في أغنية "عزيزي الضيف أحمد" التي كتبها عصام عبد الله، ولحنها محمد هلال، وجاء فيها "عزيزي الضيف أحمد بسأل عنك كل ما بضحك، بس ما بيجيش الرد، كل ما بلمح حد وأصلك، أجري له ألقاه يتشد، بيني وبينك عندك أحسن، أروق، أنظف، لولا الرب علينا بيلطف، كنا زمانا بناكل بعض، بس بنضحك، نزعل نضحك، نفرح برضه نضحك، عزيزي الضيف أحمد ما أعرفش إذا كنت سامعني ولا ما عدتش تسمع حد، فاكر لما كنا نغني كنا نضحك طوب الأرض، بيني وبينك كل ما أدقق، أفكر، أمعن، بشعر إني خلاص ح أجنن، بس مافيش م المكتوب بد، وآهي أيام بتعدي يا ضيف، وح نتقابل بلا تكليف، ونقعد نضحك نضحك نضحك".