تنسيق الجامعات يفتح باب التحويلات للمرحلة الثالثة والدبلومات الفنية.. تعرف على الشروط والرابط    «استعلم مجانًا».. نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة 2024 علمي وأدبي فور إعلانها رسميًا (رابط متاح)    إيمان كريم تلتقي محافظ الإسكندرية وتؤكد على التعاون بما يخدم قضايا ذوي الإعاقة    ارتفاع أسعار الذهب في مصر بعد خفض الفائدة الأمريكية    تراجع بقيمة 220 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت الخميس 19 سبتمبر 2024 بعد التحديث الجديد    رئيس الحكومة اللبنانية يشيد بعمل الطواقم الطبية في حادثي تفجير الأجهزة اللاسلكية    شهيدان في قصف الاحتلال منزلًا لعائلة "شاهين" بمخيم جباليا شمال قطاع غزة    ارتفاع أعداد ضحايا الهجوم الإلكتروني بلبنان ل 20 قتيلا وأكثر من 450 جريحا    إسرائيل والإرهاب عن بُعد.. ما بين غزة ولبنان مأساة إنسانية بطلها الاحتلال    خبير عن تفجير "البيجر": حالة متقدمة من تحويل التكنولوجية إلى سلاح    إعلام لبناني: الطيران الإسرائيلي يشن غارتين على ‫بلدتي بليدا وميس الجبل جنوب البلاد    إبراهيم عيسى: إيران تشعل لبنان نارا ودمارا وتحرق اليمن وتدمر غزة    رابطة الأندية: لا مساس باللائحة و3 أندية ستصعد من المحترفين للممتاز    طلب هام من الأهلي بشأن جماهيره قبل مباراة جورماهيا    أهالي الحسينية بالشرقية يشيعون جنازة عروسة توفيت ليلة الحنة في حادث على طريق    كشف حقيقة فيديو لفتاة تدعي القبض على شقيقها دون وجه حق في الإسكندرية    مصدر أمني ينفي مزاعم جماعة الإخوان الإرهابية بانقطاع الكهرباء بمراكز الإصلاح والتأهيل    «هي الهداية بقت حجاب بس؟».. حلا شيحة تسخر من سؤال أحد متابعيها على التواصل الاجتماعي    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    كيفية تحفيز طفلك وتشجيعه للتركيز على الدراسة    السفر والسياحة يساعدان في إبطاء عملية الشيخوخة    أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد وتخلصه من السموم    محمد فاروق: هناك محاولات لإبعادي عن رئاسة لجنة الحكام    الكابينيت يعطي الضوء الأخضر لنتنياهو وجالانت للتحرك ضد "حزب الله"    عقب تدشينها رسميًا.. محافظ قنا ونائبه يتابعان فعاليات اليوم الأول من مبادرة «بداية جديدة»    صلاح التيجاني: والد خديجة يستغلها لتصفية حسابات بعد فشله في رد زوجته    حقيقة عودة إضافة مادة الجيولوجيا لمجموع الثانوية العامة 2025    حالة الطقس المتوقعة اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024 فى مصر    «طعنها وسلم نفسة».. تفاصيل إصابة سيدة ب21 طعنة علي يد نجل زوجها بالإسماعيلية    بعد أنباء عن التفاوض وقبول الدية.. شقيق زوجة ضحية أحمد فتوح يفجر مفاجأة    الخطيب يدرس مع كولر ملف تجديد عقود اللاعبين وأزمة الدوليين قبل السوبر المصري    الفنانة فاطمة عادل: دورى فى "الارتيست" صغير والنص جميل وكله مشاعر    أيتن عامر تحتفل بالعرض الخاص لفيلم "عنب" في الإمارات    ضمن فاعليات مبادرة "بداية".. محافظ قنا يبحث تنفيذ قوافل المكتبة المتنقلة بالقرى والنجوع    ثروت سويلم: كنا بحاجة لفترة انتقالية.. وسيتم الاستقرار على حافز لبعض الفرق    بخطأ ساذج.. باريس سان جيرمان يفوز على جيرونا في دوري أبطال أوروبا    قمة نهائي 2023 تنتهي بالتعادل بين مانشستر سيتي وإنتر ميلان    سيلتك يكتسح سلوفان براتيسلافا بخماسية في دوري أبطال أوروبا    صحة مطروح تقدم 20 ألف خدمة في أولى أيام المبادرة الرئاسية «بداية جديدة».. صور    «تصديري الهندسية»: 5.3 جنيه اجمالي صادرات القطاع العام الجاري بنهاية الربع الأخير    من الأشراف.. ما هو نسب صلاح الدين التيجاني؟    بحضور وكيل الأزهر.. مجمع البحوث وقطاع مدن البعوث يحتفلان بالمولد النبوي    كيف خفّض الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة إلى 5.00%؟    هيفتشوا وراك.. 5 أبراج تبحث في موبايل شريكهم (تعرف عليها)    أسماء جلال جريئة ومريم الخشت برفقة خطيبها..لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| مفاجأة صلاح التيجاني عن النجوم وحقيقة خضوع نجمة لعملية وتعليق نجم على سقوطه بالمنزل    الشاب خالد: اشتغلت بياع عصير ليمون على الطريق أيام الفقر (فيديو)    المغرب والجابون يوقعان مذكرة تفاهم في مجال التعاون القضائي    بعد كلمة شيخ الأزهر"عن المفاضلة بين الأنبياء".. الأزهر للفتوى يحذر من اجتزاء الكلمات من سياقها بغرض التشويه    موعد قرعة الهجرة إلى أمريكا 2025.. تعرف على آخر فرصة للتسجيل    بالصور.. محافظ أسوان يشهد حفل تخريج دفعة جديدة من الأكاديمية البحرية    سعر الفراخ البيضاء والبانية وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024    محافظ القليوبية يكرم المتفوقين في الشهادات العامة بشبرا الخيمة    خالد الجندى: عدم الاهتمام بإراحة الجسم يؤدى لاضطراب الصلاة والعبادات    حكم الزيادة التى يأخذها الصائغ عند استبدال الذهب المشغول؟ الإفتاء تجيب    شمال سيناء تنظم قافلة شاملة لحي" الكرامة" بالعريش تتضمن خدمات طبية وسلع غذائية متنوعة وندوات توعوية وتثقيفية (صور)    حجاج عبد العظيم يكشف طبيعة علاقته بالشيخ صلاح التيجاني    خسوف القمر 2024..بين الظاهرة العلمية والتعاليم الدينية وكل ما تحتاج معرفته عن الصلاة والدعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملتقى الفكر الإسلامى: التوكل على الله لا يعنى ترك الأخذ بالأسباب

أكد ملتقى الفكر الإسلامى أن التَّوكل على الله من أسمى العبادات ولا يعنى تركَ الأخذ بالأسباب ولا يَنال كمالَها إلا القليلُ مِن العباد، والمتوكلون على الله ينصرهم الله ويؤيدهم ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه ولا يضره أذى.
جاء ذلك فى الحلقة ال21 لملتقى الفكر الإسلامى الذى ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، تحت رعاية وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، فى إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام، لنشر الفكر الإسلامى الصحيح، ومواجهة الفكر المتطرف، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، تحت عنوان: " التوكل على الله"، وحاضر فيها كل من: الدكتور جمال فاروق عميد كلية الدعوة الإسلامية السابق، والدكتور أشرف فهمى مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف.
وفى كلمته، قال الدكتور جمال فاروق إن التَّوكل خلق إيمانى عظيم، أمر الله تعالى عباده به ليعْتَمِدُوا عليه، ويُفَوِّضُوا أمورَهم إليه، فهو الوكيلُ جلَّ جلاله بتدبير أمورهم، ورعايتهم، وحفظهم، قال تعالى: "وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ"، وقال تعالى: "وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ"، وقال تعالى: "رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا"، وقال على لسان مؤمن آل فرعون: "وَأُفَوِّضُ أَمْرِى إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ"، مشيرًا إلى أن الله قدِ اختصَّ أهلَ التوكل بجملة من الخصائص والمزايا، من ذلك: محبَّةُ الله تعالى لهم، قال تعالى: "فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ"، وقد أثبت الله لهم صفة الإيمان الكاملِ، قال تعالى: "وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ "، وقال تعالى: "وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ"، وقال تعالى واصفًا أهل الإيمان: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"، ويتنحى عنه الشيطان فعن النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِن بَيْتِهِ فَقَالَ: بِاسْمِ اللهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ"، قَالَ: "يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِى وَكُفِى وَوُقِى".
وأوضح فاروق أن الله ينصر المتوكل عليه ويؤيده بنصره ويدفع عنه المضار، قال تعالى: "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"، وقال تعالى: "وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ "، وقال تعالى: "وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، مؤكدًا أن المتوكل على الله يكفيه الله فى جميع أحواله وشئونه، قال تعالى: "قُلْ حَسْبِى اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ"، ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه، وأن الله يرزقُ المتوكلين من حيث لا يحتسبون، قال تعالى: "ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ".
وأكد أن التَّوكل على الله لا يعنى تركَ العبد للأسباب التى أقامها الله فى هذا الوجود، وجعلها مظهرًا من مظاهر حكمته، وإلا فيتحول إلى التَّوَاكل المذموم شرعًا، بل إن من كمال التَّوكل على الله الأخذَ بالأسباب مع عدم الاعتماد عليها، ومن ذلك أنه لما جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقال له: أُرْسِلُ ناقتى وأتَوَكَّلُ؟ قال له النبى صلى الله عليه وسلم: "اعقِلْهَا وتَوَكَّل"، داعيًا بقول الله تعالى: "رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".
وفى كلمته، أكد الدكتور أشرف فهمى أن التوكل على الله مِن أعظم العبادات القلبيةِ فى جميع الأمور، قال بعضُ أهل العلم: "التوكُّل صِدْقُ اعتمادِ القَلْبِ على الله (عزَّ وجلَّ) فى جلْب المصالح، ودفْع المضارِّ من أمور الدنيا والآخرة، وأن يَكِل العبدُ أمورَه كلَّها إلى الله، وأن يحقِّق إيمانه بأنه لا يُعطى ولا يمنع، ولا يَضرُّ ولا يَنفع، إلا هو، قال تعالى: "وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ"، ومِن الناس مَن يترك فعلَ الأسبابِ كلها، ويدَّعى أنه منَ المتوكِّلين، ومنهم مَن يتعلق قلبُه بالأسباب، ويعتقد أنه لا يتمُّ له أمرٌ إلا بفعلِ سببٍ، وكلا الطائفتين قد جانبَتِ الصواب، والحق أن المتوكل حقيقة هو مَن فوَّض أمرَه إلى الله، ثم نظر: فإن كان هذا الأمرُ له أسباب مشروعة، فعلها، انقيادًا للشرع، لا اعتمادًا عليها، ولا انقيادًا لها، وإنما امتثالًا لأمْر الشارع، فإن لم تكُن هناك أسبابٌ مشروعة، اكتفى بالتوكل على الله، أما الطَّائِفَةُ الأخرى التى تعلَّقت قلوبُها بالأسباب، فقد ضعُف عندها الإيمانُ بكفاية الله تعالى لمن توكَّل عليه، فتراها تجتهد فى فعل الأسباب، وإن لم تكن مطلوبة شرعًا أو عقلًا، وقد أخطأ هؤلاء حين ظنُّوا أنه لا يتمُّ أمرٌ إلا بسببٍ، فالله (عزَّ وجلَّ) يُعطى ويمنع بسببٍ، وبغير سببٍ، مستشهدًا بآيات كثيرة أن فى التوكل على الله كفايةً للعبد، قال تعالى: "أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ " وقال تعالى: "وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ" أى: كافيه.
وأشار فهمى إلى أنَّ التوكُّل مرتبةٌ عظيمة، لا يَنال كمالَها إلا القليلُ مِن العباد، والمتوكلون أحباء الله وأولياؤه، قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ"، ولو توكَّلَ العبدُ على الله حقَّ التوكل، لم يَحتَجْ إلى غيره، لكن لما علم اللهُ تعالى ضَعْفَ البشَر، شرع لهم من الأسباب ما يُتمِّم لهم به معنى التوكل، وذلك من رحمته تعالى بعباده، ولطفِه بهم، ومن علامات التوكل: التفويض، مبينًا أن روح التوكل ولبّه، وحقيقته هو جعل أمورك كلها إلى الله، وإنزالها به طلبًا واختيارًا لا كُرهًا واضطرارًا، بل كتفويض الابن العاجز الضعيف المغلوب على أمره كلَّ أموره إلى أبيه العالم بشفقته عليه ورحمته به وتمام كفايته وحسن ولايته وتدبيره له، فهو يرى أن تدبير أبيه له خير من تدبيره لنفسه، وقيام أبيه بمصالحه وتوليه لها خير من قيامه هو بمصالح نفسه وتوليه لها، والمفوض يفوض أمره إلى الله وهو يعلم أن ما يقضيه له الله خير، ولو كان قضاء الله بخلاف ما يظنه خيرًا أو يظهر له أنه ليس بخير، فهو يرضى به، لأنه يوقن بأنه خير، ولو خفيت عليه جهة المصلحة فيه.
وأوضح فهمى، أن من علامات التوكل الرضا، وهى ثمرة للتفويض وثمرة للتوكل، ولذلك فسر بعض العلماء التوكل بأنه الرضا بما يقضيه الله للعبد.وكان بعض العلماء يقول: المقدور يحيط به أمران: التوكل قبله والرضا بعده، فمن توكل على الله قبل الفعل ورضى بالمقضى له بعد الفعل فقد قام بالعبودية. وهذا هو معنى قول النبى (صلى الله عليه وسلم) فى دعاء الاستخارة: "اللهم إنى أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم"، فهذا توكل وتفويض ثم قال: "فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر وأنت علام الغيوب"، فهذا تبرؤ إلى الله من العلم والحول والقوة، ثم توسل إليه بأسمائه وصفاته ثم سؤاله أن يقضى ويقدر له وهذا هو عين التوكل، لافتا إلى أن المتوكل على الله لا يطلب رزق الله بمعصيته، ولا يخاف فى هذه المسألة إلا الله، يعلم أن رزقه بيد الله لا بيد فلان، يعلم أن رزقه قد كُتب له وهو فى بطن أمه، يقول (صلى الله عليه وسلم):" إنَّ أحدَكم يُجْمَعُ خَلْقُهُ فى بطنِ أمِّه أربعينَ يومًا نطفةً، ثم يكونُ علقةً مثلَ ذلك، ثم يكونُ مضغةً مثلَ ذلك، ثم يبعثُ اللهُ إليه ملَكا، ويُؤمرُ بأربعِ كلماتٍ، ويُقالُ له: اكتبْ عملَه، ورزقَه، وأجلَه، وشقى أو سعيدٌ، ثم يُنفخُ فيه الروحَ، فإنَّ الرجلَ منكم ليعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ، حتى لا يكونَ بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيسبقُ عليه الكتابُ، فيعملُ بعملِ أهلِ النارِ، فيدخلُ النارَ، وإنَّ الرجلَ ليعملُ بعملِ أهلِ النارِ، حتى ما يكونُ بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيسبقُ عليه الكتابُ، فيعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ، فيدخلُ الجنةَ ".
واختتم كلمته، بقول بعض العلماء: "عجبت لأربعة كيف يغفلون عن أربعة: عجبت لمن أصابه ضر كيف يغفل عن قوله تعالى: "وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"، والله تعالى يقول: "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِين"، وعجبت لمن أصابه حزن وغم كيف يغفل عن قوله تعالى: "وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِى الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ"، والله تعالى يقول: "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِى الْمُؤْمِنِينَ"، وعجبت لمن يمكر به الناس كيف يغفل عن قوله تعالى:" وَأُفَوِّضُ أَمْرِى إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ"، والله تعالى يقول: "فَوَقَاهُ اللهُ سَيِّئاتِ مَا مَكَرُوا"، وعجبت لمن كان خائفاً كيف يغفل عن قوله تعالى: "حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"، والله تعالى يقول: "فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.