أكد وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق أن مطار رفيق الحريري الدولي "مطار بيروت" يعاني من مشكلات عميقة لم يعد مقبولا التغاضي عنها، كاشفا عن أن لندن وباريس لوَّحَتا بالتوقف عن استخدام المطار مالم تعالج الثغرات في بعض المواصفات الدولية الأمنية والتقنية. وقال المشنوق " في تصريح لجريدة السفير اللبنانية " إن هذا التهديد جدي ولكنه ليس نهائيا بعد في انتظار ما يمكن أن تفعله الدولة اللبنانية لإقفال الثغرات وتحصين الأمن في هذا المرفق الحيوي". وأوضح أنه ناقش هذا الملف مع رئيس مجلس النواب اللبناني بري "الذي أبدى تجاوبا معه وهو يبذل مساعيه لإزالة مكامن الخلل في المطار"، مستغربا كيف أن موضوعا بهذه الحساسية يلاقي اهتماما ضعيفا إلى هذه الدرجة، وقال"لولا تحرك رئيس المجلس والجهد الذي أبذله لانعدمت أي متابعة رسمية لهذه القضية". ومن جانبه، قال وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر إن أمن المطار وسلامة المسافرين هما خط أحمر ممنوع القفز فوقه، مشددا على أن هذا الملف يشكل أولوية لديه، انطلاقا من الحرص على تقيد لبنان بالاتفاقيات الدولية وحماية مصداقيته. وأكد أن العمل جار على قدم وساق لاستكمال المواصفات المطلوبة وفق معايير المنظمة العالمية للطيران والاتحاد الأوروبي، موضحا أنه بادر إلى منح امتياز بناء سور المطار لشركة كندية، لكنه لفت الانتباه إلى أن تنفيذ المشاريع الأخرى يحتاج إلى أموال غير متوافرة حتى الآن. وقال "سأطرح هذا الأمر على مجلس الوزراء وسأطلب تأمين الاعتمادات اللازمة حتى نستطيع استكمال الشروط الأمنية والتقنية المطلوبة منا". وذكرت صحيفة "السفير" أن هذا الملف الدقيق كان موضع بحث بين رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري والسفير الفرنسي في بيروت الذي حصل على تطمينات من رئيس المجلس، كما ناقشه وزير الداخلية نهاد المشنوق مع السفير البريطاني الذي أبدى قلقا حيال واقع المطار الأمني. واعتبرت الصحيفة أن واقع المطار يعكس الكثير من معالم الأزمة الوطنية الأوسع في لبنان، نتيجة جهة الصراع على النفوذ والأدوار، وتضارب الصلاحيات والمصالح، والتفنن في إضاعة الوقت، وتقاذف المسئوليات، والتسلح بالحمايات السياسية والطائفية، لكن مع فارق وحيد، وهو أن العبث بمرفق كالمطار ينطوي على مخاطر فادحة ومباشرة، لا يجوز الاستهتار بها. وأشارت إلى أن لبنان لا يزال موضوعا على اللائحة السوداء للشحن في أوروبا برغم إنجاز مركز الشحن الجديد بتكلفة 30 مليون دولار، وذلك لاستمرار عمل المركز القديم الذي كان ينبغي إقفاله، كما أن المنظمة العالمية للطيران تعتبر أن إدارة الطيران المدني في لبنان غير مطابقة للمواصفات، وبالتالي فإن التصنيف المعتمد للبنان هو "حذر في السلامة". وقالت الصحيفة، إن من أبرز مكامن الضعف والخلل في الجسم الأمني والفني للمطار: دخول وخروج حقائب المسافرين، وضرورة الكشف عليها بطريقة متطورة، لا سيما في ما يتعلق بمسار صعود الحقائب إلى الطائرات، وكذلك تراجع مستوى بعض الأنظمة والتجهيزات الأمنية "من حيث المراقبة والكاميرات وال"سكانر" وغيرها" ما يستدعي تطويرها بسرعة إضافة إلى وضع الرادارات التي تتطلب تحديثا. وأشارت إلى قلة عناصر قوى الأمن الداخلي، بالمقارنة مع احتياجات المطار، في حين أن المطلوب الاستعانة بأعداد مضاعفة. ولفتت كذلك إلى العلاقة المتوترة تاريخيا بين الشركة الوطنية الأم ووزارة النقل والأشغال العامة، وتضارب الصلاحيات بين الوزارات والأجهزة المختلفة، ما أدى إلى غياب المرجعية الموحدة للمطار. وقالت الصحيفة إن تكلفة تحديث أمن المطار وتجهيزاته التقنية، انسجاما مع المواصفات العالمية، تستوجب قرابة 55 مليون دولار أمريكي، وسيؤدي غياب الاعتمادات اللازمة إلى تعطيل مشاريع أخرى ملحة لتطوير وتحسين الشروط الأمنية في المطار، تبعا للمعايير التي تفرضها كل من المنظمة العالمية للطيران والاتحاد الأوروبي.