أكد فضيلة الأستاذ الدكتور نزية عبد المقصود مبروك عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا في تصريحات "للأسبوع" ان الاحتكار يعنى : شراء القوت والمواد الغذائية فى وقت الغلاء ثم تخزينها لبيعها بثمن أكبر من الثمن الحقيقى لها فى وقت الأزمات والشدائد . أو هو ببساطة حبس الطعام والسلع والبضائع عن التداول فى السوق لرفع ثمنها . وقد واجهت الشريعة الإسلامية الاحتكار وجشع التجار قبل أن تواجهه أية دولة ، فأكد النبى صلى الله عليه وسلم على حرمة الاحتكار وأن المحتكر تبرأ الله منه ، فقال صلى الله عليه وسلم " من احتكر طعاما أربعين يوما برئ من الله وبرئ الله منه " وأكد صلى الله عليه وسلم أن المحتكر مخطئ فقال عليه الصلاة والسلام " لا يحتكر إلا خاطئ " وأكد النبى صلى الله عليه وسلم أن المحتكر مطرود من رحمة الله تعالى فقال صلى الله عليه وسلم " المحتكر ملعون والجالب مرزوق" وملعون أى مطرود من رحمة الله عز وجل ، وحذر النبى صلى الله عليه وسلم كل من تسول له نفسه أن يحتكر طعام الناس أو السلع أو البضائع التى يحتاج إليها الناس فقال صلى الله عليه وسلم " من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجزام والإفلاس . لذا أباح الإسلام لأولى الأمر إنذار المحتكر ببيع السلعة التى يحبسها عن الناس فإذا رفض يجوز للدولة أن تتدخل وتصادر السلعة لرفع الظلم الذى يتعرض له المجتمع بسبب الاحتكار. ويقول الفقهاء أن من احتكر سلعة يجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى لارتكابه إثما كبيرا ولإلحاقه الضرر بالمجتمع ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول " لا ضرر ولا ضرار " . ومن الملاحظ أن الأسواق فى الفترة الحالية، تشهد موجة قوية من الغلاء طالت معظم السلع الغذائية الأساسية ، ويرجع سبب الغلاء وتفاقم الأزمة إلى جشع التجار ورفع الأسعار غير المبرر ، بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب دون النظر إلى المصلحة العامة وحال المواطنين البسطاء . و مواجهة الجشع والاحتكار لن تكون إلا بتدخل الدولة كى تلعب دورها فى التصدى للمحتكرين ، وأن تفعل قوانين الاحتكار وتنفذ عقوبتها بصرامة شديدة للقضاء على الاحتكار . وعلى الدولة أن تعمل على مراقبة الأسواق وتفعيل القوانين التى تمنع الاحتكار وتنفذها على الجميع دون استثناء و أن تقوم بخلق البديل، لأنه بالرغم من وجود عقوبات عديدة تجرم الاحتكار وتعاقب الجشع ، إلا أن هذه الممارسات مازالت قائمة حتى الآن ، لأن العقوبة وحدها ليست كافية ، لكن حال وجود بديل سنجبر هؤلاء على بيع السلع بالسعر الموجود بالمنافذ الحكومية ، حيث إن عدم توافر السلع فى المنافذ الحكومية من أهم الأسباب التى جعلت التجار يحتكرونها ، وبالتالى يرفعون سعرها . ولابد من الحرص على إقامة معارض كبيرة لبيع السلع التى تشعر بأن هناك تجارا يحاولون احتكارها ، فوجود هذه المعارض والتوسع فى توزيع السلع الغذائية عبر المنافذ الحكومية على مستوى الدولة من أهم الآليات لمواجهة الاحتكار وجشع التجار . وبعيدا عن دور الدولة فى مواجهة الأزمة ، يجب أن يكون للمواطن دور كبير فى مواجهة محتكرى السلع ، وأن يتمتع المواطن بالإيجابية ويقوم بالإبلاغ عن التجار الذين يحتكرون السلع والمنتجات أو من لم يلتزموا بالتعريفة التى تحددها الحكومة، ويجب على الجهات المسئولة أن تقوم بحملات دورية للقبض على محتكرى للسلع ، وتفعيل دور المشاركة المجتمعية للحد من جشع التجار واحتكار السلع ، وذلك من خلال الإبلاغ الفورى عن المحتكرين ، وعلى الحكومة سرعة الاستجابة لهذه البلاغات وفحصها بدقة ، وسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه المخالفين . وعلى المواطنين أن يحققوا فيما بينهم التكافل الاجتماعى لمواجهة الأزمة الحالية والتصدى لجشع التجار حتى يتحقق المجتمع الذى يحبه الله ورسوله ، يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " .