'همّي أن أروي أرضي من دمي.. همّي أن أرفع رأسك يا أمي.. أخفيني يا أم بعينيك حزنا أحلاما.. لا خوف ولا بأس عليك غطّي الألآما. يا أمي يا كل حناني عن كل حنان.. لفّيني وخذي جثماني بين الأحضان.. يا أمي دمعا يكفيك فالكل يتامي.. هل يدري الكون بما فيك أم غطّ وناما.. ' ارفعي رأسك عالياً يا أم الشهيد فالكون لم يغط ولم ينم، الكون يشهد معك شهادة ميلاد العزة والكرامة والفخر والمجد، الكون يزغرد وأصوات الزغاريد تصدح في جنباته فرحا بابنك الشهيد، الكون يحتفي بأحزانك الشامخة، والكون ينصت لكبريائك الصامتة. ارفعي رأسك عالياً رحل ابنك الشهيد، اختير ليكون في زمرة مع الصديقين والأنبياء حظي بالشهادة لكي يكون رمزاً للتضحية والفداء، فتحولت تضحياته إلي أكاليل من الياسمين، نضعها علي أعناقنا، نشم رائحة الجنة من خلال سيرته. ارفعي رأسك عاليا أيتها الصامدة ارفعي رأيك عاليا يا مملكة الصبر ويا وطن الصمود يا من قدمت لهذا الوطن أغلي ما تملكين وانتصبت قامتك بشموخ الحزن، تتلقين العزاء وكأنك تتلقين تهنئة بزفاف ابنك الشهيد. ارفعي رأسك ففي هذا الشموخ دروس... وفي هذا الشموخ ترتسم صورة الحرية والوطن وشرف الدفاع عنه والذود عن مكتسباته. ارفعي رأسك كي يراه الجمع كي نري في قامتك الوطن منتصبا، يعانق بشموخه واعتزازه هامات السحب يا مملكة الصبر ووطن الصمود ارفعي رأسك كي تتفوق صورتك علي صورة الحزن، وصمودك علي ألم الرحيل، فلقد تفوقت تجارتك علي كل تجارة أخري، لقد فاز ابنك بالجنة وفزت بأن تكوني أم الشهيد مات ابنك لكي يظل حياً مات ابنك في أرض المعركة حينما لبّي النداء: نداء الدين والوطن شوقاً وسلاماً وحباً ويقيناً وثباتاً حمل قضيته علي كتفه وودعك إما أن يعود لك بالنصر وإما أن يعود إليك مكفناً بالفخر ارفعي رأسك عاليا يا أم الشهيد دعينا نتعلم منك انثري دعائك في الليل والنهار وعطري الكون برائحة الكرامة في كل ساعة فمن رحل من أجل عقيدة ومن أجل وطن، لا يمكن لترابه أن يكون نسياً منسياً من ترابه يظل عبق الفخر يفوح وتظل الحياة تعطر نفسها بالكرامة وتنثر العطر في كل ذرة تراب