16 أكتوبر الجاري الذكري السبعين لإنشاء منظمة الأغذية والزراعة /الفاو/، والتي تحتفل منذ إنشائها في عام 1945 كل عام بهذه المناسبة استهدافا منها بتعميق الوعي العام بمعاناة الجياع ونقص الأغذية في العالم مما يشجع البشر في مختلف أنحاء العالم علي إتخاذ تدابير لمكافحة الجوع والعوز 0 وتأتي الذكري هذا العام متواكبة مع مرور سبعة عقود علي إقاقة هذا الصرح الأممي بمقرة في العاصمة الإيطالية روما، كما يأتي مع تحذيرها المتجدد لنقص الغذاء في العالم، وبصفة خاصة هذا العام مع انعدام الأمن الغذائي بالشرق الأدني وشمال أفريقيا باعتبارهما الإقليمين اللذين شهدا زيادة في انتشار الجوع وتضاعف عدد الجوعي، وهو ما أبرزه تقرير حديث أصدرته أوائل شهر أكتوبر الحالي، كشف عن أن أغلبية السكان الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي يعيشون في العراق والسودان وسوريا واليمن والضفة الغربية وقطاع غزة في فلسطين 0 وأوضح التقرير أن هذا الإقليم هو الوحيد الذي اخفق في تحقيق أحد أهم الأهداف الإنمائية للألفية ' 2000-2015 ' والمعني بالقضاء علي الجوع، حيث لم تحقق أعداد الجوعي هدف الانخفاض المنشود، بل ارتفعت من 5و16 مليون شخص في الأعوام ما بين' 1990 -1992 'إلي 33 مليون شخص في الأعوام من '2014 إلي 1916 '. وعزي عبد السلام ولد أحمد المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للمنظمة في يونيو الماضي السبب في ذلك إلي النزاعات المسلحة والحروب الأهلية والأزمات طويلة المدي التي شهدتها 12 دولة من أصل 19 في المنطقة، مؤكدا أنها لعبت دورا رئيسيا في تفاقم أزمة الأمن الغذائي 0 ففي سوريا أدت النزاعات المسلحة إلي حاجة 6ر13 مليون نسمة لمساعدات غذائية ماسة، من بينهم 8ر9 ملايين داخل الأراضي السورية، 8ر3 ملايين لاجئون، هذا الوضع ليس قاصرا علي سوريا فحسب بل انخفض معدل نقص التغذية في العراق ايضا بمعدل 8 في المائة بين عامي 1990 و 1992 ليصل إلي 23 في المائة في الفترة بين عامي 1994 - 1996، فيما يظهر اليمن واحدا من أسوأ معدلات نقص التغذية والفقر والبطالة في المنطقة العربية، حيث يعاني واحد من بين كل أربعة أشخاص نقصا في الغذاء 0 ويري المتخصصون أن الدول العربية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضي بتكثيف جهودها المشتركة لتحقيق مخزون إستراتيجي من الغذاء، وخفض إعتمادها علي الأغذية المستوردة بهدف تقليل الفجوة الغذائية، بالإضافة إلي وضع وتنفيذ إسترتيجية عربية لبناء تكامل زراعي عربي يساعد في بناء هذا المخزون 0 يمتلك العالم العربي إمكانيات هائلة غير مستغلة بصورة جيدة، تتمثل في 71 مليون هكتار من الأراضي الزراعية، وثروة حيوانية تزيد علي 340 مليون رأس، و أكثر من أربعة ملايين طن من الأسماك تنتج سنويا، وهذا يحتم تحديد الصعوبات التي تحول دون استغلالها الاستغلال الأمثل، والعمل علي تذليلها بما يعزز قيام نهضة زراعية عربية تساهم في تحقيق الامن الغذائي العربي0 وتوضح عملية تقييم الموقف الغذائي من قبل منظمة الاغذية والزراعة في شهر أكتوبر الحالي وجود تقدم مستمر في خفض معدلات الجوع علي المستوي العالمي في العديد من البلدان، خاصة في نصف الكرة الشمالي، ففي كندا علي سبيل المثال ارتفع مخزون القمح والشوفان والشعير عن ضعف معدلاتها عن العام الماضي نتيجة زراعة محاصيل ضخمة في سهولها الغربية، ومن المتوقع أن تحطم محاصيل القمح والذرة في أوربا قريبا الأرقام القياسية 0 ومن جانبها، تعتزم الصين إضافة ما سعته 50 مليون طن من مرافق التخزين بحلول العام المقبل، في الوقت الذي تكافح فيه وفرة مخزونها من الذرة والأرز وهو ما أشارت إليه الصحيفة اليومية في الصين التي تديرها الدولة، وحتي الأزمة بين روسيا وأوكرانيا لم تلحق الضرر بمكانتهما في أسواق الحبوب والغلال العالمية وهناك حاجة الي مزيد من الجهد لوضع الامن الغذائي والتغذية في صدر أولويات الاجندة السياسية لتخلق بيئة مواتية لتحسين الأمن الغذائي وأوضاع التغذية ورصدها وتحليل الخيارات المختلفة بإعتبارها شرطا أساسيا في مهمة القضاء علي الجوع 0 عبد الرضا عباسيان، الإقتصادي الأول بمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة والمتخصص في مجال الحبوب، أكد الحصول بشكل مفاجئ علي محاصيل كثيرة في كل مكان، حيث تشير تقديرات المنظمة إلي أن مخزون العالم من الحبوب العام المقبل سيكون مساويا ل 25 في المائة من الاستهلاك العالمي السنوي، وهي أعلي نسبة منذ عام 2003، بالإضافة إلي ما ساهمت به أسعار الحبوب الضعيفة من دفع مؤشرات السلع إلي أدني مستوياتها منذ خمسة أعوام 0 هذا التحول في رأي المتخصصين يعد انقلابا لما عليه الحال في التاريخ الحديث.. ففي عامي 2007 و2008 أثارت المخزونات المنخفضة ارتفاعا قويا في الأسعار وأعمال شغب في عشرات الدول من هاييتي إلي الهند، وأدي حظر تصدير الحبوب في روسيا أعقاب موجة حر مدمرة في اغسطس 2010 إلي زيادة أسعار الحبوب إلي مستويات، وفي عام 2012 أدت أسوأ موجة جفاف من عواصف الغبار في الثلاثينيات، إلي جفاف حزام الذرة الأمريكي. التحول نحو الفائض بمجمله يعد أكثر من رائع، لأن الكثير من الاتجاهات طويلة الأجل التي ترهق الإمدادات الغذائية لا تزال قائمة، فعدد تعداد سكان العالم في زيادة مستمرة، والمستهلكون في الدول النامية يأكلون مزيدا من اللحوم التي تتغذي علي الحبوب، ومصافي الوقود الأحيائي تضخ الكثير من غاز الإيثانول، وتغير المناخ يجعل التقلبات الشديدة في الطقس أكثر تكرارا، وهو ما يعرض المحاصيل الزراعية للخطر0 لقد أبدت منظمة الفاو استعدادها لتقديم الدعم الفني اللازم لزيادة مساحة الاراضي المستصلحة في مصر إلي مليون ونصف المليون فدان، والتي تقوم الحكومة بتنفيذها في اطار تركيزها علي تحقيق الأمن الغذائي، وتدرس المنظمة حاليا آليات مساعدة مصر في مجالات تطبيق النظم الحديثة للري والتوسع في استخدام المياه الجوفية وتكثيف الاعتماد علي الطاقة الشمسية في القطاع الزراعي وإقامة مزارع للاستزراع السمكي 0 التغذية الجيدة هي خط الدفاع الأول ضد المرض، وهي مصدر الطاقة التي يحتاج إليها البشر كي يحيوا نشطاء فاعلين، ومشاكل التغذية التي تنتج عن الوجبة غير الملائمة أو غير الكافية يمكن أن تكون مشاكل متعددة الأنواع وعندما تصيب جيلا من الصغار، فإنها يمكن أن تخفض قدراتهم علي التعلم، وبهذا تعرض مستقبلهم للخطر وهو ما يخلق دورة متصلة الحلقات من الفقر وسوء التغذية لأجيال متلاحقة، فتسبب آثارا خطيرة علي الأفراد والأمم معا 0 وعلي الرغم من أن الأطفال الصغار هم الأكثر تعرضا للإصابة بسوء التغذية فإن الحق في الغذاء الكافي حق عالمي للجميع، والتغذية الجيدة أساسية وضرورية للجميع أيضا، ولكن مشاكل سوء التغذية، مثل نقص الغذاء ونقص المغذيات الصغري والبدانة موجودة في جميع الدول ولدي الأفراد من كافة الطبقات الاجتماعية 0 وتأتي مهمة مكافحة سوء التغذية بطريقة مستدامة في استراتيجية عمل منظمة الفاو، من خلال إتباع نهج شمولي يقوم علي حل المشكلة وتسخير إمكانيات النظم الغذائية والزراعية لحلها، كما تعمل الفاو علي تعزيز قدرة الدول علي تقييم ورصد حالة التغذية ووضع الخطوط التوجيهيه لتحسين التغذية وهو أمر أساسي لتحقيق رؤيتها لعالم متحرر من الجوع.