البوركيني كلمة مكونة من مقطعين الأول بور من البورقع " نقاب المرأة " والثاني من بيكيني وهو لباس البحر المعروف للسيدات وقد أعد هذا الزي خصيصا للسيدات لارتدائه على الشواطئ ويسمح للمرأة بالسباحة مع تغطصة جسمها باستثناء الوجه والكفين والقدمين وقد صممته إحدى مصممي الأزياء في استراليا منذ عشر سنوات أعد خصيصا للمرأة المحجبة ويتكون من 3 قطع عبارة عن قميص وسروال وغطاء للرأس ، وقد تحول البوركيني خلال هذا الصيف إلى جدل واسع وهيستريا سياسية واجتماعية ودينية في فرنسا بعد أن قامت أكثر من 29 بلدية في الجنوب الفرنسي وبخاصة في مدينة نيس وكان إلى حظره بقرار إداري من جانب المحافظين والعمد بتلك البلديات أي بمنع ارتدائه على شواطئها باعتباره رمز ديني يمكن أن يكون سببا في التميز والتطرف المخالف لثقافة الشواطئ الفرنسية لنساء فرنسا والمخالف في نفس الوقت لمبادئ ومفاهيم العلمانية في المجتمع الفرنسي كما اعتبروه أيضا مظهر من مظاهر اسلمة المجتمعات الأوروبية التي بدأت تظهر مؤخرا من جانب الجاليات الإسلامية التي تصر على فرض عاداتها وثقافاتها على المجتمع الفرنسي بما يضر بالأمي والسلم العام في وقت تتعرض فيه فرنسا لهجمات إرهابية من جانب بعض الجماعات الدينية التي أصبحت تتخذ من فرنسا ودول أوروبية أخرى مقرا لعملياتها الإرهابية من خلال تجنيد الكثير من الشباب للإنضمام لصفوف تلك الجماعات في بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا ، وخلال الأسابيع الماضية أحدث البوركيني ضجة سياسية وإعلامية أدت إلى خلق جدل كبير في الرأي العام الفرنسي وبين الأحزاب والقيادات الفرنسية ما بين مؤيد ومعارض وذلك بعد أن شهد حظر البوركيني تطبيق فعلي على الشواطئ الفرنسية التي تخضع نفوذها إلى حزب الجمهوريين المعارض الذي يرأسه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي وغيره من القيادات اليمينية المتطرفة ، ومع بداية قرار الحظر قامت بعض المنظمات الحقوقية برفع القرار إلى المحكمة الإدارية في تلك المناطق التي أيدت بدورها الحكم الأمر الذي دفع تلك المنظمات الحقوقية ومعها رابطة حقوق الإنسان وبعض الجمعيات الإسلامية لرفع الدعوة مرة أخرى إلى مجلس القضاء الفرنسي الذي ألغى يوم الجمعة الماضي قرار الحظر الذي لاقى ترحيبا من جانب الجمعيات الحقوقية ومن جانب ممثلي الديانة الإسلامية بفرنسا الذين اعتبروه انتصار للحق ، ورغم قرار مجلس الدولة الفرنسي الذي يعتبر أعلى هيئة قضائية بالبلاد فقد هدد بعض عمداء البلديات بجنوب فرنسا بعدم امتثالهم للقرار وإصرارهم على تحرير محاضر مالية بحق النساء اللاتي سيقمن بارتدائه على الشواطئ ، ولهذا فقد تسبب البوركيني في خلق مزيد من التناحر والاختلافات داخل السلطة التنفيذية والأحزاب الفرنسية التي اختلفت بشأنه ما بين مؤيد ومعارض ووظفته كدعاية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة فقد رآه البعض خرقا لمبادئ العلمانية الفرنسية ورأه البعض الأخر انحرافا سياسيا يمكن أن يسمح بمزيد من الحقد والكراهية والعنصرية تجاه الأديان الأخرى من خلال منظور ديني وثقافي يمكن أن يهدد التعايش السلمي الذي تتمتع به فرنسا ، وعبر شبكات التواصل الاجتماعي بفرنسا وأوروبا عبر الكثير عن سخطهم تجاه فرنسا التي تعتبر بلد الحريات لأنها بهذا الحظر تمنع الحرية التي تجبر النساء على ارتداء زي معين مقابل أن فرنسا وبلدان الغرب يتهمون البلدان العربية كل يوم باضطهاد المرأة وحقوقها وما يتعلق بكل قضاياها وفي المقابل رأى البعض أن فرنسا دولة قانون ومن حقها وانطلاقا من علمانيتها أن تفرض ما تشاء من قوانين لمنع ما يتعارض مع المفاهيم والعادات والثقافة الفرنسية الموروثة ومنها البوركيني على غرار البرقع والحجاب الذي يظهر المرأة داخل بلد متقدم في وضع الاستعباد والانغلاق . أهم آراء الرموز وقيادات الأحزاب السياسية بشأن البوركيني : رأى الكثير من العقلاء وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أنه لا يجب أن يكون هذا الزي دعوة للتمييز أو الاستفزاز ، ورأى أن هناك أمور أخرى أكثر أهمية لفرنسا كالأمن ومكافحة الإرهاب ولا يجب السماح لموضوع كهذا أن يشكل خطر على التعايش السلمي في البلاد ، كما أيدت هذا الرأي السيدة هيدالغو عمدة باريس والتي رأته مجرد ضجة سياسية وإعلامية لايجب أن تأخذ فرنسا بعيدا عن مشاكلها الحقيقية وهي التوحد من القضاء على الإرهاب والانفتاح على الثقافات والابتعاد عن النقاط الحساسة التي يمكن أن تتسبب في بث روح الكراهية والعنصرية بين أطياف ومكونات الشعب الفرنسي وبما يخالف القوانين الثابتة المتعلقة بالحريات التي تتمتع بها فرنسا ، وقد أعرب رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس عبر الإعلام بما يخالف هذا التوجه عندما أعلن عن تأييده لقرار رؤساء البلديات الذين طبقوا الحظر ورآه ترجمة لمشروع سياسي ضد المجتمع الفرنسي لأنه وفق رؤيته مبني على استعباد المرأة ودعا لحظر النقاب في الأماكن العامة ودافع عن المبادئ العلمانية للجمهورية الفرنسية ، أما الرئيس السابق نيكولا ساركوزي فقد هاجم عبر الإعلام المرئي والمقروء البوركيني ورآه عملا استفزازيا كما رآه دعم للإسلام المتطرف وأكد في حالة فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة بأنه لن يسجن إمرأة من أجل قطعة قماش ولكنه في الوقت نفسه لن يتنازل عن الهوية العلمانية وسيعمل على منع الرموز والإشارات الدينية وبما يهدد نمط ثقافة المجتمع الفرنسي ، وبالمقابل فقد تم انتقاد تلك الأراء المتطرفة من جانب الأحزاب الشيوعية والاشتراكية ورأت فيه تجاهل للمشاكل التي تعيشها فرنسا من خلال التركيز على قضايا فرعية كالبوركيني والإسلامي في فرنسا وتوظيف ذلك من أجل الدعايا والترويج للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة على حساب إحداث صراعات وخلافات بين الثقافات يمكن أن تأتي على حساب التعايش والسلم الأهلي الذي تتميز به فرنسا المرحبة بكل الثقافات والأديان .