لم يعبأ 'مصطفي بكري' ونحن معه بما حدث له حين اختطفته عناصر الأمن في محاولة للضغط عليه والتأثير علي مواقفه وهجومه المتواصل ضد الفساد والمفسدين وضد وقائع التعذيب التي كانت تجري في مقرات مباحث أمن الدولة.. واستمرت صحيفة 'الأحرار' اليومية برئاسته تخوض غمار معارك لا تهدأ ضد السلطة وأركان الفساد في المجتمع.. وأثارت حالة من القلق الشديد في أوساط النظام الحاكم، فيما حظيت بتأييد ودعم قطاعات واسعة من جماهير المواطنين والقراء الذين راحوا يلتفون من حولها بشكل كبير ومثير، بل وأصبحت صحيفة 'الأحرار' في ظل رئاسة تحرير 'مصطفي بكري' لها مثار حديث كافة الأوساط وراحت العديد من الصحف العربية تنقل عنها أخبارها ومواقفها وانفراداتها.. وهو ما أثار السلطة مجدداً التي راحت تفكر وتدبر لكيفية التخلص مجدداً من 'مصطفي بكري' واغلاق صحيفة 'الأحرار' التي يترأس تحريرها. في 26 أغسطس من العام 1996 كنت قد سافرت وشقيقي 'مصطفي' إلي بلدتنا المعني بمحافظة قنا لأداء واجب العزاء في زوج خالتنا المغفور له الحاج 'شحات حسن'.. وبينما كنا هناك في أقصي الصعيد كان تحقيقاً ينشر في صحيفة 'الأحرار' اليومية بقلم المحرر 'أحمد فكري' يتضمن تجربة في مكتب صحة حلوان حول كيفية وإمكانية تزوير شهادات الميلاد واستخراجها باسماء شخصيات مشهورة في المجتمع. قامت فكرة المحرر علي مواجهة الفساد في مكاتب الصحة فقدم لنفسه اسم لمولود مجهول ونسبه الي السيدة 'جيهان صفوت رؤوف' وهو الاسم الصحيح للسيدة 'جيهان السادات' زوجة الرئيس الراحل 'أنور السادات'.. وبهدية بسيطة استخرج موظفوا مكتب الصحة الشهادة التي حملها المحرر 'أحمد فكري' وبني عليها فكرة التحقيق الصحفي حول الفساد في مكتب الصحة وأن بإمكان أي مواطن أن يستخرج شهادة ميلاد لإسم مجهول وينسبه لأية شخصية مهما كانت مشهورة في المجتمع فما بالك لو كانت تلك الشخصية زوجة رئيس مصر الراحل. نشر الموضوع دون أن نعلم عنه شيئاً، وحين عودتنا من السفر قابلتنا عاصفة من التحقيقات والاستدعاءات ل'مصطفي بكري' والتي لعب فيها 'طلعت السادات' دوراً رئيسياً حيث كان يتنازع علي رئاسة حزب الأحرار في هذا الوقت.. وبعيداً عن الاسباب أو التفسيرات لما جري.. فقد كان ماحدث في أزمة حزب الأحرار ومحاولة إبعاد 'مصطفي بكري' عن رئاسة تحرير الصحيفة بل وتحويله للمحاكمة بسبب هذا الموضوع جزء من المؤامرة التي تعرض لها في السابق وتكررت ضده في هذا الوقت. عند الساعة الرابعة من فجر يوم 28 أغسطس 1996 اتصل بي الزميل 'عبدالفتاح طلعت' وكان يشغل منصب مدير تحرير جريدة 'الأحرار' وأبلغني أن خبراً نشر في صدر الصفحة الأولي في الأخبار بأن 'مصطفي كامل مراد' قد أصدر قراراً بعزل 'مصطفي بكري' من رئاسة تحرير صحيفة 'الأحرار'.. كان الخبر مفاجئاً.. فمنذ أيام قليلة فقط كان 'مصطفي كامل مراد' يزور شقيقي 'مصطفي بكري' الذي ألمت به وعكة صحية وأودع في مستشفي السلام الدولي وكان يشيد بدوره وعطائه في تطوير صحيفة 'الأحرار'.. وكان الخبر في عمومه مثار حالة من القلق غير المسبوق. علي الفور أجريت اتصالاً بشقيقي الذي كان يستعد للسفر إلي العريش هو وأفراد أسرته في هذا الصباح بناء علي نصيحة الأطباء للاستجمام لبضعة أيام بعد خروجه من مستشفي السلام الدولي.. فطلبت منه الغاء سفره وانتظاري حيث قررت التوجه اليه عند منزله بالمعادي واتفقنا علي إستدعاء الزملاء الصحفيين للاعتصام بمقر جريدة 'الأحرار' ومنع أي أحد من الدخول إليها وتنفيذ قرار العزل الباطل الذي صدر دون مبرر ولم نعلم به علي الاطلاق. ما أن قابلت شقيقي 'مصطفي' ونحن نصعد إلي السيارة سوياً حتي قلت له وكلي ثقة وإيمان 'لا تحزن.. فرب ضرة نافعة.. فالله معنا'.. توجهنا الي الصحيفة، وهناك التقينا بالزملاء.. ورحنا نعد العدة لإصدار الصحيفة رغم قرار 'مصطفي كامل مراد'.. وقد كان فقد صدرت صحيفة 'الاحرار' برئاسة تحرير 'مصطفي بكري' بينما راح 'مصطفي كامل مراد' علي الجانب الآخر يصدر صحيفة اخري تحمل نفس الاسم برئاسة تحرير احد الصحفيين الذي تم اختياره من 'مصطفي كامل مراد' وهو الصحفي 'صلاح قبضايا'... والي الغد