يتوجه رئيس الحكومة الجزائرية عبد المالك سلال، إلى المملكة السعودية، في زيارة رسمية خلال الأسبوع الجاري، في خطوة قالت وكالة الأنباء الجزائرية إنها تأتي بغرض تعزيز العلاقات الثنائية والتشاور حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، ولا سيما العربية منها، لإعادة الدفء بين البلدين، في وقت يؤكد متابعون صعوبة تحقيق نجاح كبير، على خلفية المساحة الواسعة من الخلافات التي شهدتها العلاقات في العامين الماضين. ويتصدر ملف النفط المناقشات بين سلال والمسؤولين السعوديين، حيث يعاني البلدان من وضع اقتصادي صعب نتيجة تهاوي أسعار النفط، وتسعى الجزائر إلى إعادة الاستقرار للسوق والنأي بالنفط عن الحسابات السياسية. أما الملفات الأخرى التي يبحثها سلال مع المسؤولين السعوديين فتتمثل في توضيح النقاط الخلافية في العلاقات بين البلدين والتي تسببت في فتور سياسي كبير خلال السنتين الأخيرتين، خاصة في الموقف من الحرب السورية واليمنية والتحالفين العربي والإسلامي، والتي أدت إلى تداعيات سلبية على الصعيد السياسي والاقتصادي. كما سيناقش رئيس الوزراء الجزائري النظر في إمكانية ترتيب زيارة للملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الجزائر خلال عام 2017، بعد دعوة كان قد وجهها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الملك، وسلمها وزير الدولة المستشار الخاص للرئيس الجزائري الطيب، خلال زيارته للرياض في أبريل الماضي. الخلافات الجزائرية السعودية بين الجزائر والسعودية الكثير من التباين في ملفات المنطقة أدى إل وجود خلاف صامت، ارتفع منسوبه خلال السنوات الخمس الأخيرة، وعلى الرغم من قوة العلاقات في عهد الرئيس هواري بومدين والملك فيصل، في سبعينات القرن الماضي، فإن موقف الرياض المساند للمغرب في قضية الصحراء كان له أثر سلبي في إحداث الخلاف بينهما منذ ذلك الحين، رغم اجتهاد البلدين في إبعاد هذا الملف عن التأثير على العلاقات الثنائية، إلا أنه بقي عالقا، ملفاً خلافياً لا يمكن الفكاك منه، حتى وإن حاولت السعودية، مرات عديدة، تقديم نفسها كوسيط لرأب الصدع بين الجارتين الجزائر والمغرب، وهو الأمر الذي كانت الجزائر ترفضه بدبلوماسية، بحجة أن العلاقة عادية بينها وبين جارتها الغربية، وأن قضية الصحراء في عهدة الأممالمتحدة. بعيدًا عن ملف الصحراء، اتسعت هوة الخلاف بين البلدين في ملفات عديدة بالمنطقة خلال السنوات الماضية، لا سيما بعد ثورات الربيع العربي، حيث تدخلت الرياض أكثر في ملفات المنطقة وذلك بالرغبة في إسقاط النظام السوري وتغيير موازيين القوى في اليمن وزيادة التشابك مع إيران، بينما كانت الجزائر بعيدة عن كل هذه التدخلات متبنية مواقف تجاه القضايا الدولية على أساس مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، فرفضت الجزائر الانخراط في التحالف العسكري العربي الذي قادته السعودية فيما يعرف ب"عاصفة الحزم" في اليمن، ووقفت رافضة موقف السعودية الداعي إلى تنحية الرئيس السوري بشار الأسد، كما وقفت عائقًا أمام مشروع سعودي بجامعة الدول العربية، يدعو لتنصيب بديل لممثل سوريا في الجامعة. ورفضت الجزائر مرارًا وتكرارًا التدخلات العسكرية في الخارج، حيث لم يسبق لقواتها العسكرية أن غادرت حدودها إلا في مناسبتين، هما نكسة 1967 وحرب 1973، نصرة للقضيتين، العربية والفلسطينية، في المقابل، تعلن الدبلوماسية الجزائرية أنها تسعى إلى الحلول السلمية وجمع الشمل وتعزيز مبدأ الحوار، بعيدا عن لغة السلاح. زاد في حدة الفتور في العلاقات بين الجزائروالرياض تباين المصالح في مجال الطاقة، فالجزائر تنادي، مع بعض دول "أوبك" الأخرى، بالحدّ من الإنتاج اليومي للنفط بغية إعادة التوازن إلى السوق المنهكة بتضخم في الإنتاج العالمي أدى إلى تهاوي أسعاره، وهو ما دعا وزير النفط الجزائري نور الدين بوطرفة، إلى سلوك منهج الدبلوماسية النفطية لتحقيق شبه إجماعٍ بين الدول المنتجة للنفط من داخل منظمة أوبك ومن خارجها. وتأتي زيارة رئيس الحكومة الجزائرية، عبد المالك سلال، إلى الرياض محاولة لإقناعها لتبني وتزكية قرار تجميد إنتاج النفط الذي اتخذ في اجتماع أوبك في الجزائر نهاية شهر سبتمبر الماضي، وتأكيده خلال الاجتماع المقبل ل"أوبك" في فيينا الشهر الحالي، وهو رهان رئيسي بالنسبة للجزائر للحفاظ على توازناتها المالية الداخلية، والتي اختلت بسبب انهيار أسعار النفط.