تعجبت لحد الغضب من التصريح 'الوقح' الذي أطلقته ناشطة محسوبة علي شباب الثورة، ادعت أن تدفق الجماهير علي لجان الانتخابات الذي أذهل العالم ليس إلا نتيجة خوف الناس من 'الغرامة المالية' البالغة '005 جنيه'!! .. وأعلنت استمرارها في الاعتصام بميدان التحرير ومقاطعة الانتخابات!! ورغم يقيني أن تصريح الآنسة الناشطة لا يعبر عن أحدٍ غيرها، لكنه يؤكد ما ذهبت إليه من قبل متهمًا النخبة بأنها كانت ومازالت منفصلة عن نبض الجماهير .. بل إنها بمختلف أطيافها 'اليسارية واليمينية والإسلاموية' تحاول فرض وصايتها علي هذا الشعب العريق، وتحاول أيضًا احتكار التعبير عنه، واتهامه دائمًا بالجهل والغفلة لدرجة أن البعض أطلق علي الشعب ببجاحة اسم حزب الكنبة!! .. لكن أبناء هذا الشعب العريق خرجوا يوم 82 نوفمبر ليعلنوا ما سبق أن أعلنوه في 91 مارس أن شعب مصر شعب متحضر وواع وقادر علي تفعيل إرادته الثورية فهو الذي أنجز ثورة 52 يناير التي أشعل شرارتها شباب الطليعة الثورية، وهو سيحافظ علي ثورته دون وكلاء وأنه يريد بوعي كامل ديمقراطية حقيقية أيًا كانت نتائج الانتخابات وهذا معناه أنه قادر علي التغيير مستقبلاً إذا ما انحرف نوابه عن تحقيق مصالحه الاجتماعية والسياسية أو انحرفوا عن أهدافه، بل إن هذا التدفق الجماهيري التلقائي يؤكد أن جماهير الشعب المصري قد منحت شرعية جديدة لبرنامج نقل السلطة الذي التزم به قادة الجيش الوطني، فهل تقرأ النخبة حركة الشارع ورسالته الواضحة؟!! وهل تعتذر عن الإهانات البالغة التي وجهتها إلي هذا الشعب العريق؟!! استطاع شباب الثورة منذ 81 نوفمبر في ميادين مصر أن يعيدوا بوصلة الثورة إلي اتجاهها الصحيح، وأن ينجزوا الكثير من الأهداف المعطلة بفعل ركاكة حكومة 'شرف' المخلوعة، فلقد تحدد بفضل إصرارهم بشكل واضح وشفاف موعد تسليم السلطة لحكومة مدنية، كما تم إيقاف محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، بقي أن نتمسك بقوة وإصرار بضرورة محاكمة المجرمين الذين قتلوا الثوار منذ 52 يناير حتي معركة شارع محمد محمود وأن يتم تسريع محاكمة مبارك ومعاونيه بتهمة الفساد السياسي، وتعقب أذناب النظام بتفعيل حقيقي لقانون إفساد الحياة السياسية، ولكي يتحقق ذلك كله، لابد أن تتوحد فصائل الثورة في جبهة واحدة محددة الأهداف والبرامج حتي لا يسرق الانتهازيون 'من كل التيارات' مكاسب الثورة، فالفعل الثوري الحقيقي ليس فقط بالاعتصام أو التظاهر، لكنه بالعمل الثوري المنظم وسط الجماهير في الحقول والمصانع والقري والنجوع .. فهل نفهم؟!. التصريحات الفوضوية 'الساذجة' التي أطلقها بعض ممثلي التيارات الإسلامية في نشوة انتصارهم بالجولة الانتخايبة الأولي وإعلانهم تطبيق النموذج الوهابي في مصر يؤكد أن هذه التيارات بلا مستقبل سياسي وأنها تحفر قبرها الجماعي بنفسها، بل تؤكد أن هذه النتوءات السياسية الفوضوية الجاهلة ستذوب في أتون الفعل الثوري الجماهيري، وستصبح مجرد عينات تاريخية مكانها المتاحف وسيبقي العقلاء والشرفاء بمختلف انتماءاتهم 'الإسلامية والليبرالية والاشتراكية' ليقودوا مسيرة العمل الثوري ورسم ملامح المستقبل المشرق. سعدت باختيار د.شاكر عبدالحميد لتولي وزارة الثقافة فالرجل واحد من ألمع علمائنا ومثقفينا، قدم الكثير للعلم وللثقافة العربية في صمت وزهد، كما أنه واحد من أبناء الجماعة الثقافية وظل متمسكًا بثوابت الثقافة الوطنية شأنه شأن د.عماد أبو غازي الوزير السابق الذي قاد الوزارة بحكمة وشفافية في أحلك لحظات التحول الثوري، أعرف أن الدكتور شاكر سينحاز كما انحاز أبو غازي للمواطن البسيط، وأنه سيسعي كما سعي للوصول بالمعرفة والثقافة إلي قري مصر ونجوعها التي حرمت من الثقافة الحقيقية في زمن ثقافة الصهللة.