علمت 'بوابة الأسبوع' من مصادر واسعة الإطلاع أن بعثة صندوق النقد الدولي اشترطت 'للموافقة علي القرض الذي تطلبه مصر'، سماح القاهرة للبعثة بالحصول علي التفاصيل الكاملة للموازنة العامة للدولة، لاسيما المبالغ المرصودة للوزارات والمؤسسات السيادية 'الدفاع والداخلية وأجهزة الأمن بما فيها المخابرات.. '. وشددت البعثة علي ضرورة معرفة البنود التفصيلية لميزانية كل وزارة، وحجم إنفاقها من الدخل القومي القومي، حتي تحصل مصر علي موافقة مجلس إدارة الصندوق في اجتماعه المقبل، خلال الفترة من 16 إلي 21 أبريل. وتمسكت بعثة الصندوق برصد حركة التعاملات المالية اليومية في البنك المركزي، ومتابعة الأرصدة الداخلة والخارجة من وإلي البنك. ودعت الحكومة للإسراع باستكمال مشروع الخصخصة، وجملة من الشروط الأخري 'تحرير سعر صرف الجنيه.. تحريك الأسعار.. إعادة هيكلة الدعم.. زيادة الضرائب والرسوم الجمركية علي عدد من السلع والبضائع'. ودعت البعثة إلي تعجيل الحكومة برفع أسعار المرافق الخدمية، خاصة تعديل شرائح الكهرباء ومياه الشرب، ورفع الدعم عن المواد البترولية، كما طالبت بالوقف الفوري لأي تعيينات جديدة في الجهاز الإداري، وتخفيض عدد الموظفين في الحكومة. وحذرت البعثة 'التي غادرت مصر قبل أيام' من تلكؤ الحكومة في تطبيق الشروط المطلوبة. وفشلت المجموعة الاقتصادية في الحكومة في إقناع البعثة بإرجاء هذه الشروط إلي ما بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، 'حتي لا تتسبب الإجراءات التقشفية التي سوف تتخذها الحكومة في ثورة شعبية جديدة'. وبدأت مطلع الشهر الجاري جولة جديدة من المباحثات الماراثونية بين الحكومة المصرية وبعثة الصندوق، استمرت أسبوعين. وخلال النصف الأول من الزيارة دخلت البعثة في مناقشات غير معلنة مع الحكومة، ثم أجرت لقاءات مع أطراف في المعارضة الحزبية والسياسية. وترغب مصر في الحصول علي قرض قيمته أربعة مليارات و 800 مليون دولار. وقد جري التوصل إلي اتفاق مبدئي بين الصندوق والقاهرة خلال شهر نوفمبر الماضي، قبل أن تتسبب القلاقل السياسية والاحتجاجات الشعبية في تعليق المرحلة اللاحقة من الاتفاق. وكانت القاهرة 'بحسب مصادر في مجلس الوزراء' تراهن علي إنجاز تقدم كبير في هذه الجولة من المفاوضات 'في ضوء تنفيذ عدد من الخطوات المهمة التي طلبها الصندوق'. وتري الحكومة أن حصولها علي قيمة القرض الأصلي '4.8 مليار دولار'، بمثابة شهادة دولية، تؤكد الثقة في قدرة الاقتصاد علي تجاوز الصعوبات والتعافي 'مما يتيح تدفق رءوس الأموال والحصول علي حزمة مساعدات عربية وغربية'. وراجعت الحكومة مع بعثة الصندوق الإجراءات المتعلقة بجذب الاستثمارات الأجنبية والعمل علي تذليل العقبات التي تواجه الشركات العاملة في مصر وإعادة تشغيل عدد من المشروعات المتوقفة '3000 مصنع وشركة'، فضلا عن تطورات الوضع الأمني في البلاد والجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في هذا الشأن. وفيما نفي وزير المالية الدكتور المرسي حجازي، أن يكون الصندوق قد طالب الحكومة برفع قيمة احتياطي النقد الأجنبي إلي 19 مليار دولار، فقد ألمحت المصادر إلي احتمال زيادة قيمة القرض الذي تطلبه مصر من الصندوق بشرط علاج عجز الموازنة. ويؤكد الصندوق أن الإجراءات التي اتخذتها مصر غير كافية لسد الفجوة التمويلية 'تقدر بحوالي 19.5 مليار دولار خلال ثلاث سنوات مالية، حال تطبيق مصر إصلاحات اقتصادية، وتتسع إلي 83 مليار دولار، حال تخلي مصر عن تنفيذ الشروط المطلوبة'. ورفضت الحكومة الحصول علي قرض عاجل قيمته 750 مليون دولار 'نصف حصة مصر التي تساهم بها في صندوق النقد'، بحجة 'سد احتياجات الحكومة من النقد الاجنبي وتغطية الاحتياجات الأساسية من السلع الرئيسية'، وأكدت القاهرة أن 'مخاطر القرض العاجل أكبر من مزاياه'. ويطالب الصندوق بتقليص عجز الموازنة العامة وتحسين الاقتصاد الكلي بما يسهم في تهيئة مناخ الأعمال وتدفق الاستثمارات ودفع معدلات النمو والتوظيف. وتستهدف حزمة الإجراءات الإضافية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي 'تفعيل وتعظيم الإيرادات وتقليص الإنفاق الحكومي عبر إعادة هيكلة الدعم، وأن تتولي الحكومة المصرية تحديد الطريقة الأنسب لتفعيل هذه الشروط. ويري خبراء أن ضغط الإنفاق الحكومي سيشكل ضغطا علي الفئات الفقيرة، وهو ما يحد من قدرة الحكومة علي ترشيد الدعم تحسبا لردود الأفعال لأن إعادة هيكلة الدعم من شأنها إحداث موجة جديدة من التضخم وارتفاع الأسعار ويؤكد مسئولون حكوميون أن مصر لن تقبل أي شروط تقشفية -. تعجيزية يفرضها الصندوق 'علي الأقل في الوقت الحالي' حتي لا تكون لها تكلفة سياسية مرتفعة علي النظام. ويشهد الاقتصاد المصري أزمة غير مسبوقة لتراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي، الذي لا يغطي إلا واردات ثلاثة أشهر فقط. وزاد عجز الموازنة عقب فقدان الجنيه المصري نحو عشر قيمته منذ بداية العام الجاري، مما دفع البنك المركزي إلي رفع أسعار الفائدة لوقف التدهور. وفيما يتواصل نزيف الاستثمار الاجنبي، فقد سجل احتياطي النقد الأجنبي لدي البنك المركزي المصري نحو 13.5 مليار دولار، وسط ارتفاع في نسبة البطالة ل 13% '3.6 مليون عاطل في مصر'، فضلا عن إغلاق نحو 3000 مصنع. وللتخفيف من حدة لجأت حكومة الدكتور هشام قنديل إلي خفض واردات الوقود الذي تعتمد عليه مصر بصورة أساسية، لكن هذه الخطوة نتج عنها حدوث أزمات في محطات الوقود وقطاع الكهرباء.