ساعات قليلة وتعلن نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية، لقد أدلى الناخبون المصريون بآرائهم بكل حرية فى إطار من الشفافية والنزاهة وتحت إشراف قضائى كامل فى كافة اللجان الفرعية والرئيسية. إن النتيجة التى ستعلن سوف تعكس مدى اهتمام الناخب المصرى بالمشاركة الفاعلة، فى وقت تواجه فيه البلاد تحديات ضخمة وحملات ممنهجة من الشائعات والأكاذيب التى تهدف إلى إثارة الفوضي وفتح الطريق أمام عودة جماعة الإخوان الإرهابية إلى الحكم مرة أخرى. لقد تحمل الشعب المصرى على مدى السنوات الماضية وتحديدًا التى أعقبت 25 يناير 2011، أوضاعًا أمنية واقتصادية صعبة، بعد أن سادت الفوضى، وانهارت القيم، وتراجعت الأولويات الداعمة لبقاء الدولة ونهوضها. غير أن الشعب المصرى صمد، ودافع عن دولته وكيانه الوطنى، وتحمل فى سبيل ذلك أعباء الإصلاح الاقتصادى، وهو على ثقة بأن القيادة المصرية تسعى إلى تحقيق التقدم والنمو، حتى وإن تحقق ذلك بعد حين.. لقد أدرك المصريون أبعاد المؤامرة وحجمها، وعرفوا من هم أعداؤهم ومن هم أصدقاؤهم، وتحملوا في سبيل ذلك الكثير، لديهم ثقة وإيمان بأن الوطن يمضى على الطريق الصحيح، ولديهم قناعة بأن نهاية النفق قد أوشكت.. وبعد إعلان نتيجة التصويت على هذا الاستفتاء من المؤكد أن البلاد ستدخل إلى مرحلة جديدة، وسيكون على جدول الأعمال استحقاقات مهمة وقوانين فى غاية الأهمية ستحدد ملامح الفترة القادمة على كافة الأصعدة.. ويأمل المصريون فى المزيد من الحرية السياسية والإعلامية بما يدفع العملية السياسية قدمًا إلى الأمام، ويحقق المستوى المعيشى المناسب لكافة الفئات الاجتماعية المختلفة. إن المصريين لم يفقدوا الأمل في الاصلاح، بل تحملوا ومازالوا يتحملون، لأنهم يدركون أن بلادهم في حالة حرب تستهدف الوطن وأمنه واستقراره، غير أنهم يأملون فى مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم من بعدهم. إن العالم من حولنا يموج بالتقلبات والأزمات، كما أنها قوى لها مصلحة فى سيادة الفوضى فى عالمنا العربي، لأهداف متعلقة بالمطامع الأجنبية والصهيونية فى أرضنا وثرواتنا النفطية، إلا أن جيش مصر العظيم استطاع أن يتصدى لهذا المخطط ويحمى كيان الدولة من السقوط. وتدرك القيادة السياسية فى مصر أيضا أن الأمن القومى كُل لا يتجزأ، ولذلك أعلنها الرئيس السيسى أكثر من مرة أن قواتنا المسلحة مسئولة عن حماية الأمن القومى العربى في مواجهة كافة الأطماع الدولية والاقليمية. ولقد أدرك الجميع أن مصر جادة في مواقفها، وأن قيادتها لا تطلق الشعارات على عواهنها، بل إن أقوالها دائمًا تتميز بالمصداقية والحسم، مهما كانت الضغوط التى تمارس علينا من الخارج.. من هنا تأتى أهمية وقوف الشعب المصرى خلف قيادته السياسية، وفى هذا الوقت تحديدًا، ذلك أن العدو لا يزال يترصد ويحرض على الوطن منتظرًا اللحظة المناسبة للانقضاض. إن مشاركة الشعب المصرى فى هذا الاستفتاء وبنسبة مرتفعة هى الرد الفاعل على كل المشككين والمحرضين الذين يسعون إلى التشكيك فى مؤسسات الدولة وقيادتها وصولًا إلى تنفيذ سيناريو الفوضي. الشعب المصرى لن يخذل قيادته ودولته، بل هو كالعهد به دائمًا، يدرك أن اللحظة تتطلب اصطفافًا وطنيًا من الجميع، ويعرف أن بلاده لن تنجو إلا بوحدة الشعب والقيادة ومؤسسات الدولة كافة. صناعة الحديد مهددة بالخطر!! أحدث القرار الذى أصدرته وزارة التجارة والصناعة بفرض رسوم تبلغ 15٪ على استيراد «البليت» من الخارج ردود فعل صادمة لدى العديد من أصحاب مصانع درفلة الحديد، خاصة أن هذا القرار يصيب الصناعة فى مقتل ويهدد بإغلاق 22 مصنعًا يعمل فيها بشكل مباشر وغير مباشر أكثر من مائة ألف من العاملين فى هذه الصناعة.. خاصة بعد أن ترتب على هذا القرار زيادة سعر طن الحديد بحوالى 500 جنيه. ولا شك أن هذا القرار قد جاء لصالح أصحاب ما يسمى بالمصانع المتكاملة، المنتجة للبليت، والتى راحت تبرر للقرار وأهميته، خاصة أنها متهمة بأن لها مصلحة فى إغلاق مصانع الدرفلة، لتحتكر السوق وحدها، وتحقق أكبر المكاسب المادية على حساب الآخرين. ويزعم أصحاب هذه المصانع أن إنتاجهم من البليت يغطى حاجة السوق المحلى، وهو أمر غير صحيح، حيث يبلغ انتاج هذه المصانع حوالى )3.5( مليون طن سنويًا، بينما السوق يحتاج إلى حوالى )3.5 مليون طن أخرى( يتم استيرادها من الخارج. لقد كان هذا القرار وراء الاستغاثة التى تقدم بها أصحاب المصانع المضارة إلى رئيس الجمهورية.. حيث طالبوه بالتدخل فورًا انقاذًا للصناعة ووقف القرار الوزارى الصادر بفرض رسوم مؤقتة على خام البليت المستورد إنقاذًا لهذه الصناعة الاستراتيجية الهامة. ويزعم أصحاب مصانع البليت أنه بدون فرض رسوم الحماية فسوف تخرج من السوق صناعة تبلغ استثماراتها 160 مليار جنيه، ويقول إن لديهم فائضًا من البليت يكفى السوق المحلى. وينفى أصحاب مصانع الدرفلة هذه الادعاءات ويرون أنها تمهد للمزيد من الاحتكار على حساب الصناعة الوطنية وقد أكد جمال الجارحى رئيس غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات أن مصانع الدرفلة عرضت شراء بليت محلي من هذه المصانع، إلا أنها تلقت ردًا سلبيًا؛ حيث إن حجم البليت المحلى لا يغطى انتاج المصانع، بالرغم من أن حجم الطاقة الانتاجية لمصانع البليت بمصر يصل إلى 12 مليون طن، إلا أن المنتج لا يزيد على 3.5 مليون طن. ومن بين المصانع المتهمة بذلك مصنع «حديد عز» الذى رد على الخطاب المقترح ارساله من غرفة الصناعة المعدنية إلى وزير التجارة والصناعة بشأن حماية صناعة الصلب المصرية برفض الموافقة على التضامن مع هذه المصانع، وهو أمر يكشف النوايا الحقيقية لحديد عز، التى باتت المحتكر الأكبر لصناعة الحديد في مصر، حيث تعد هى المستفيد الأول من فرض الرسوم على استيراد «البليت» من الخارج. وكان جهاز حماية المنافسة قد سبق أن أصدر قرارًا مماثلًا قبل عدة أشهر بفرض رسوم تبلغ 10٪ على استيراد البليت وبعد أن قدم أصحاب مصانع الدرفلة مذكرة يؤكدون فيها تضررهم من صدور هذا القرار، قرر وزير التجارة والصناعة تشكيل لجنة من جهاز المنافسة واتحاد الغرف التجارية واتحاد الصناعات والمجالس التصديرية لدراسة أثار هذا القرار، وبعد المناقشات والاستماع إلى كافة وجهات النظر انتهت اللجنة إلى عدم تنفيذ قرار رسوم الحماية لتعارضه مع المصلحة العامة وخطورته على مستقبل صناعة حديد الدرفلة. إن السؤال الذى يطرح نفسه: هل يتدخل وزير الصناعة والتجارة كما تدخل فى وقت سابق لوقف العمل بقرار فرض رسوم تبلغ 15٪ على استيراد البليت؛ لينقذ الصناعة الوطنية ويوقف احتكار أربعة مصانع على حساب الآخرين؟!