أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية أن استثمار تعافي الاقتصاد المصري، خلال الفترة المقبلة، يتطلب تكاتف كل الجهود، للتعامل مع التحديات بمنهجية استباقية، والاستفادة من الفرص المتاحة، واستغلالها بشكل جيد، للحفاظ علي ما حققه برنامج الإصلاح الاقتصادي من مكتسبات، كانت بمثابة «طوق النجاة» خلال أزمة جائحة كورونا، بما فرضته من تداعيات سلبية علي مختلف اقتصادات العالم. وأضاف في كلمته، خلال الدورة الثالثة لمؤتمر حابي الاقتصادي السنوي، أن الإصلاحات والسياسات الاقتصادية السليمة المتبعة خلال السنوات السابقة مكَّنت الدولة من التعامل المرن مع تداعيات «الجائحة»، واتخاذ إجراءات استباقية، وإقرار حزمة مساندة للاقتصاد المصري تبلغ 100 مليار جنيه استفاد منها قطاعات الحماية الاجتماعية، والصحة والصناعة والتصدير والسياحة والطيران، وغيرها، جنبًا إلي جنب مع توفير كل الاحتياجات الرئيسية للمواطنين خلال الفترة الماضية بالكميات والأسعار المناسبة، وزيادة المرتبات والمعاشات، وخفض ضريبة كسب العمل للفئات متوسطة ومحدودي الدخل. وقال إن الحكومة وضعت إطارًا مُحكمًا للتعامل مع الأوضاع غير المسبوقة للجائحة خاصة في ظل حالة عدم التيقن السائدة، وذلك بهدف الحفاظ علي استقرار الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية دون تآكل ما سجله برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي من نجاحات منذ عام 2016/ 2017، حيث أسهم في زيادة قوة الاقتصاد ودفع النشاط الاقتصادي وزيادة معدلات التشغيل وخفض معدلات المديونية والاختلالات الاقتصادية. وأشار إلي أن الحكومة استهدفت آليات وتدابير مؤقتة تتسم بالمرونة وإمكانية التخارج منها وفقًا لأي تطورات قد تطرأ علي الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي خلال المراحل المختلفة للأزمة علي المدي القصير والمتوسط، بمراعاة توزيع أكبر قدر من الحماية والمساندة للفئات الأولي بالرعاية والقطاعات الاقتصادية الأكثر تضررًا. وقال إن الحكومة حرصت علي تعزيز الشفافية والإفصاح في مواجهة الأزمة من خلال التواصل المستمر والإعلان بشكل واضح عن برامج المساندة، وحجم المنفذ علي أرض الواقع. وأضاف أن الحكومة استهدفت في التعامل مع أزمة كورونا، توفير أكبر قدر ممكن من المساندة للفئات والقطاعات الأكثر تأثرًا، دون حدوث اختلالات اقتصادية كبيرة ومكلفة تعوق انطلاق الاقتصاد المصري فور تحسن واستقرار الأوضاع العالمية، وتلبية كل احتياجات قطاع الصحة واستمرار الاهتمام برفع كفاءة وقدرات قطاع الرعاية الصحية والدوائية كأولوية خلال السنوات المقبلة، والتركيز علي رفع تنافسية قطاعي الصناعة والزراعة، والأنشطة التصديرية إضافة إلي القطاعات الرابحة في عالم ما بعد كورونا «قطاع تكنولوجيا المعلومات»، والأنشطة المرتبطة بالتعافي الأخضر، ومساندة مجالات التقدم التقني، وسرعة التوسع في استخدام التقنيات الحديثة وكل مجالات الرقمنة، وصولاً إلي الحكومة الإلكترونية التي ترتكز علي تحصيل الإيرادات وسداد المدفوعات الحكومية وتقديم الخدمات بشكل إلكتروني. ولفت وزير المالية إلي أن هذه السياسات المرنة والمتوازنة نجحت في منح الاقتصاد المصري قدرًا كبيرًا من المرونة، انعكس في تحقيق معدلات نمو إيجابية عام 2019/ 2020، بلغت 3، 6٪ بما يجعل مصر إحدي الدول المحدودة التي تحقق نموًا موجبًا، بل وتسجل ثالث أعلي معدل نمو عالمي. وأشار إلي أن هذه السياسات المتوازنة انعكست أيضًا في خفض معدلات البطالة إلي أقل من 8٪، وخفض عجز الموازنة إلي 7، 9٪ من الناتج المحلي عام 2019/ 2020، وتحقيق فائض أولي 1، 8٪ من الناتج المحلي، وخفض رصيد المديونية من 108٪ في يونيه 2017 إلي 88٪ في يونيه 2020، وذلك رغم ارتفاع متوسط معدل المديونية الحكومية لكل دول العالم بنحو 15٪ من الناتج المحلي خلال عام 2020 وتستدعي هذه التطورات الإيجابية، أن نكون مستعدين للتعامل مع مرحلة التعافي الاقتصادي العالمي بشكل استباقي ومرن ولذلك، سنعمل علي الإسراع بمساندة مبادرات وجهود التعافي الأخضر، ومنها: المبادرة الرئاسية لإحلال المركبات المتقادمة بأخري جديدة تعمل بالغاز الطبيعي التي نستهدف في مرحلتها الأولي إحلال نحو 250 ألف مركبة علي مدار ثلاث سنوات، وقد تم تخصيص 2، 1 مليار جنيه لهذه المبادرة ضمن مخصصات موازنة 2021/ 2022 وسنعمل أيضًا علي تعظيم جهود تحقيق التنمية الشاملة وسد الفجوات، وفي هذا الإطار تأتي أهمية المشروع القومي لتطوير قري الريف المصري، الذي يسهم في تحسين جودة الحياة والخدمات بشكل متكامل في 4500 قرية يسكنها 50٪ من المصريين، بتكلفة تبلغ 600 مليار جنيه. وأضاف أن الحكومة ستعمل علي استمرار جهود مساندة القطاع الصناعي والأنشطة التصديرية، حيث نستهدف مواصلة تحمل تكلفة خفض أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء للقطاع الصناعي التي تكلف الخزانة العامة للدولة نحو 11 مليار جنيه سنويًا، إضافة إلي استكمال جهود مساندة الصادرات، بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة. وقال إننا نستهدف تفعيل قانون المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر الذي يتضمن العديد من الامتيازات لأصحاب هذه المشروعات، وإجراءات ضريبية سهلة ومبسطة لتشجيعهم علي الالتزام الطوعي كما نستهدف استمرار التوسع في أدوات التمويل الحديثة بمجال التنمية المستدامة، خاصة أنه كان لمصر الريادة في إطلاق السندات الخضراء الحكومية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا العام الماضي بمبلغ 750 مليون دولار لتمويل أو إعادة تمويل المشاريع بهدف الحفاظ علي الاقتصاد الأخضر والمستدام. وفي إطار خطتنا لتنويع الأدوات التمويلية، ندرس طرح سندات للتنمية المستدامة، والاستفادة من تجربة المكسيك في هذا الطرح. ونعمل علي تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في أربع محافظات خلال العام المالي 2021/ 2022، بما يسهم في توفير رعاية صحية شاملة للمواطنين. وأشار إلي أن الحكومة رفعت حجم برامج التحويلات النقدية المشروطة «تكافل وكرامة» لتغطي أكثر من 3، 6 مليون أسرة وتعمل الحكومة مع المنظمات غير الحكومية أيضًا لضمان الاستهداف الجيد لبرامج الحماية الاجتماعية وتضمين جميع الفئات الأولي بالرعاية، بحيث تتضمن هذه البرامج توفير الغذاء والاحتياجات الأساسية للقري المعزولة والفئات المهمشة التي لا يشملها برنامج «تكافل وكرامة»، إضافة إلي توفير المنتجات الطبية والصحية للفئات الأولي بالرعاية والقري الفقيرة.