عبر الأزمات والنزاعات الدولية والقرارات الأممية المصيرية التي عصفت بالعالم منذ بداية الألفية الثالثة وحتى الآن ، يسعى الاتحاد الأوروبي بدوله ال27 أن يكون له دور ريادي ومحوري في حل تلك الأزمات ، إلا أن دوره يبقى عاجزا أمام الهيمنة الأمريكية ، فمنذ الغزو الأمريكي للعراق ووصولا الآن إلى أزمات منطقة الشرق الأوسط العالقة من سوريا إلى ليبيا إلى اليمن والسودان والصومال وغيرها ، ثم القضية الفلسطينية لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من فرض صوته وقراراته تجاه تلك القضايا وغيرها أمام التعنت الأمريكي ، فمع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سدة الحكم جوبهت أوروبا بوابل من العقوبات والتحديات بعد أن قلب رجل الاقتصاد الأمريكي الطاولة على دول الاتحاد الأوروبي وكشف المستور ومتحديا الأوروبيين في الكثير من القرارات وفارضا عليهم الكثير من العقوبات منها تقليص المساعدة الأمريكية لليونسكو من أجل مصلحة إسرائيل ، وناقلا عاصمة بلاده من تل أبيب إلى القدس ليتحدى أوروبا والإرادة الدولية ، وتهديده بالخروج من اتفاق التجارة العالمي وفرضه لذلك ضرائب على الفولاذ والألمونيوم القادم من أوروبا ، وخارجا على اتفاقية المناخ الدولية التي تم توقيعها في عهد خلفه أوباما ، ومطالبته لدول أوروبا بدفع حصصها كاملة للناتو لضمان الدفاع الأمريكي عنها ، ثم وصولا الآن إلى رفض الرئيس ترامب وخروجه على الاتفاق النووي الذي وقعته الدول الكبرى بما فيها أمريكا أوباما مع إيران ، وفرض ترامب عقوبات استثنائية هزت الاقتصاد الإيراني وكذلك فعل مع تركيا . ولهذا يسعى الاتحاد الأوروبي وعبر وزراء خارجيته الذين اجتمعوا يوم الجمعة الماضي الموافق 31 من أغسطس الماضي بالنمسا التي تترأس الدورة الحالية للاتحاد من أجل الإبقاء على الاتفاق النووي مع إيران وحفظ ماء الوجه والوقوف في وجه العقوبات الأمريكية المرفوضة على إيران والتي أدت بدورها لسحب كبرى الشركات الأوروبية في مجال الغاز والنفط وصناعة السيارات استثماراتها من إيران ، ووقف شركات الطيران التجارية رحلاتها لعدم وجود عائد مادي من رحلاتها نحو إيران ، ورغم الجهود والخطوات المنفردة للاتحاد الأوروبي بخصوص هذا الشأن فإنه يبقى عاجزا أمام قرارات ترامب وعقوباته الأحادية ، وقد أتى مؤخرا قرار المفوضية الأوروبية بتقديم الدعم المادي لإيران كتعويض لها عما لحق بها من جراء العقوبات الاقتصادية ومطالبا إياها في نفس الوقت بالحد من صواريخها الباليستية وهيمنتها في دول المنطقة ورؤاها النووية بعد العام 2025 نهاية الاتفاق النووي . وبرغم ما تقوم به دول أوروبا من جهود فإنها تبقى خجولة أمام إيران من جهة وأمام السياسات الأمريكية من جهة أخرى ليبقى دورها السياسي والاقتصادي محدود أمام ما تقره واشنطن ، ليصبح الاتحاد الأوروبي أمام أمريكا غير قادر على الفعل ولا يمكن بذلك التعويل عليه في حل القضايا الدولية وهو الأمر الذي تشعر به إيران وتجعلها لا تعول كثيرا على الدور الأوروبي والتهديد بالرجوع إلى طموحها النووي في ظل شراكات دولية جديدة وعلى رأسها التعويل الإيراني على الصين وروسيا .