ما كنت أود بوصفى مصريا عربيا الرد على أقوال وأفعال إخوانية مصرية تسىء لمصر العربية قبل الامارات العربية في صحيفة 'الأسبوع المصرية' و'البيان الإماراتية' بالتزامن، لولا أن هذه الأقوال الطائشة والشائنة وتلك الأفعال اللا معقولة واللا مسئولة تستدعي الرد وتستوجب الاعتذار، بعدما صدرت عن بعض كبار المكان وصغار المكانة في أنظار عموم المصريين والعرب، لتطعن في الصميم بخناجر غادرة مسمومة مبادئ ومصالح الدولتين الشقيقتين، بل تتنكر لما هو معروف بالضرورة من تقاليد العرب وأخلاق المسلمين! وما كنا هنا -نحن المصريين في الإمارات- لنلقي بالا لصغار أقوالهم أو أفعالهم لولا أن أماكنهم الكبيرة في مواقع الحكم أو التحكم في مصر تجعل مسئولية أقوالهم الصغيرة ومواقفهم المثيرة مضاعفة وخطيرة، خصوصا عندما تسيء إلى عراقة وأصالة وقيم الشعب المصري أولا، قبل أن تسيء إلى كرامة وأصالة شعب الإمارات العربي الكريم الذي تربطه بالشعب المصري الوفي علاقات راسخة أخوية وإنسانية وتاريخية واستراتيجية، بما دعانا لإصدار بيان لما أصابنا بالصدمة والشعور بالغثيان بعد آخر وصلات الهذيان للعريان! ومهما كان قدر الأسى والخجل الذي يساورني عندما أطل على مصر هذه الأيام، وأري ما يحدث فيها من عبث الصغار وهذيان الكبار، وما يحدث لها من حفلات الهزل السياسي بالإساءة للإماراتيين، ودعوات التكفير الديني ضد المصريين، وغياب التفكير العقلاني بقطع العلاقات مع السوريين بما يفوق أكثر الكوابيس إزعاجا، وأكثر اللامعقول جنونا، فإن عزائي دائما هو الايمان العميق بأن الله -تعالت قدرته- لن يدع مصر تضيع على أيدي هؤلاء العابثين الصغار الذين أصبحوا بمواقفهم الصغيرة في الأزمات الكبيرة يهددون أمن مصر الوطني؛ لأنها مصر المحروسة برعاية الله، ولا أملك إلا القول: لك الله يا مصر! فإن ما يحدث فيها من مشاهد الغضب والغليان بسبب التخبط والهذيان بأقوال وأفعال ممثلي الإخوان، بداية بالدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية، ونهاية بالدكتور عصام العريان المعين عضوا في البرلمان، وما يحدث لها من تشويه لكل ما هو نبيل في شعبها، ومن إساءة لكل ما هو عظيم في تاريخها، ومن إهانة لكل ما هو إسلامي وعروبي ومصري في ثقافتها، ومحاولة إبداله بكل ما هو قبيح وخبيث وسخيف ومخيف، من جانب شهود الزور الصغار على قيمة وقيم دينها وحضارتها وثقافتها وقوميتها وأصالة هوية شعبها، يستدعي بالطبيعة قول الشاعر العربي: وكم ذا بمصر من المضحكات.. ولكنه ضحك كالبكا! آخر هذه المبكيات المضحكات كان مشهد هذيان العريان المسيء لمصر قبل الإمارات، والمفتقر لأصول السياسة وأساليب الكياسة في مجلس الشورى الباطل قضائيا، فجاء كلام 'رئيس كتلة الإخوان' باطلا كعضويته الباطلة في مجلس الشوري الباطل بسبب ضغوط الاخوان لابتزاز المجلس العسكري لإصدار قانونه الباطل رغم تحذير المشير حسين طنطاوي لهم بعدم الدستورية، ورغم دعوة مستشاري المحكمة الدستورية العليا لتعليمهم أصول صياغة القوانين إلا أنهم لم يتعلموا ولم يتراجعوا عن غيهم، بل تظاهروا في الميدان وهددوا بمقاطعة الانتخابات إذا لم يتضمن قانون الانتخاب ما يحقق أطماعهم بالمزيد من المقاعد على حساب المستقلين، بما أبطل القانون وقبلوا استمراره الحرام! كان مضمون كلامه من جوانب مختلفة محاولة ابتزاز رخيصة للإمارات عبر التهديدات والاهانات للإفراج عن 11 إخوانيا مصريا من المقيمين لسنوات طويلة في الامارات، تم التحقيق معهم ومحبوسون احتياطيا رهن المحاكمة القضائية بتهمة تشكيل خلية إخوانية سرية بالمخالفة لقانون الدولة ولقواعد الإقامة وتقاليد الضيافة، وبما يشكل تهديدا لأمن البلاد، على اتصال بمكتب الإرشاد الإخواني المتحكم في مصر بما يمثل اختراقا إخوانيا غادرا لسيادة دولة الامارات تتحمل مسئوليته الرئاسة الإخوانية الحاكمة التي حاولت تحريك (أصابعها) في الخارج لابتزاز الدولة الإماراتية؛ ظنا بالوهم أو بالمنى أن ذلك يجبرها على شراء الأمن بالمال! ولم يكن هذا الموقف هو أول مواقف الهذيان لعريان الإخوان أو إخوان العريان، بل لقد سبقه هجوم إعلامي متواصل يحمل اتهامات ومهاترات عن مؤامرات تدبر في الإمارات، وذلك منذ صعود الرئيس الإخواني للحكم، واضطرار المرشح الرئاسي الفريق أحمد شفيق إلى الإقامة في الامارات بعيدا عن المكايدات السياسية والاتهامات الاعلامية تصفيةً للحسابات معه لجرأته في كشف أسرار الدور المريب للإخوان في الثورة وإدلائه بمعلومات عن حقيقة دورهم فيما سُمي بموقعة الجمل وفي عمليات فتح السجون لتهريب المساجين والذين كان من بينهم الرئيس الإخواني الجديد محمد مرسي، وذلك أثناء الحملات الانتخابية بما جعل وجوده في مصر خطرا عليهم وبما يجعل أمنه الشخصي بالبقاء في مصر خطرا عليه! بما جعلهم يحنقون على دولة الإمارات على استضافته،ويحرضون على الهجوم الاعلامي عليها على لسان العريان والإخوان، فاتجهوا على ما يبدو لابتزازها أمنيا عن طريق (أصابعهم) الموجودة فيها وخالفوا عهدهم لعموم دول الخليج التي استضافتهم منذ عقود بألا يمارسوا نشاطهم السياسي على أراضها، وجعلوا من إقامتهم فيها مصدر جمع للمال لتحسين حياتهم ولدعم تنظيمهم في مصر، إلا أنه لو ثبتت صحة الاتهامات يكونون قد بدأوا نشاطهم مع صعود الاخوان للحكم في مصر، فلما قُبض عليهم في الامارات بعد اكتشاف أمرهم، زاد حنق الاخوان خصوصا بعدما فشلت جهود مبعوث الرئاسة الإخواني في الافراج عنهم فزادت الكراهية الاخوانية وزاد الهذيان العرياني في أكثر من مجال باتهام الإمارات بأنها تساعد 'الثورة المضادة' وبأنها تمتنع عن مساعدة الاقتصاد المصري! وتناسى عريان الاخوان وإخوان العريان أن اتهاماتهم مكشوفة وزائفة؛ ذلك أن الدعم الإماراتي لمصر ظل متواصلا بسخاء خصوصا مع حرب اكتوبر دعما للمجهود الحربي للجيشين المصري والسوري، إلى حد اتخاذ قرار بالقطع الكلي للبترول عن أميركا والدول الغربية الداعمة لإسرائيل، ويروي لنا الدكتور عز الدين إبراهيم -المستشار الثقافي لديوان الرئاسة في عهد شيخ العرب الراحل الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه- حينما اتصل الرئيس السادات رحمه الله بالشيخ زايد طالبا منه 100 مليون دولار أثناء المعركة لدعم التسليح والذخائر، فاقترضها رحمه الله من بنوك بريطانية، وحينما طلب منه شراء شحنة من بنوك الدم لإسعاف الجنود الجرحى، أرسل شحنتين في طائرتين الأولى لمصر عبر ليبيا والثانية لسوريا عبر لبنان. كما فتح المراكز الطبية في الامارات للتبرع بالدماء لصالح الجيشين المصري والسوري وكان في مقدمة المتبرعين بدمائهم أبناء زايد جميعا، وهناك صورة شهيرة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة أثناء تبرعه بالدماء، ثم امتدت أيادي شعب الامارات البيضاء لدعم مصر وسوريا لتعمير ما دمرته الحرب وفي مقدمتها مدن القناة الثلاث التي في كل منها حي إسكاني يحمل اسم الشيخ زايد ، كما دعم بقوة مشروعات التنمية والتعمير والتخضير في سيناء وفي توشكي ، وشق القنوات وأصلح الأرض وقدمها هدية للشعب المصري، ومازالت شاهدة على كرم وأصالة شعب الامارات وزايد الامارات وأبناء زايد الامارت الذين بقيت دار زايد الخير بهم تسير على درب الأصالة والعطاء لكل الأشقاء. لماذا يتناسي إخوان العريان وعريان الإخوان أن دولة الإمارات عقب قيام الثورة المصرية أعلنت رسميا أنها تحترم خيار الشعب المصري في التغيير وتقف إلى جانبه، واستقبلت الدكتور عصام شرف أول رئيس للوزراء المصري بعد الثورة، ووجَّه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة حينها بمنح مصر ثلاثة مليارات درهم مساعدة للاقتصاد المصري في عهد المجلس العسكري، منها مليار ونصف المليار لصندوق خليفة لدعم المشاريع الصغيرة لتوفير فرص عمل للشباب المصري، وتخصيص مبلغ 750 مليون دولار لمشروعات إسكان متوسطة للشباب، و750 مليون دولار لتقديم قروض ميسرة للشباب لإقامة مشاريع خاصة، كل ذلك كان فى هيئة منحة وليس قرضا، بلا منٍّ ولا شروط .. لكن صعود الاخوان والغدر بالمجلس العسكري والكراهية للإمارات بدل المحبة والعرفان فأوقفت كل شيء! لكن رسائل إماراتية إيجابية كثيرة توالت بالدعم الانساني والثقافي والعلني للشعب المصري في شكل 500 مليون جنيه لدعم الأزهر، وبالافراج عن 103 من المحكومين المصريين مدنيا وتسديد ديونهم، وبتكريم الشخصيات المصرية الدينية والثقافية والإعلامية، وبإكرام نحو نصف مليون من المصريين المقيمين في الامارات، وبدلا من أن يشكر الإخوان كل ذلك، عادوا لمواصلة الهذيان لإهانة الاماراتيين والاضرار بالمصريين، فهل هذه هي أخلاق 'المسلمين'؟!.. وهل هذه هي قيم المصريين؟! .. وهل يكون جزاء الاحسان من الاخوان هو النكران؟!، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟!.. أفلا شكور؟!.. ف'من لا يشكر الناس لا يشكر الله'.. الشعب المصري هو من سيرد عليهم قريبا في اليوم الموعود.