أكد مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف أن الإحتفال باليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس من كل عام، يأتي كناقوس يذّكر قادة العالم وصناع القرار بنضالات المرأة في سبيل نيل حقوقها المشروعة في المساواة مع الرجل والإعتراف بوجودها كطرف فاعل في معادلة التطور الإنساني، ولكي يعيد ترتيب أولويات الدول لتضع حقوق النساء في مقدمة اهتماماتها وإنهاء الغبن الواقع عليهن، وتنظر بعين الإعتبار إلى تلك المناطق من العالم التي تتعرض فيها النساء إلى انتهاكات واسعة النطاق. وأضاف المركز في بيان له أننا نتطلع لأن يكون اليوم العالمي للمرأة هذا العام مناسبة لا ينبغي أن تمر من دون تدشين خطوات عملية لمراجعة الأوضاع المتردية لحقوق النساء في مصر، ومجابهة التحديات والمشكلات التي تعوق النهوض بأوضاع المرأة وتكرس تهميشها والتمييز ضدها على الرغم من النضالات المتواصلة للنساء وانخراطهن في العمل العام بصورة أوسع نطاقا وعلى الأخص عبر السنوات الخمس الأخيرة التي قدمت فيها المرأة المصرية تضحيات كبيرة وأظهرت شجاعة هائلة في مواجهة أدوات القمع عبر ثورتي 25 يناير 2011، 30 يونيو 2013. وأشار بيان المركز الي أنه قد كان مأمولا إحداث طفرة نوعية في النهوض بأوضاع المرأة المصرية تواكب اعتماد دستور 2014 الذي الزم الدولة في المادة11 ب"اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا فى المجالس النيابية، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها"، كما اقر الدستور في مادته رقم 53 بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون وفي التمتع دون تمييز بالحقوق والحريات العامة وألزم الدولة بإنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض. وأكد المركز أنه بعد عامين من إعتماد الدستور يظل تفعيل النصوص الدستورية التي تقر بالمساواة ومنع التمييز أمر بعيد المنال ولم تُتخذ بعد أية خطوات تشريعية لإنشاء المفوضية المستقلة لمنع التمييز، وتظل الفجوة قائمة فيما يتعلق بتولي الوظائف العامة والعليا وعلى الأخص في مناصب المحافظين ورؤساء المدن ورؤساء الجامعات فضلا عن حرمان النساء من الوصول إلى منصة القضاء بمجلس الدولة. وأوضح بيان المركز أن ذلك لا ينفي أن تقدما نسبيا قد شهدته مصر فيما يتعلق بتمثيل النساء بمجلس النواب، وعلى الرغم من كل التحفظات المثارة بشان النظام الإنتخابي الذي جرت على أساسه انتخابات مجلس النواب، والذي انحاز إلى نظام القوائم المطلقة الذي أضعف المشاركة الحزبية وفاقم من ظاهرة العزوف عن المشاركة وأعاد سيطرة العصبيات ورأس المال وذوي النفوذ المحسوبين على أجهزة الدولة العميقة، موضحاً أن المركز نثمن الجهود التي آلت إلى وصول عدد النساء في مجلس النواب إلى 89 نائبة بما يعادل نحو 15 % من مجمل النواب وهي أعلى نسبة تمثيل للمرأة داخل البرلمان المصري. وأضاف المركز أنهم يتطلعون إلى قيام مجلس النواب بدوره بتطوير التشريعات ذات الصلة لضمان تعزيز فرص تمثيل النساء بصورة أكثر عدالة في المؤسسات المنتخبة وتعظيم فرص مشاركتهن في صنع القرار والسياسات من خلال تقلد الوظائف العليا في الدولة. ويذكر مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف أن الحكومة تقر ضمنيا بحجم التحديات التي تعوق النهوض بحقوق المرأة وليس أدل على ذلك من قبول الحكومة بصورة طوعية وتعهدها بتنفيذ الغالبية العظمي من التوصيات التي قُدمت اليها في ختام الجولة الثانية من الاستعراض الدوري الشامل لسجل حقوق الإنسان في مصر في مارس 2015 أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والتي شملت نحو 56 توصية تتعلق بصورة مباشرة بمكافحة التمييز ضد المرأة وتحسين أوضاع النساء والقضاء على العنف ضدهن. ويتطلع مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف لأن يرعى مجلس النواب بحكم ما يتمتع به من صلاحيات تشريعية ورقابية تبني برنامج عملي للنهوض بأوضاع النساء يستلهم روح النصوص الدستورية ذات الصلة ويأخذ بعين الإعتبار التعهدات الطوعية التي اعلنتها الحكومة بشأن مجمل التوصيات التي قٌدمت اليها أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وفتح قنوات للحوار مع مؤسسات المجتمع المدني وعلى وجه الخصوص منظمات حقوق الإنسان والمنظمات النسائية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان من أجل تعديل التشريعات ومراجعة السياسات التي تكرس التمييز ضد المرأة مثلما تكرس تهميشها وحرمانها من حقوقها. وذَّكر بيان مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف أن في هذا الإطار أبرز التوصيات التي أعلنت الحكومة موافقتها عليها بصورة كاملة أو بصورة جزئية: النظر في سحب تحفظات الحكومة على المادتين 2، 16 من إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والانضمام إلى بروتوكولها الاختياري. وكذالك الإمتثال للقانون الدولي لحقوق الإنسان عن طريق تعديل التشريعات واعتمادها وتنفيذها بفعالية من أجل القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات وتجريم جميع أشكال العنف ضدهن، وضمان سرعة التحقيق في جميع حالات العنف الجنسي والتحرش الجنسي التي تواجهها المتظاهرات والمدافعات عن حقوق الإنسان وتقديم الجناة إلى العدالة. وكذلك تكثيف الجهود الرامية إلى تمكين المرأة وتحسين مكانتها، واعتماد مزيد من التدابير للقضاء على جميع أشكال التمييز ضدها، وتعزيز إلمامها بالقراءة والكتابة، وضمان تمتعها بالمساواة في المعاملة وتهيئة بيئة آمنة في مكان العمل، ومكافحة العنف الجنسي، بالإضافة الي ضمان المساواة في وصول الفتيات والنساء إلى جميع مستويات التعليم ومجالاته، و مواصلة تعزيز تمثيل المرأة تمثيلا عادلا في البرلمان والحكومة، وزيادة عدد النساء في وكالات إنفاذ القانون، بما في ذلك إدارة الشرطة، وكذالك مواصلة تكثيف الجهود الرامية إلى تعزيز المساواة بين الجنسين، ومكافحة التحرش الجنسي والعنف الجنسي عن طريق إصلاح تشريعي شامل واعتماد استراتيجية وطنية، والاعتراف بأهمية عمل المنظمات غير الحكومية واختصاصها في هذا المجال. وكذالك تعزيز الجهود الرامية إلى ضمان تمتع المرأة بتكافؤ فرص العمل. بالإضافة الي ضمان مشاركة جميع أصحاب المصلحة، ولاسيما النساء والشباب والفئات الضعيفة، في التنمية الاقتصادية، بغية تحقيق نمو اقتصادي طويل الأمد لا يُقصى عنه أحد، وضمان الرفاه للجميع، ومواصلة ضمان التنفيذ الفعال لتدابير من قبيل إنشاء خطوط هاتف ساخنة ومراكز لرعاية ضحايا العنف، و ضمان المساءلة الفعالة لمرتكبي العنف ضد المرأة. فضلا عن تغليظ العقوبات على مرتكبي العنف ضد المرأة، بما في ذلك وضع قانون يجرم جميع أشكال العنف ضد المرأة، وتعديل قانون العقوبات والقوانين الوطنية الأخرى لتجريم جميع أشكال العنف ضد المرأة والعنف المنزلي والاغتصاب على وجه الخصوص، وتطبيق القوانين عمليا، وكذالك إلغاء الزواج القسري المبكر والزواج التجاري المؤقت للفتيات، وضمان القضاء على تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية.