احتفال الشعب العربي في مصر بذكرى ثورة 23 يوليو المصرية الأم هذا العام لم يكن كأي عام سبق ، إذ تهل علينا هذه الذكري الخالدة مواكبة لشهر رمضان الكريم بانتصاراته وروحانياته ومكرماته ، وفي الشهر نفسه الذي انتصرت فيه إرادة الشعب المصري في الثالث من يوليو بثورة الثلاثين من يونيو ، تصحيحا لمسار ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011واستكمالا لأهدافها الشعبية في العدل والخبز والحرية كما تأتي ذكرى ثورة يولية السلمية البيضاء التي قام بها الجيش ا وأيدها الشعب لأنها بأهدافها الستة الشهيرة كانت تعبيرا عن أمانيه الوطنية والاقتصادية والاجتماعية ، بينما الشعب المصري العظيم مازال في قلب ثورته الشعبية السلمية البيضاء التي دعمها الجيش باعتباره جيش الشعب في العبور الثاني مماكان الشعب يعانيه إلى مايتطلع اليه ،تأكيدا لإرادة طوفان شعبي ملاييني هادر أسقط شرعية الرئاسة الاخوانية وأعلن شرعية الشعب الثورية والمشهد المصري الحالي باصطفافاته الداخلية المتقابلة واستقطاباته الحادة يعكس مواجهة بين الجماعة الإخوانية التي اختطفت ثورة يناير واحتكرت الحديث باسمها ، والتي ترفض الاستجابة لإرادة غالبية الشعب بثورة يونيو و تهدد بالعنف وإراقة الدماء تمسكا برئيس فقد شرعيته وسلطة حاولت الاستئثار ومارست الإقصاء ، وبين الشعب المصري مصدر الشرعية والحريص على السلمية وعلى تحقيق الديمقراطية والمشاركة الوطنية لكل التيارات السياسية بغير إقصاء . هو نفس المشهد الدولي والإقليمي المحيط بالمشهد المصري ، في ثورة يولية بنفس تحالفاته غيرالمقدسة بين القوى الاستعمارية الغربية بقيادة أمريكية صهيونية وأدواتها الإقليمية الإسلاموية والعربية التابعة لها بقيادة تركية ضد الثورة الشعبية المصرية وضد أمانيها الوطنية في الاستقلال الوطني والتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية في مجاولة لابقاء مصر ضمن الحلف الاستعاري ، وابقاء الخيار والقرار المصري تابع لمخططاته ومشاريعه في المنطقة وهذا يعني في المشهدين أن ماقامت به جماعة الاخوان بالتنسيق مع الانجليز ضد ثورة يوليو سياسيا وإرهابيا وبالتفجيرات والاغتيالات لاختطافها على عكس إرادة غالبية الشعب المصري ، هو نفس ماتقوم به حاليا نفس الجماعة بالتنسيق مع الأمريكان ضد ثورة يونيو سياسيا وإرهابيا من تفجيرات واغتيالات في محاولة يائسة لإجهاضها والسطو عليها بإرهاب الشعب المصري ، ويبدو أنهم والقوى الغربية الداعمة لهم لم يتعلموا شيئا من دروس الماضي وإذا كانت مشاهد التاريخ تتشابه ولاتتكرر ،إلا أن الجماعة الاخوانية في مصر تصر على تكرار نفس الأخطاء القاتلة بنفس المشاهد العبثية لتصل الى نفس النتائج الفاشلة ، ، وبالتالي يبدو لافتا ومثيرا للشفقة ، أن الجماعة حاولت سياسيا عام 52 ادعاء ملكية الثورة والاستئثار بالحكم وإلغاء دور الجيش الوطني الذي قام بالثور ة، ولما فشلت ، حاولت الضغط بتفجيرات القنابل ضد أقسام الشرطة ، ولما فشلوا حاولوا اغتيال قائد الثورة جمال عبد الناصر وفشلوا ، فكان الانتحار الجماعي لتلك الجماعة بعد سنتين من الثورة عام 54. وهم حاليا يكررون بذكاء عبثي نادر نفس الأخطاء الكارثية بعد 60 عاما من تلك التجربة المريرة ، التي من الفروض أنها علمتهم شيئا من السياسة والعقلانية والعمل بمنطق المشاركة لا المغالبة ، وعلمتهم أن اللجوء الى العنف والارهاب لن يرهب الشعب المصري ، وليس له من نهاية الا سقوطهم مجدداً في الجب السياسي ، لسبب بسيط هو أنه لايمكن لجماعة بالعنف أو بالخداع أت تسطوا على إرادة شعب يعرف أعداءه وأصدقاؤه ، ، وأن المشاكل السياسية تحل بالوسائل السياسية ، وأن المشاكل الأمنية تحل بالوسائل الأمنية مانحتفل به هذه الأيام هي أول ثورة عربية تحررية وحدوية نهضوية بعد الحرب العالمية الثانية هي الثورة المصرية بقيادة جمال عبد الناصر في الثالث والعشرين من يوليو التي قلبت المعادلات التقليدية بأن جعلت الشعوب في موقع الهجوم ووضعت المستعمرين في موقع الدفاع حتى سلم بإرادة الشعوب وارتفعت رايات الاستقلال في أرجاء الوطن العربي ، فبقيت إلى اليوم بمبادئها وتجربتها وبشعبيتها وتقدميتها وبانتصاراتها بل وبانكساراتها تجربة حية وملهمة بأبعادها الوطنية والقومية وبآثارها الثورية في العالم الثالث كله. وهي الثورة المصرية على المستوى العربي التي أكدت الارتباط العضوي بين الأمن الوطني المصري والأمن القومي العربي ووقفت وراء قضايا كل شعب عربي ويكفي أن يد الشعب المصري كانت أول يد أسهمت بعد الثورة مع الشعوب العربية المناضلة في رفع رايات الاستقلال على الأرض العربية فانتقلت شعوب الأمة العربية كلها إلى جانب الشعب المصري دعماً لنضاله التحرري في جميع معاركه الوطنية مثلما انتقل الشعب المصري الى جانب كل القضايا العربية ولأن ثورة 23 يوليو عام 52 كانت أول ثورة عربية وطنية تحررية ، فلقد شكلت دور الريادة لبقية الثورات العربية التحررية ضد الاحتلال وصولا الى الاستقلال ، وضد الاستغلال وصولا الى العدالة ، وضد الاستبداد وصولا إلى الحرية ، وبقيت هي' الثورة الأم ' لكل ماتلاها من ثورات .