منذ أن بدأت الهجمة الصهيونية الأخيرة علي غزة.. بدأ سيل من محاولات التشكيك.. وبجولة بسيطة بالريموت، علي قنوات العرب عامة، والمصرية الخاصة بشكل خاص، تري وتسمع العجب العجاب.. من تشكيك وتهويل وتصوير للأمور علي أن الحرب علي غزة 'مفبركة' وأنها محاولة للدفع بالغزيين إلي سيناء ليستوطنوها ويقيموا عليها وطنًا بديلا. وتري شخوصًا مهندمة، وتحمل الألقاب العلمية والمهنية، تنبري وتتمطع علي مقاعدها، وتأخذهم الجلالة في التصريح والتوضيح.. وللأسف تفرد لهم مساحات، واستوديوهات، ويجدون من بين المذيعين ما شاء الله من يهلل و يهول.. أي سيناء التي تتكلمون عنها؟؟ وهل إذا خططت إسرائيل.. ورسمت وتمنت.. يجب أن نصدقها؟؟ وهل إذا شاءت الرجعية العربية، والعملاء والخونة وما أكثرهم في وطننا.. كان لهم ما يشاءون؟؟ هل نسي المتنطعون من أصحاب الشعر المجلجل والشوارب المحففة، ومضيفيهم من مذيعات ومذيعين أن هناك شعبًا اسمه الشعب الفلسطيني؟؟ وأن هذا الشعب يعلِّم العالم كيف يكون التصدي وكيف تكون المقاومة.. يعلِّم العالم كيف يكون الثبات علي الموقف والحفاظ علي المقدسات والأرض والتاريخ؟؟ أسأل: هل نسوا؟.. ربما نسوا.. فمثل هؤلاء ينسون أو يجيدون فن التناسي، حتي أنهم ينسون تاريخهم الأسود.. ولهم قدرة علي محو الذاكرة بسرعة، فمنذ عامين فقط، كان لهم منطق مختلف، ومواقف ومواقع و كلام وآراء.. بل مبادئ مختلفة.. أيها السادة والسيدات: لو أراد الفلسطينيون أن يستوطنوا سيناء، لاندفعوا إليها وهي 'سداح مداح' بعد حرب 1967، فقد كانت أراضي تحت سيطرة الاحتلال الصهيوني ذاته الذي يحتل أراضيهم بعد انكسار العرب.. وكان الذهاب والبناء والعيش في سيناء أسهل.. ولكنهم لم يفعلوا ولن يفعلوا.. حتي لو وضع الصهاينة والمتصهينون مليون خطة؛ لأن فلسطين أغلي وأعز.. والفلسطيني تعلم، وهو اليوم بدمه.. وكفاحه المتواصل وحيدًا يحمي الأمة العربية والمقدسات الإسلامية والمسيحية.. لا شئ يكسره، وتنكسر البلاد علي أصابعه كفخارٍ. أقول للأساتذة الذين يشككون في كل شيء وأي شيء: ابتعدوا بأفكاركم.. وتأثير هوسكم وتخيلاتكم عن فلسطين والفلسطينيين، وكفاكم لعبًا بأدمغة شعوبكم وتسميما لطهارة وصدق انتمائهم.. ولا تعلقوا فشلكم في توصيل فكركم لشعوبكم علي الشماعة الفلسطينية.. كالعادة.. الفلسطيني سئمكم و سئم مراهقتكم، وثقافة صالوناتكم.. وقال بلسان الشاعر العبقري الفلسطيني محمود درويش منذ زمن 'يا وحدنا...'.. لحمي علي الحيطان لحمك، يا ابن أمي جسد لإضراب الظّلال وعليك أن تمشي بلا وطر ُق وراءً، أو أماما، أو جنوبًا أو شمالا وتحرّك الخطوات بالميزان حين يشاء من وهبوك قيدك ليزينوك ويأخذوك إلي المعارض كي يري الزوار مجدك كم كنت وحدك! كم كنت وحدك! الفلسطيني الآن.. يقود ملحمة عسكرية وسياسية، فلم لا تتعلمون.. أنتم ومذيعوكم وصحفييكم وكتابكم؟!.. اجلسوا، وتعلموا كيف هي السياسة، وكيف يكون النضال... تعلموا كيف تنتصر الثورات.. وكيف تنتصر الشعوب.. تعلموا نعم، الفلسطيني له الحق أن يعلمكم.. وردوها علي إن استطعتم.. وإذا حاسبتموني أحاسبكم.. هاتوا التاريخ يحكم بيننا.. من فرّط ومن باع.. من قاتل موني حمي الأرض والعرض.. والآن تجدفون وتقولون ما لا تفقهون.. لكم سيناؤكم، مصرية خالصة، لا شية فيها.. نصلي لله الباري أن ينجلي عنها القيد، قيد الاتفاقات التي جرَّت الأمة كلها في مستنقع وتوهة سيناء.. هي لكم خالصة كاملة.. خذوها.. ولنا نحن فلسطيننا.. أنتم بتفكيركم، تغردون خارج سرب شعبكم.. فالشعب المصري.. أثبت ويثبت كل يوم.. أنه أكبر من كل هذه السفاسف والأفكار الرخيصة المرتعشة أمام مؤامرات الصهاينة وأذنابهم.. أخوال العرب أقوي من أن تخيفهم خرافات كهذه..