صوتها.. لا تُخطئه الروح قبل الأذن، كالندى حين يترقرق على وجنات الزهور، تجمع على ضفافه ذلك المزيج الغريب ما بين: العذوبة، والرقة، و«النعومة القوية».. وهو ما دفع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب إلى وصفها بأنها «صاحبة السكون الصارخ».. وهو الصوت الذى دعا الكاتب الكبير فكرى أباظة إلى أن تستولى عليه الحكومة بالرعاية والاهتمام. منذ 80 عامًا بالتمام والكمال وفى 11 أغسطس 1938م، ولدت نجاة محمد كمال حسنى البابا بالقاهرة لأسرة هواها الفن إذ كان والدها خطاطًا شهيرًا وعاشقًا للموسيقى، وشقيقها عز الدين ملحنًا.. وهو أول من درس لها الموسيقى.. وشقيقها الآخر سامى كان عازفًا على آلة «التشيللو».. بل كان يطلق على منزلهم «بيت الفنانين». لم تكن نجاة «الصغيرة».. تمييزًا لها عن نجاة على المطربة والممثلة الكبيرة آنذاك.. إلا حدثًا فنيًا استثنائيًا بظهور مطربة «كبيرة» منذ بداياتها إذ أتقنت منذ الصغر غناء دُرر سيدة الغناء العربى ..أم كلثوم.. إلى درجة مبهرة- لا سيما «سلوا قلبي»-، ويبدو أنها قد استحضرت من كوكب الشرق «حالة الغناء»، إذ كانت نجاة من أفضل مطربات جيلها «وقوفًا على المسرح»، فضلًا عن روعة الأداء، خصوصًا فى أداء أشعار الشاعر الكبير نزار قبانى الذى كان ممتنًا لنجاة إذ قال يومًا إنه عندما ينشر ديوانًا جديدًا فإنه يأمل فى الحصول على 15 ألف قارئ، ولكن حين تغنى نجاة إحدى قصائده فإنها تجتذب الملايين فى العالم العربى. غنت نجاة لأبرز شعراء وملحنى جيلها ومن سبقهم على مدى سنوات طوال، جعلتنا جميعًا نرتبط ب«صوتها» ارتباطًا وثيقًا، فمن منا لم ئؤثر به: «أيظن»، أو «البعيد منك قريب»، أو «ساكن قصادى»، أو «عيون القلب»، و«أسألك الرحيلا» ..إلخ. وكم كانت مفاجأة فنية مدوية فى عام 2017م حين عادت من اعتزالها )اعتزلت عام 2002م( لتشدو بكلمات الخال عبد الرحمن الأبنودى «كل الكلام»، من ألحان «طلال»، وتوزيع يحيى الموجى، وهى الأغنية التى صورها بطريقة الفيديو كليب المخرج هانى لاشين، ولاقت صدىً ضخمًا لدى «السميّعة» الذين أعياهم قبح الأغانى السائدة لمن لا صوت لهم ولا معنى. فى السينما، قدمت عدة أفلام منها: الشموع السوداء، شاطئ المرح، سبعة أيام فى الجنة، ابنتى العزيزة، وآخرها «جفت الدموع». كما حصلت على أوسمة وتكريمات عدة من مصر، والأردن، وتونس، وكذلك حصلت على جائزة سلطان العويس عام 2006م تحت مسمى «هؤلاء أسعدوا الناس». فنانتنا الكبيرة نجاة: أطال الله عمركِ وأسعدكِ كما أسعدتينا دائمًا.