قلت مرارًا وتكرارًا إن الشعب المصري يخوض ومايزال معركة »الثورة الوطنية الديمقراطية« منذ 25 يناير حتي الآن .. وكما يعرف الجميع أن الثورة الوطنية الديمقراطية تعني تحرر الإرادة الوطنية من التبعية وتحقيق تنمية وطنية مستقلة من شأنها تكافؤ الفرص الحقيقي بين أبناء المجتمع عبر حياة دستورية تكفل حرية الرأية والتعبير والعمل السياسي للمواطنين جميعًا بغض النظر عن الدين أو العقيدة. ولقد استطاعت الموجة الأولي بين الثورة أن تطيح برموز نظام مبارك الاستبدادي .. كما أنها كسرت حاجز الخوف وفتحت أبواب »الفعل الجماهيري« لكنها لم تستطع أن تقضي علي الرأسمالية المتوحشة التابعة، ولم تقض علي مواثيق التبعية المتمثلة في »كامب ديفيد« و»المعونة الأمريكية«.. بل لقد ازدادت الرأسمالية المتوحشة توحشًا وازدادت »المؤسسة الحاكمة« استبدادًا بعد وصول الإخوان إلي الحكم .. الذين سارعوا بالزحف إلي »البيت الأبيض« يعقدون الصفقات التي تضمن أمن إسرائيل وتضمن تنفيذ مخطط »الشرق الأوسط الجديد« الذي تسعي إليه أمريكا في المنطقة.. ومع ازدياد الرأسمالية توشحًا، وازدياد التبعية والعربدة الأمريكية في المنطقة، وركاكة الأداء »الإخواني« وعدم قدرتهم علي حل مشكلات الجماهير وشهوتهم المتزايدة في السيطرة والاستحواذ وتفكيك الدولة الوطنية.. انطلقت الموجة الثانية من الثورة من قري مصر ونجوعها لتتزايد في الأزقة والحارات .. ولتمتلئ ميادين المحروسة بعشرات الملايين من المصريين الثائرين المطالبين باسترداد ثورتهم وكرامتهم وحريتهم بعد عام ممن التبعية والاستبداد والاستغلال. واستجابة للزحف الجماهيري الغاضب تحرك »جيش الشعب« ليس لحماية الجماهير فقط ولكن لحماية أهداف الثورة الوطنية الديمقراطية نفسها .. وتفعيل مطالبها العاجلة والتي تتلخص في ثلاث مطالب هي: تحرير الإرادة الوطنية بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة العدالة الاجتماعية«. أقول تحرك »جيش الشعب« وليس الجيش مع الشعب.. لأن تحرير الإرادة الوطنية هو جزء من الأمن القومي الذي يسهر عليه »الجيش« وبناء الدولة الديمقراطية الوطنية هو الطريق الوحيد لقيام الجيش الوطني .. والعدالة الاجتماعية هي مطلب أبناء الوطن جميعًا.. لذا فلقد تجلت عبقرية الشعب المصري في الفترة من 30 يونيو حتي السابع من يوليو لتنسج ملحمة وطنية تعلم العالم والشعوب دروس الثورة الشاملة.. وتؤكد أن مصر المحروسة عادت لتمارس دورها في المنطقة من جديد.. كأمة واحدة ذات رسالة حضارية تعي موقعها من أمتها العربية وتعي مكانها من العالم. لذا فأنا أري أن أي محاولة للوقيعة بين الشعب وجيشه ستبوء بالفشل وأي فذلكة سياسية تحاول إقصاء »الجيش« عن مهمته الوطنية في هذه المرحلة ما هي إلا رطانة غبية جاهلة لا تعرض معني »الثورات الوطنية الديمقراطية« فلقد فتحت ثورة 25 يناير أبواب »عصر الجماهير« وانجزت موجة 30 يونيو الثورية بداية عصر التحرر الوطني للشعوب.. فيا أيها المتفذلكون إصمتوا.. وتعلموا من شعبكم العريق.