يتم ترميم المباني الأثرية للحفاظ عليها وعلي النسيج العمراني الذي يميز هذه المناطق عمليات التطوير بمثابة "تدخل جراحيّ" وبحرص شديد علي النسيج والطابع العمراني لدينا ثوابت واضحة جدا في تطوير المناطق المُسجلة كتراث عالمي لترميم واستعادة الآثار إلي ما كانت عليه تم التوافق مع "اليونسكو" علي تقديم الدعم الفني مع الخبرات الوطنية المعنية بتطوير القاهرة التاريخية أدلي الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بتصريحات عقب جولته التفقدية اليوم بمشروعات تطوير منطقة سور مجري العيون، استهلها بالتأكيد أن الأعمال التي يتم تنفيذها في مختلف مشروعات تطوير المناطق التاريخية، تأتي في إطار تنفيذ الاستراتيجية التي تتبناها الدولة في التعامل مع هذه المناطق، والتي ترتكز علي ضرورة التزام مخططات إعادة التأهيل والإحياء العمراني داخل أي منطقة تاريخية بكافة المعايير والاتفاقيات الدولية، التي وقعتها مصر، فيما يتعلق بالحفاظ علي مناطق التراث العمراني. كما أكد الدكتور مصطفي مدبولي أن عمليات التطوير تعتبر بمثابة تدخل جراحيّ، وبحرص شديد علي النسيج والطابع العمراني، وطبقا لمعايير التدخل المتعارف عليها عالميا في المناطق التاريخية ويستهدف إحياء النسيج العمراني للقاهرة التاريخية، الذي يعبر عن الحقبة التاريخية التي نشأ فيها، مع مراعاة إعادة الاستخدام التكيفي للمباني الأثرية، وترميم المباني التراثية غير المسجلة، وإزالة التشوهات الصارخة في الطابع المعماري، إلي جانب توفير خدمات وأنشطة ثقافية وحرفية وسياحية تتناسب مع طبيعة المنطقة، وتيسير حركة المشاة، وتنسيق المسارات والشوارع لتتناسب مع طابع المنطقة التاريخية. وأشار رئيس مجلس الوزراء خلال تصريحاته إلي أن مشروعات التطوير تستهدف كذلك التأهيل الاجتماعي والاقتصادي للمنطقة التاريخية لتحقيق استفادة مباشرة لسكانها، وتتضمن تطوير الحرف والأسواق التقليدية لزيادة الدخل، وتوفير فرص عمل، وتشجيع السياحة الثقافية للمدينة القديمة، سواء من الزائرين المحليين أو الأجانب. وفي مؤتمر صحفي عقب انتهائه من جولته، قال رئيس الوزراء: سعدت بتواجدي اليوم مع وزير الإسكان ومحافظ القاهرة وقيادات الوزارة والمحافظة، لتفقد الأعمال الجارية في مشروع تطوير المنطقة المحيطة بسور مجري العيون، ضمن مشروع تطوير منطقة القاهرة التاريخية الإسلامية، حيث تستهدف الدولة من هذه الأعمال إعادة رونق ووجه القاهرة الحضاري، حيث يقع المشروع علي مساحة تقترب من 95 فدانا، وهي المساحة التي كان يقام عليها منطقة المدابغ. وأضاف رئيس الوزراء: كلنا نعرف حجم التلوث الشديد الذي كان يسود المنطقة، والذي يبدو آثاره في الأرض نفسها، نحن نعمل علي إنهاء آثار هذا التلوث الموجود منذ عقود طويلة، حيث لم تمتد يد أحد من قبل لتطوير هذه المنطقة. وأشار الدكتور مصطفي مدبولي إلي أن الحكومة استطاعت نقل المدابغ لمنطقة الروبيكي، حيث تمت إقامة منطقة صناعية حديثة تضم ورشا ومساكن للعاملين، مضيفا أن الدولة تعمل علي تطوير مشروع حضاري بكل المقاييس يراعي الطابع الأساسي للمنطقة وهو طابع العمارة الإسلامية، وأنها تحترم الآثار الموجودة بالمنطقة، من اجل أن تبقي المنطقة جزءا من المركز التاريخي الإسلامي الذي يميز مدينة القاهرة. وأضاف رئيس الوزراء: أود أن انتهز هذه الفرصة للإشارة إلي المناقشات التي ثارت حينما بدأنا في الإعلان عن مشروع تطوير القاهرة التاريخية، حيث بدأ ما وصفه بأنه جدل ونقاش صحي حول ما سيتم اتخاذه من إجراءات لتطوير المنطقة، وهنا تجب الإشارة إلي أن المنطقة هي منطقة تراث عالمي مسجلة في منظمة "اليونسكو" العالمية لحفظ التراث، ومن أجل إيضاح الصورة للجميع، نحن لدينا ثوابت واضحة جدا، وهي أن هذه المنطقة المسجلة كتراث عالمي، يكون التحرك لتطويرها في إطار ثوابت محددة تماما، وكان الهدف منها هو ترميم واستعادة الآثار إلي ما كانت عليه. ولفت الدكتور مصطفي مدبولي إلي أنه قبل البدء في أعمال التطوير كانت الحكومة حريصة للغاية علي التواصل مع جميع الجهات المعنية بهذا الأمر، مثل المجلس الأعلي للآثار، والجهاز القومي للتنسيق الحضاري، وفي هذا الصدد أيضا قامت إحدي أهم كبار القيادات في منظمة اليونسكو العالمية قامت بزيارة مصر الأسبوع الماضي، حيث تم استعراض الأفكار المقترحة بشأن تطوير المنطقة عليها، وتم التوافق علي قيام اليونسكو بتقديم دعم فني من جانبهم بالإضافة إلي الخبرات الوطنية المعنية بتطوير هذه المنطقة. وتابع رئيس الوزراء : هذه المناطق تأثرت بشدة وذلك منذ أكثر من 50 عاما من خلال ما أقيم عليها من مساكن عشوائية، لم تكن موجودة أصلا من الأساس، وتزايد هذا الأمر في الوقت الذي لم تكن هناك قوة حقيقية وحوكمة من قبل الدولة، وبالتالي فالموضوع متجذر، وهنا أيضا تنبغي الإشارة إلي الزلزال الذي ضرب مصر عام 1992 الذي أثر بشكل كبير علي مباني كثيرة داخل القاهرة الإسلامية، وقام السكان بعده بنقل منازلهم إلي هذه المنطقة التي كان بعضها أماكن أثرية، وبدأت تظهر أنشطة لم يكن لها أبدا أن تظهر في المنطقة، حيث كانت أنشطة خطرة ملوثة للبيئة، تمثل تهديدا حقيقيا للمنطقة. وأضاف الدكتور مصطفي مدبولي أنه ومن هذا المنطلق عملت الحكومة علي ترميم المباني الأثرية، وكان المبدأ هو الحفاظ علي هذه المباني من خلال ترميمها، وكذلك الحفاظ علي النسيج العمراني الذي يميز هذه المنطقة، وذلك فيما يخص المباني القديمة غير المسجلة كآثار ولكنها تمثل تراثا حضاريا، وجزءا من نسيج المنطقة. كما أنه في الفترات الأخيرة بدأ في الظهور بالمنطقة مبان دخيلة أو مبان متهدمة بالكامل، عبارة عن حطام أو اراض خربة، وهذه هي المناطق التي لدينا مقترحات للتطوير بشأنها، حيث يوجد لدينا توثيق بالصور لهذه المناطق حول حالتها قبل 200 عام، قام بتوثيقها خبراء التوثيق من المستشرقين، وتستهدف مقترحات التدخل استعادة هذه المباني إلي ما كانت عليه خلال هذه الفترة. وتساءل رئيس الوزراء، فيما يتعلق بالمباني التي اقيمت في غيبة من القانون والحوكمة، وأحواش بعض المباني الأثرية، التي بني بها مبان خرسانية، هل من الطبيعي أن نترك هذه النوعية من المباني، أم لابد من التدخل والتعامل مع هذا الموقف، قائلا: أكرر مرة أخري أن الهدف من ذلك هو أن نعيد للقاهرة التاريخية الرونق الحضاري التي كانت تتمتع به عندما كانت حاضرة العالم العربي والإسلامي، وكل هدفنا كدولة اليوم، أن نقوم بحجم هائل من الإنفاق لرفع كفاءة البنية الأساسية، إلي جانب تطوير وترميم المباني الأثرية، والحفاظ علي النسيج الحضري الذي كان قائما، والعمل علي إعادة صياغته بطريقة سليمة، وإدخال أنشطة متوافقة بيئيا، مثلما يحدث في دول العالم أجمع، التي تقوم بإضافة أنشطة لها طابع سياحي وتتوافق مع المنطقة، وكل هذه أسس نقوم بطرحها للنقاش والعمل عليها. وتابع : من الطبيعي أن نجد بعض النقاشات المحمودة حول بعض التفاصيل لا ضير من طرحها للنقاش، إلا أننا جميعا متفقون علي الثوابت والأسس، التي نطمئن جميع من تحدثوا في هذا المجال أن الحكومة المصرية تنطلق من هذه الأسس والثوابت، كأساس لمخططات التطوير وتضعها دائما في اعتبارها وفي يقينها، وهو ضرورة العمل علي الحفاظ علي هذه المنطقة، واستعادة شكلها الحضاري المتعارف عليه علي مدار العصور التاريخية، في إطار التطوير الشامل لعاصمتها، ونحن أمام " كنز حقيقي" وهو القاهرة الإسلامية والتاريخية، وحريصون علي إعادتها لما كانت عليه وأفضل بإذن الله.