ها هى ذى فى الأفق تخفق.. ترتفع رويدًا رويدًا.. تعلو فوق السحاب.. أراها ترفرف فوق جباه ناصعة.. ووجوه يملؤها الإصرار على استكمال الثورة التى حاصرها التجار والأفاقون والحواة والكذبة.. إنها راية الجماهير الثورية التى لن تُنكس أبدًا وستظل مرفوعة خفاقةً لأن أبناء المحروسة لن يسمحوا لطاغية أيًا كان أن يستمر فى استبداده بعد أن خلعوا مبارك بقوة الإصرار العنيدة وبعد أن دفعوا ما دفعوا من دم زكى من أجل الحرية والانعتاق من أسر التبعية والاستغلال والتخلف.. فمعركة مصر المحروسة مع الاستبداد والاستغلال مستمرة وثورتها ضد التبعية والتخلف دائمة.. فلم تقم الثورة كى ينفرد فصيل أيًا كان بأمور البلاد ليعيد انتاج النظام السابق بنفس آلياته ومنهجه ولم يستشهد الشهداء ليحل محل الرأسمالى «حامل السيجار» الرأسمالى «حامل المسواك» فالكل رأسماليون تابعون للرأسمالية العالمية.. خاضعون لمخطط الهيمنة الأمريكى الذى يستهدف تقزيم مصر، وضمان أمن وتفوق إسرائيل.. وهذا يؤكد أن معركة مصر المحروسة الآن ليست مع من ينسبون أنفسهم إلى الإسلام.. ولكنها معركة مع الاستبداد والاستحواذ على مقدرات البلاد والانصياع المنسحق لرغبات سكان البيت الأبيض الأمريكى ليحافظوا لهم على أمن إسرائيل، ويحاربوا معاركهم فى المنطقة، وينفذوا خططهم ويرسموا بأوامرهم ملامح «مؤامرة» الشرق الأوسط الجديد.. فتنفتح السوق أمام منتجات الرأسمالية العالمية المأزومة ويتحول مجتمعنا إلى طوابير من خدم الرأسمالية الطفيلية التى لا تسمح بأى انتاج أو ابتكار أو إبداع. معركة مصر المحروسة التى يقودها شباب «تمرد» الآن وسط جماهير شعبهم تهدف إلى بناء مجتمع التنمية والانتاج، مجتمع حرية الرأى والتعبير، مجتمع لا يفرق فيه القانون بين مصرى ومصرى بسبب الفكر أو المعتقد أو الجنس أو الدين.. هذا الشباب الحالم هو الذى يجدد الآن روح ثورة يناير العظيمة ويستعد ومن حوله أبناء الشعب العامل لمعركة فاصلة بين الاستبداد والحرية وبين الاستغلال والعدالة الاجتماعية وبين التنمية والتبعية، وبين القهر والكرامة الانسانية.. إنها معركة مستقبل مصر وليست كما يعتقد البعض أنها مجرد معركة فكرية أو عقائدية أو سياسية.. المشكلة تكمن فى أن الفصيل الذى ينسب نفسه إلى الإسلام ويحاول احتكار التحدث باسمه قد أوقع نفسه فى مأزق تاريخى.. فلقد قادته نشوة الانتصار الطارئة فى «الصناديق» والدعم غير المسبوق من أمريكا إلى إقصاء الجميع والانفراد الأنانى بالمجتمع تمهيدًا لاختطاف الدولة فمارس نفس ما كان يمارسه النظام السابق من عنجهية واستبداد واستغلال، ورغم جهل كوادره وعدم خبرتهم أصر على استكمال خطة إقصاء الكفاءات الوطنية وتمكين «أهله وعشيرته» حتى أوصل المجتمع إلى حافة هاوية سحيقة، غير عابئ بتحذير المحذرين ونصح الناصحين واحتجاج المحتجين، لا يسمع إلا لنفسه.. ولا يرى إلا ذاته، ويصر بعنجهية على السير إلى الهاوية المحتومة مبتسمًا ابتسامة المنتصر!! وعندما يصل المستبد إلى هذه الحالة.. فاعلم أنها النهاية.. وأن الطاغية الذى يستمتع الآن بأحلام اليقظة سيتيقظ غدًا على أصوات الجماهير الهادرة تطالب برأسه..