سلسة مقالات لرصد مشكلات الأطفال والمراهقين الناتجة عن العالم الرقمي (2) طرحنا سابق "سوء استخدام الإنترنت للأطفال " و كيفية تصحيح هذا السلوك الخاطئ الذي قد يتسبب في مشكلات خطيرة ومدمرة في مرحلة المراهقة. دعونا الآن نحلل المشكلات التي قد تنتج عن سوء استخدام العالم الفضائي. مشكلة " الإدمان الإلكتروني " لدي المراهقين. إن مشكلة "الإدمان" قد تبدأ بسبب عدم مراقبة الأهل للأطفال، فيفرط استخدامهم لشبكة الإنترنت من خلال مواقع مختلفة، من الممكن أن تكون هذه المواقع، مواقع "تواصل اجتماعي"، أو مواقع "ألعاب إلكترونية"والتي قد تكون مدمرة للعقل والنفس. هناك أيضا إدمان مواقع مختلفة قد تكون مواقع هادفة أو مواقع مضللة مثل المواقع الإباحية. الإدمان قد يظهر عندما يستمر الطفل في التعامل مع العالم الفضائي لعدد ساعات يفوق الحد الطبيعي. قد يلاحظ الأب أو الأم أن "المراهق" يفضل دائما الجلوس بمفرده، وقته قد يكون متبعثرا غير منظم فيتحول وقت النوم إلي وقت التعامل الإلكتروني من خلال شبكة الإنترنت، يتحول أيضا وقت النشاط والعمل إلي وقت النوم في حالة انقطاع الإنترنت، يبدأ المراهق في المعاناة من شدة العصبية، أحيانا البكاء، أو افتعال أي مشكلة، وذلك عند الابتعاد و انقطاع ما يدمنه علي شبكة الإنترنت وإذا إستمر الأمر ستجد أنه قد يلجأ إلي النوم، لأنه لا يستطيع أن يستمتع بوقته دون شبكة الإنترنت، لا يتواصل مجتمعيا مع العالم الواقعي من خلال الزيارات العائلية، ممارسة الألعاب الرياضية أو ممارسة أي نشاط مجتمعي مع الأصدقاء، بل دائما يفضل الجلوس بمفرده والخوض في العالم الافتراضي والموقع الذي قد يسبب له الإدمان. إذا تطرقنا إلي تفسير مفهوم الإدمان فإنه هو " سيطرة مخدر ما أو تصرف ما مما قد يؤدي إلي السيطرة العقلية والتحكم في السلوكيات بشكل خاطئ، وبالتالي هنا ليس المقصود بالإدمان هو إدمان مخدر فقط الذي قد يؤدي إلي الانحراف السلوكي والجسماني، بل إنه من الممكن أن يكون إدمان شيء ما، أو تصرف ما قد يسيطر علي العقل بشكل خاطئ مما قد يؤدي إلي الانحراف السلوكي وبالتالي انحراف عقلي وجسماني وخلل في الحياة المجتمعية، النفسية والجسمانية. المراهق من الممكن أن يتعرض للاستقطاب الإلكتروني المرضي الذي قد يسبب له الإدمان، وكما طرحنا قبل ذلك" مرحلة الإدمان" قد تبدأ في مرحلة الطفولة بسبب سوء استخدام الإنترنت وبالتالي يبدأ ظهور مشكلات وتصرفات سلوكية منحرفة ابتداء من سن التاسعة. ولذلك فعلي الآباء محاولة تجنب هذا الخطر المدمر للمراهقين ابتداء من السيطرة التكنولوجية للأطفال منذ الصغر.واذا أهمل الآباء هذا الأمر حتي يظهر علي الطفل سلوك خاطئ تجاه شبكة الإنترنت و أصبح مراهقا مدمنا، فعلي الآباء اتباع هذه الخطوات لعلاج هذه المشكلة: أولا محاولة استقطاب المراهق خارج العالم الإلكتروني إلي العالم الواقعي مرة أخري. ثانيا: تنظيم وقت المراهق واتباع عدد ساعات إلكترونية محددة بعضها للدراسة وأخري للترفيه. ثالثا:إذا استحوذ عدد الساعات الإلكترونية علي عقله وعدم قدرته علي تركها، يجب تقليل عدد الساعات بشكل تدريجي يوميا عن طريق خطة زمنية حتي لا يعاني المراهق من أعراض الإنسحاب التي تتمثل في العصبية، البكاء والإنهيار، عند هذه المرحلة أيضا يجب دعم المراهق معنويا ونفسيا من خلال تعويض ما يدمنه علي مواقع التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت بممارسة مزيد من الأنشطة مثل الألعاب الرياضية، مزيد من الحوار مع الأهل، الخروج مع الأصدقاء حتي تتم السيطرة علي عدد ساعات التواصل الفضائي والتحكم في هذا العالم وبالتالي الرقابة الدائمة علي محتوي شبكات الإنترنت عن طريق مصادقة المراهق وليس خلق عداوة معه. حماية ابنك من مخاطر الإنترنت قد تحميه من مخاطر عدة أخري مثل الانتحار والأمراض النفسية والفشل الدراسي. تناولنا في هذا المقال خطر "الإدمان الإلكتروني"، وفي المقالات القادمة سنتناول مخاطر أخري وكيفية التصدي لها حتي نستطيع أن نحمي أبناءنا من المخاطر التكنولوجية الحديثة.