يصاحبنا هذه الأيام ذكري غالية ولها التقدير والإعلاء الكبير في قلوبنا وعقولنا وهي الذكري التاسعة علي رحيل أستاذ وخبير الفلكلور صفوت كمال أحمد الذي كان ومازال يعد من أكبر علماء المأثورات الشعبية للفلكلور المصري والعربي والدولي. ولد الأستاذ صفوت كمال في سبتمبر عام 1936 وتوفي في 19 مارس 2009 بعد أن أثري المكتبات المصرية والعربية بالعديد من المؤلفات والأبحاث إلي جانب جهوده الكبيرة التي لن تنسي في مجال الفلكلور بفروعه المختلفة وإقامة المؤتمرات والندوات إضافة إلي إشرافه ومناقشته لمئات الرسائل العلمية في الدراسات العليا وبخاصة الماجستير والدكتوراه في الكثير من الجامعات المصرية في مجال الفنون والآداب والثقافة، كما يرجع له الفضل في إعداد الكثير من الكوادر من الباحثين والدارسين الذين تتلمذوا علي يديه عبر عمره ومشواره العلمي الكبير كما له الفضل عليهم في حسن إعدادهم وهم الذين نهلوا من علمه الغزير وقدرته وخبرته العلمية الفائقة التي مكنته من كل هذا العطاء الكبير الذي لا يعد ولا يحصي وبخاصة في مجال مدارس ومناهج الفلكلور وطرق الجمع الميداني للتراث الشعبي بكل فروعه داخل مصر وخارجها كما يرجع إليه الفضل مع عدد كبير من فطاحل التراث الشعبي المصري من جمع للتراث وإعداد الباحثين والدارسين مع إسهامات كبيرة في العمل الأدبي والصحفي وبخاصة في المجلات الفنية المتخصصة في مصر والوطن العربي وعلي رأسها مجلة الفنون الشعبية المصرية التي مازالت تصدر من الهيئة العامة للكتاب، كما يعود له الفضل في إصدار الكثير من الكتب الهامة المتعلقة بالفلكلور والتي أثرت المكتبة المصرية والعربية، كما ينتمي المرحوم والباحث والعالم الكبير صفوت كمال إلي المدرسة الشرقية لدراسة التراث ومنها دول حلف وارسو سابقا، وقد تخرج من قسم الفلسفة جامعة القاهرة عام 1956 وقام بالتدريس في الكثير من الكليات والمعاهد الفنية وعلي رأسها أكاديمية الفنون وبخاصة معهد الفنون الشعبية وبعض معاهد الأكاديمية، كما ينتمي إلي هيئات متخصصة عبر مراحل تطوره الفكري والعلمي منها عضو مجمع الموسيقي العربي وعضو منظمة الفلكلور الدولية، وعضو لجنة الفنون الشعبية بالمجلس الأعلي للثقافة سابقا، عضو جمعية المأثورات الشعبية ومقرر لجنة الفنون الشعبية بالمجلس الأعلي للثقافة، كما شارك في العديد من المؤتمرات العربية والدولية وحصل علي العديد من الجوائز والأوسمة ومنها جائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلي للثقافة عام 2001، وقد أسس لحركة البحث العلمي في الفلكلور انطلاقا من جمع ودراسة التراث الشعبي الكويتي بفروعه المختلفة بحسب ما يري الدكتور مصطفي جاد بأكاديمية الفنون من خلال دراسة متميزة عن الراحل صفوت كمال في مجلة الثقافة الشعبية. ومن انجازات وأعمال الراحل الخالدة هو أنه كان أول معد لبرنامج بعنوان من فنوننا الشعبية بالإذاعة المصرية عام 1964، كما عمل معد لبرنامج الفن الشعبي بالتليفزيون المصري، وقد ورد اسمه ضمن سجل أعضاء هيئة الإثنولوجيا والفلكلور الدولية عام 1965، ومن مؤلفاته الشيقة مدخل لدراسة الفلكلور الكويتي، عادات وتقاليد الزواج بالكويت، الأمثال الكويتية، الحكايات الشعبية الكويتية، التراث الشعبي وثقافة الطفل، المأثورات الشعبية، من أساطير الخلق والزمن، إضافة إلي العديد والعديد من المقالات المتخصصة في مجال الفلكلور بفروعه الكبيرة علي المستوي المصري والعربي والدولي، وله أبحاث عديدة متخصصة ارتبطت بالمؤتمرات العلمية عربيا ودوليا، كما لا ننسي انجازاته الكبيرة وإسهاماته في جمع التراث الشعبي العربي ثم المصري من المحافظات المصرية انطلاقا من صعيد مصر إلي مدن الوجه البحري وصولا إلي الإسكندرية، ومن سيناء إلي الوادي الجديد وسيوه والمنطقة الغربية في مجال الحكايات الشعبية وجمع الأمثال الشعبية والنكت والإنشاد الديني ومظاهر الفرجة الشعبية وقصة أيوب والمواويل والاحتفالات الشعبية وأغاني الصيادين، وطقس البشعة وعادات الزواج، والثأر وفض المنازعات وأغاني الحجيج والمرسمات الشعبية المتعلقة به وبرحلة الإنسان من المهد إلي اللحد، ثم جهوده الكبيرة مع رفاقه من المتخصصين والباحثين الأحياء والأموات في مركز الفنون الشعبية ومجلة الفنون الشعبية، إضافة إلي العديد والعديد من الدراسات والتأملات والأحلام التي كانت تراوده عن جمع التراث الشعبي المصري والعربي ومنها حلمه بإعداد مؤلف كبير عن فلكلور البحر وغيرها من الرؤي والدراسات الفلسفية المتعمقة. رحم الله أستاذنا الجليل صفوت كمال الذي ترك لنا برحيله إرثا علميا وثقافيا وأدبيا وأخلاقيا كبيرا سوف تنهل منه الأجيال القادمة من خلال كل الأساتذة الأفاضل الموجودين والباحثين المتخصصين في مجال دراسة الفلكلور في مصر والعالم العربي وبخاصة تلاميذه من أكاديمية الفنون.