لم يكن أحد يعبأ بالانتخابات البرلمانية أو الرئاسية طيلة الثلاثين سنة الماضية لأنه لم يكن هناك انتخابات من الأساس حتي ولو كان هناك 'مرشحون وصناديق اقتراع وتصويت وفرز ونتائج'.. فالمصريون مع اختلاف ثقافاتهم وميولهم السياسي والديني كانوا يدركون حقيقة ما يدور حولهم وكانوا يعلمون أن أصواتهم لا قيمة لها وأن ما يجري حولهم كل أربع أو خمس سنوات كان مجرد تمثيلية يعدها ويخرجها عصابة الحزب المنحل مع جهاز أمن الدولة وحشد من وسائل الإعلام المأجور والموجه بجانب البلطجية وأرباب السوابق.. وكان ذلك سبب جوهري في مقاطعة العملية الانتخابية منذ بدايتها وحتي نهايتها.. بل والأكثر من ذلك أن المصريين البسطاء كانوا أكثر ذكاء من حكامهم وكانوا يتمنون ألا تقام الانتخابات من الأساس لتفادي ملايين الجنيهات التي تنفق وتهدر من مقدرات الوطن في انتخابات وهمية كانت نتيجتها معروفة مقدما. أما الآن فالمواطن يعلم جيدا أن صوته أصبح له قيمة حقيقية وثمن غال.. نعم صوت المواطن سيكون أغلي من أي وقت مضي ليس بمعيار المال بطبيعة الحال ولا بمقاييس البيع والشراء ولكن صوته سيكون غاليا لأنه سيرسم طريق المستقبل للأبناء والأحفاد والأجيال القادمة.. وعلي كل من يملك صوتا عليه أن يكون أمينا عليه وأن يمنحه لمن يستحقه سواء كان حزبا أو تيارا أو حتي علي المستوي الفردي. فالمشاركة في ظل الظروف الحالية واجبة علي كل مصري غيور وكل مواطن يتعمد الغياب أو المقاطعة سيكون مذنبا في حق نفسه ووطنه لأن المشاركة واختيار الأصلح هو أهم عوامل الاستقرار والأمن وتحقيق حضارة الأمة. وهنا أذكر بأن الثورة ما قامت وتفجرت ورويت بدماء الشهداء وأزاحت نظام الاستبداد والفساد إلا من أجل يوم نستطيع فيه أن نترشح وننتخب ونختار بكل حرية.. وها هو اليوم قد أتي وعلي الجميع أن يمسك بزمام المبادرة وأن يشارك في صناعة عهد جديد.. عهد لا يقبل التفريط في الحقوق أو حتي المساومة عليها.. والمشاركة هي بداية الطريق لأنها فرض عين علي كل منا وضرورة مدنية لا تقبل الغياب وعلي كل المصريين أن يشاركوا بقوة وفاعلية لضمان نجاح أول عملية انتخابية حقيقية كما أن الحرص علي التصويت سيكون السبيل الوحيد لإبعاد كل المتسللين من فلول النظام السابق إلي الأحزاب الجديدة.. وهذا هو الدور الأصيل للمواطن الذي لابد أن يواصل ثورته ضد المتلونين الذين لا يخجلون من أنفسهم ويصرون علي ترشيح أنفسهم مع أنهم معروفون بالاسم بأنهم من أذيال النظام السابق!! أما دور المجلس العسكري والحكومة الانتقالية فلابد أن يكون ملموسا وفعالا.. بمعني أن إصدار القوانين الإجرائية للانتخابات لابد أن يواكبه مواصلة تطهير البلاد من الفسدة والمفسدين.. فحتي الآن لم تصدر أحكاما علي المتورطين في قتل الثوار وكأنها جرائم وقضايا مدنية وليست قضيايا ثورية.. كما أن فلول النظام السابق وعناصره لا يزالون في مناصبهم في أكبر وأضخم المؤسسات الحكومية ولا أدري من يحميهم ومن يقف خلف بقائهم إلي الآن كما أن هناك أوساطا كاملة كانت تستخدم كأدوات حكم في عهد النظام السابق مازالت قائمة بكل صورها ولم تصلها الثورة مطلقا.. وأقصد هنا الوسط الرياضي والكروي بل والأكثر من ذلك أنهم ما زالوا يعملون بنفس سياسة النظام السابق من حيث التربح والكسب والصراع علي صفقات الرعاة وسبوبة الإعلانات.. وكأن شيئا لم يكن. إن كثيرا من المسئولين في الأندية والاتحادات الرياضية ليأكلون أموال الناس بالباطل ويريدون البقاء في مناصبهم أمد الدهر وهم صورة مصغرة للنظام السابق.. ولا يتناهون عن منكر فعلوه فإلي متي يبقي هؤلاء ومن يحميهم ويقف خلفهم.. وإلي أي طريق ذهبت القضايا المرفوعة ضدهم.. هل دخلت الأدراج كما كان يحدث قبل 25 يناير أم أنهم أكبر من القانون.. حاسبوهم قبل أن تحاسبوا.. وزنوا أعمالهم قبل أن توزن عليكم فهم يلعبون من وراء حجاب ويساندون الفلول بأموالهم للحفاظ علي كل ما نهبوه من أراضي الدولة وأموال المؤسسات والهيئات.. فهم أخطر من رموز النظام البائد وهم من يحرفون الكلم عن مواضعه وهم أخطر علي الثورة والثوار.. قفوهم وحاسبوهم لعلكم تفلحون.