لأن مصر العربية عبر التاريخ باعتبارها الشقيقة الكبري لكل العرب والمسلمين، كانت تشعر بالتزاماتها التاريخية تجاه كل الأشقاء التي تربطها بهم علاقات الإخاء ، ولعبت أكبر الأدوار دفاعا عن الأمن والحرية والتنمية لذاتها ولكل العرب والمسلمين.. فمن هنا يشعر المصريون بصفة خاصة بواجبات خاصة تجاه أشقائهم العرب في كل بلد عربي، بحيث أصبحت أي قضية عربية هي قضية مصرية، وكذلك وقفت الأمة العربية إلي جانب كل القضايا المصرية. لكن مابين مصر العربية والامارات العربية من علاقات أخوية عميقة الجذور، تأسست وامتدت وترسخت علي مستوي القيادتين والشعبين الشقيقين في البلدين، فإن المواقف المشهودة للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه ، الداعمة لمصر وشعبها سواء قبل حرب رمضان المجيدة أو أثنائها أو بعدها، بوقف ضخ البترول للدول الداعمة لاسرائيل في الحرب وبمقولته المشهورة: ' إن النفط العربي ليس أغلي من الدم العربي '.. وبدعم مشاريع التعمير والتخضير في مدن القناة وسيناء والمشاركة في التنمية المصرية بالاستثمارات بعد الحرب، جعل لزايد العرب محبة ومكانة في قلب كل مصري، ولشعب الإمارات محبة واعتزاز لدي كل بلدة مصرية. من هنا أقبل المصريون علي العمل في الامارات بمئات الآلاف، من كل الفئات والتخصصات ومن القري والمدن المصرية معلمين وإعلاميين وقضاة وأساتذة جامعيين ومهندسين وأطباء وفلاحين وعمال للمشاركة مع أشقائهم في بناء النهضة الاماراتية الكبري في جميع المجالات التعليمية والثقافية والاعلامية والطبية والعمرانية و الزراعية مع مطلع السبعينيات ، ووجدوا من أبناء الإمارات كل ترحيب ومحبة واحترام،.. الأمر الذي دفع الكثيرين منهم أن يطول بهم المقام فيها لعقود بما جعلهم وأبنائهم الذين نشأوا علي أرضها وتعلموا في مدارسها والتحقوا بالعمل فيها يشعرون أنهم في بلدهم وبين أهلهم، لكن ذلك لم يفصلهم عن ارتباطهم بمصرهم الغالية، ولهذا يقلقهم كثيرا أن تؤثر خلافات السياسة علي علي العلاقات الراسخة بين الشعبين الشقيقين. ولأننا بشر يتعاملون ويتعايشون مع بشر ولسنا جميعا ملائكة، فليس بالضرورة كل شيء مثالي، وبالتالي لابد من بعض التجاوزات والملاحظات من هنا أو من هناك والتي يمكن تفهمها وحلها بالوسائل الأخوية والسياسية والقانونية المشروعة، خصوصا أن دولة الامارات العربية في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد رئيس مجلس الوزراء وإخوانهما حكام الامارات الحريصين علي نهج زايد والمقدرين لقيمة مصر والمحبين لشعبها، بها قانون عادل للعمل يحرص علي حقوق الجميع.. كما أن مظلة القانون هنا تظلل الجميع ومحل احترام الجميع، وينفذه جهاز شرطة عصري يراعي في تطبيق القوانين كل حقوق الإنسان.. وأإن كان لايخلو الأمر لايخلوا الأمر من بعض الاستثناءات التي لاتؤثر علي الصورة العامة الكريمة للإماراتيين، وللصورة العامة المشرفة للمصريين. بقي التطرق لعلاقة المصريين بوطنهم المصري، والنظر فيما عليهم أن يؤدوه من واجبات لأهلهم ولشعبهم في مصر بالمشاركة في التنمية، وما علي دولتهم ممثلة في حكومة بلدهم مصر أن تؤديه من واجبات تجاه رعاية أبنائها ومواطنيها في الامارات، سواء بضمان كرامتهم وسلامتهم في الإمارات بلدهم الثاني، أو بضمان حقوقهم ومستقبلهم بعد عودتهم في مصر بلدهم الأول. وهنا أشير إلي أنه كلما كانت علاقات القيادة في البلدين الأول الثاني ممتازة أو طيبة، وكانت قنوات التواصل بين المسئولين في البلدين مفتوحة ، سمح ذلك للمصالح المشتركة بين الشعبين ان تتدفق وتتواصل وتتعاظم، وشعر مواطنو البلدين في في الامارات ومصر بمظلة رعاية وحماية معنوية ومادية وإجرائية لاغني عنها. ولهذا فإن المصريون هنا يتطلعون باهتمام إلي الحكومة المصرية للعمل من جانبها بكل اهتمام علي تصفية أية أسباب نشأت أو يمكن أن تسمح لسحابات صيف أن تنشأ في سماء العلاقة الأخوية والتاريخية بين البلدين الشقيقين التي تمثل لكل منهما ضرورة أمن استراتيجي، وضرورة تنمية مشتركة، ومصالح للشعبين متبادلة. ولقد جاءت الرسائل الإماراتية الإيجابية الأخيرة في أكثر من مناسبة وأكثر من مجال مشجعة وباعثة علي التفاؤل سواء باختيار فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر شخصية العام الثقافية في إطار العرس الثقافي بمعرض أبو ظبي الدولي للكتاب الذي شارك بالمحاضرة في فعالياته الكاتب مصطفي بكري والباحث سيد ياسين و نخبة من الكتاب والمثقفين المصريين.. أو باختيار الإعلامي الكبير حمدي قنديل كشخصية العام الاعلامية في إطار العرس الإعلامي بالمنتدي الإعلامي العربي في دبي الذي شارك في الحديث بجلساته الدكتورة درية شرف الدين و الإعلامي الأديب فاروق شوشة ونخبة من الإعلاميين والصحفيين المصريين ، لتؤكد الحرص علي شعب مصر وتقدر قيمة مصر وتتطلع لدورها التاريخي الحضاري والثقافي والعلمي والإعلامي لتفتح الباب لإذابة الجليد من علي طريق العلاقات بين البلدين العربيين الشقيقين. وكما عبر الفريق صدقي صبحي رئيس الأركان المصري في زيارته البناءة إلي الإمارات، فإن العلاقات التاريخية بين مصر العربية و الإمارات العربية تضيء سماء الأمة بمواقف خالدة للمغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله لن تنساها مصر مهمامرت السنون والأزمان، إيمانا منه بمصر ودورها الحيوي والتاريخي تجاه امتها العربية فهو صاحب المقولة الشهيرة 'إن مصر بالنسبة للعرب هي القلب وإذا مات القلب فلا حياة للعرب' وهو أيضا ما سبق أن أكدته دولة الإمارات العربية المتحدة علي لسان وزير الخارحية سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، من حرص علي تعزيز العلاقات الإماراتية المصرية التاريخية والأخوية، ومن تأكيد علي متانة هذه العلاقات، ، والرغبة في تطويرها، لصالح البلدين والشعبين الشقيقين.. ومن ترحيب بالالتزام المصري الواضح بالأمن القومي العربي والعمل العربي المشترك، وعلي عدم التدخل في شؤون الغير وعدم تصدير الثورة .' كل هذا يؤكد أن علاقة البلدين الشقيقين قاعدتها الأساسية هي علاقات الشعبين العربيين الثابتة في البلدين غير القابلة للتغير مهما تغيرت السياسة أو تغير الساسة.. وسيبقي المصريون في الامارات جسر إخاء ونماء لصالح الشعب العربي في مصر والشعب العربي في الإمارت.