علي غرار ميليشيا حزب الله في لبنان تمكنت إيران من استنساخ أكثر من ميليشيا إرهابية في الكثير من الدول العربية والإسلامية بهدف توسيع نفوذها علي أسس مذهبية وطائفية في تلك الدول، فبعد نجاح إيران في تأسيس حزب الله اللبناني في ثمانينيات القرن الماضي وتوظيفه سياسياً وعسكرياً راحت تنشئ ميليشيات عسكرية مشابهة في العديد من دول المنطقة لاستخدامها كأداة لتنفيذ أهدافها ومخططاتها، وقد حدث ذلك تباعا في سورياوالعراق واليمن وفي كل من باكستان وأفغانستان ناهيك عن محاولاتها الفاشلة في بلدان خليجية الأمر الذي أدي إلي نشر الخراب والإرهاب وعدم الاستقرار وتقويض مفهوم الدولة في تلك الدول، وقد بدأت إيران في هذا التوجه بعد قيام ثورتها علي يد الخميني عام 1979، ومنذ هذا الوقت وإيران تستثمر الكثير من مواردها المالية في زرع ميليشيات عسكرية وأذرع أيديولوجية تدين بالولاء الكامل لها، ليجري استخدامها كأدوات رئيسة للسياسة الإيرانية في المنطقة في جوانبها العسكرية والإستراتيجية والعقائدية وما تبعها من حروب واغتيالات وعمليات إرهابية في دول المنطقة عن طريق ما يسمي بالحرس الثوري الإيراني الذي عمل علي التدخل السافر في شئون الدول العربية وعلي تهديد أمنها واستقرارها، ناهيك عن محاولات إيران الحثيثة في إنتاج السلاح النووي وتطوير الصواريخ الباليستية لتهديد الأمن والسلم الدوليين متحدية في ذلك القانون الدولي الذي حاول مرارا وتكرارا إثنائها عن امتلاك للسلاح النووي وإصدار العديد من القوانين والعقوبات الدولية بهدف ردع إيران ووقف إرهابها وزعزعتها لأمن واستقرار المنطقة. فالنظام الإيراني يدعم حزب الله في لبنان وفي سوريا ويدعم الحشد الشعبي والميليشيات الشيعية في العراق، بل ويدعم الحوثيين بشكل علني في اليمن ضد الحكومة الشرعية وضد قوات التحالف العربي، كما لا يتوقف هذا النظام الفاشي عن مد الحوثيين بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة وغيرها من المساعدات لضرب المطارات والمنشآت النفطية والمناطق المدنية بالسعودية بشكل مستمر، كما أن النظام الإيراني يقوض الجهود الأممية ومبادرات السلام الخليجية الرامية لتسوية الأزمة اليمنية بالطرق السلمية بهدف زيادة أمد الصراع وقلب موازين القوي لصالح أهدافه الشيطانية في دول المنطقة، كما يهدد النظام الإيراني من خلال حرسه الثوري وميليشياته الإرهابية من تهديد الملاحة في منطقة باب المندب والبحر الأحمر، إضافة لقيامه وفق أيديولوجياته بنشر الفتن الطائفية بين بلدان الخليج والمنطقة مع إمداده المتواصل لميليشياته الإرهابية بالإمدادات العسكرية واللوجيستية في اليمن والبحرين وسورياوالعراقولبنان وغيرها من البلدان الإسلامية التي ينتشر بها الفوضي والخراب والفقر والإرهاب بسبب النظام الإيراني علي نطاق واسع، ومن مظاهر ذلك قيام الميليشيات الإيرانية علي اختلاف مسمياتها بعمليات القتل والاختطاف والتعذيب ومصادرة أموال الناس في العراقوسورياولبنان دون أي مساءلة قانونية، ناهيك عن لغة التهديد التي يستخدمها القادة الرسميون الإيرانيون ضد البلدان المجاورة بشكل دائم مع التدخل السافر في شئونها، ومحاولات إيران فرض الوصاية والقرار السياسي علي دول المنطقة والتسبب في نشوب حروب ونزاعات بالوكالة لأهداف إيرانية والتي تشكل بدورها انتهاكا عاما للقانون الدولي وترخي بقتامتها علي أمن المنطقة. وبالفعل لقد صعدت إيران من ظاهرة الميليشيات الطائفية المسلحة المرتبطة بها إلي واجهة الأحداث في الآونة الأخيرة ونجحت في توظيفها بعدما ثبت أنها أحد أخطر الأدوات العسكرية التي تراها الأداة الفاعلة لتحقيق أهدافها التوسعية في البلدان العربية والإسلامية من اجل الانقضاض علي دولها وتحقيق الأحلام الإمبراطورية الفارسية لتصبح قوة إقليمية مهيمنة بالمنطقة، وتعد الهجمات الإرهابية التي تقوم بها الميليشيات الإيرانية ضد دول الجوار وداخل المدن والموانئ اليمنية بمثابة رسالة واضحة للحكومة الشرعية والتحالف العربي والعالم بأن الميليشيات لن تنصاع لأي قرارات دولية، والدليل علي ذلك أن ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران جعلت اليمن يعاني طويلا من ويلات الحرب والفقر والأوبئة والنزوح لولا مساندة قوي التحالف العربي بقيادة السعودية لشعب اليمن، وكل تلك الانتهاكات تستوجب أن يقوم المجتمع الدولي بكامل مسئولياته ومنها الضغط علي النظام الإيراني ووقفه مساعداته وكبح طموحاته، والأهم هو وقف هذا النزيف الذي يدفع ثمنه اليمنيون وغيرهم من دول المنطقة، لأن تجاهل المجتمع الدولي وعلي رأسه الولاياتالمتحدةالأمريكية للانتهاكات الحوثية قد منح مؤخرا إيران الضوءً الأخضر للحوثيين بالقيام بالهجوم علي المدن اليمنية وعلي السعودية، كما أن الاتفاق النووي الموقع مع الدول الكبري عام 2015 لم يردع إيران ويغير من سلوكها العدائي بل زاد من طموحاتها النووية ومن عملياتها الإجرامية عبر ميليشياتها التي لم تتوقف تجاه دول المنطقة، ولهذا باتت إيران وميليشياتها العامل الرئيسي وراء زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي، ما سيتوجب وقفه من المجتمع الدولي ومجلس الأمن وغيرهما من المؤسسات الدولية للعمل علي وقف أنشطة الميليشيات الإيرانية في المنطقة ووقف حرب اليمن، مع وقف فوري للأنشطة النووية، ووقف اعتداءات إيران علي جيرانها ومقاضاة قادتها علي كل ما ارتكبوه من إجرام وتهديد للأمن والسلم الدولي، والعمل علي عودة الأمن والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط.