محبة المصطفى صلى الله عليه وسلم فيها خير الدنيا وسعادة الآخرة وهناك من الآدلة القرآنية الدالة على وجوب حب النبى صلى الله عليه وسلم وثم أن هذا الحب وحول هذا الأمر يحدثنا فضيلة الأستاذ الدكتور نزية عبد المقصود مبروك عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا السابق قائلا: لقد أوجب المولى سبحانه وتعالى علينا محبة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وتوعَّد من يخالف ذلك بقوله تعالى " قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ " [ سورة التوبة: الآية رقم 24]. فكل ما ذكر في هذه الآية جُبِل المرء على محبتها ، والآية فيها ذمُّ صريح لمن قدَّم حبها على حب الله ورسوله والجهاد في سبيله ، ومن يفعل ذلك فلينتظر العقاب من الله تعالى عاجلا أم آجلا . ومن الأدلة القرآنية على وجوب تقديم حب النبي صلى الله عليه وسلم على كل محبوب: قوله سبحانه وتعالى " النبِي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ " [ سورة الأحزاب: الآية رقم 6]. يقول ابن القيم رحمه الله فى روضة المحبين ، قال الله تعالى " النبِي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ " ، ولا يتم لهم مقام الإيمان حتى يكون الرسول أحب إليهم من أنفسهم ، فضلاً عن أبنائهم وآبائهم . وهل هناك ادلة من السنة على وجوب حب النبى صلى الله عليه وسلم ؟؟ يجيب ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يؤمن أحدكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من والده وولده، والناس أجمعين " 2- وروى البخاري فى صحيحه عن عبدالله بن هشام رضى الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذٌ بيد عمر بن الخطاب ، فقال له عمر : يا رسول الله ، لأنت أحب إلى من كل شيء إلا من نفسى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا والذى نفسى بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك " ، فقال له عمر : فإنه الآن والله لأنت أحب إلى من نفسى ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " الآن يا عمر " 3 - قول النبى صلى الله عليه وسلم " ثلاث من كن فيه، وجد بهنَّ حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرءَ لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يُقذف في النار " . 4 - حديث أنس عن الرجل الذي جاء فسأل النبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله، متى الساعة؟ فأعرض عنه النبي عليه الصلاة والسلام ، ثم عاد إليه، فقال : ما أعددتَ لها ؟ قال : حب الله ورسوله، فقال صلى الله عليه وسلم " فإنك مع من أحببتَ " . وفى رواية أخرى قال أنس : "ما فرِحنا بعد الإسلام فرحًا أشد من قول النبي - صلى الله عليه وسلم " إنك مع مَن أحببت " ، فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، فأرجو أن أكون معهم، وإن لم أعمل بأعمالهم". إذن فمحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليست أمرًا ثانويًّا أو أمرًا مخير فيه، إن شاء المرء أحبه وإن شاء لم يحبه، بل هى واجب على كل مسلم، وهى من صميم الإيمان، ولا بد لهذا الحب أن يكون أقوى من أي حبٍّ، ولو كان حب المرء لنفسه وكيف نترجم حبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟ أولا : نصرته في حياته ونصرة سنته بعد موته ثانيا : الحرص على صحبته صلى الله عليه وسلم "قال القاضي عِياض رحمه الله : ومن محبته - صلى الله عليه وسلم - نصرة سُنته، والذَّب عن شريعته، وتمنِّي حضور حياته، فيبذل ماله ونفسه دونه". ثالثا : امتثال أمره، فلا يعقل أن تدَّعي محبته ولا حظَّ لك من سنته وهدْيه ، فالمحبة الحقيقية لا بد أن يتولد منها التأسي به صلى الله عليه وسلم وطاعته فى كل ما أمر به . رابعا : الحرص على تبليغ سنته والدعوة إليها؛ ولذا فإن الصادقين في حب نبيِّهم يفنون أعمارهم في الدعوة وتبصير الناس بها، وحثهم على الدفاع عنها، والرد على من يتجشَّم عليها . خامسا : كثرة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ، فعن أُبي بن كعب قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثُلثُا الليل قام فقال: " يا أيها الناس، اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تَتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه " ، قال أُبى : قلت : يا رسول الله ، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتى ؟ فقال: " ما شئتَ " ، قال : قلت: الرُّبع؟ قال: " ما شئت، فإن زدت، فهو خيرٌ لك " ، قلت: النصف؟ قال: " ما شئت فإن زدت، فهو خيرٌ لك" ، قال: قلت: فالثلثين؟ قال: " ما شئت، فإن زدت، فهو خيرٌ لك " ، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: " إذًا تُكفى همَّك، ويُغفَر لك ذنبُك " . سادسا : محبة أصحابه وأهل بيته وإعمال وصيَّته صلى الله عليه وسلم فيهم ، وليس من شك أن الطعن فيهم والنيل منهم، نيلٌ وطعن في النبى صلى الله عليه وسلم . وماذا عن الصحابة وحبهم للنبى صلى الله عليه وسلم!! لقد أحب الصحابة الكرام رسول الله صلى الله عليه وسلم حبًّا ليس له نظير ، وصل إلى درجة أن افتدوه بأنفسهم وأموالهم وأولادهم وآباءهم : - يقول عمرو بن العاص رضى الله عنه : ما كان أحد أحب إلى من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عينى منه ، وما كنت أُطيق أن أملأ عينى منه إجلالاً له، ولو سئلت أن أصِفه، ما أطقتُ؛ لأنى لم أكن أملأ عيني منه . - وسئل علي بن طالب رضي الله عنه -كيف كان حبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا، وأبنائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ " . إذا ماهي ثمار محبة النبى صلى الله عليه وسلم : 1 - من أحب النبى صلى الله عليه وسلم كان معه فى الجنة : أخرج الطبراني وحسنه عن عائشة قالت: جاء رجل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا رسول الله، إنك لأحب إلي من نفسي، وإنك لأحب إلي من ولدى ، وإني لأكون فى البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتى، فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتى وموتك، عرَفت أنك إذا دخلت الجنة رُفِعت مع النبيين، وأني إذا دخلت الجنة، خشيت ألا أراك، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى نزل جبريل بهذه الآية " وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ " [سورة النساء : الآية رقم 69]. وقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : متى الساعة؟ قال: " وماذا أعددتَ لها؟ " ، قال: لا شيء، إلا أني أحب الله ورسوله، فقال: " أنت مع مَن أحببت " 2 - تذوق حلاوة الإيمان : قال صلى الله عليه وسلم " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان " وذكر منها " أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما " 3 - تفريج للهموم والكروب وصلاح للحال، وغفران للذنوب، وتكفير للسيئات : ففي حديث أبي بن كعب : أجعل صلاتي لك كلها - (أى: اجعل الدعاء كله صلاة عليك) - فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إذًا تُكفى همَّك، ويُغفر ذنبك" 4 - محبة النبى صلى الله عليه وسلم تبعث في النفس السكينة، وتُعمق الاحساس بالرضا، وتعين في مواصلة الدعوة وتحمُّل الصعاب والشدائد في سبيلها؛ وذلك اقتداءً بالمحبوب - عليه الصلاة والسلام - فمحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - تُورث الحياة الطيبة؛ لقوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ " [ سورة الأنفال: الآية رقم 24]. وقوله تعالى " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِى الْأُمِّى الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِى أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " [ سورة الأعراف: الآية رقم 157].