تعيش تركيا الآن علي صفيح ساخن وذلك بعد توقيع الدول الكبار الاتفاق النووي مع إيران الأمر الذي أدي إلي إعادة التحالفات وتغيير المصالح الإستراتيجية بالمنطقة، ولأن أردوغان كان ومنذ توليه منصب رئيس الوزراء ووصولا إلي منصب رئاسة تركيا يحلم بأن يصبح وعبر حزبه سلطانا علي تركيا وخليفة عثماني جديد بالمنطقة، ولتحقيق هذا الحلم فإن أردوغان تورط ومنذ 4 سنوات مع التنظيمات الإرهابية المختلفة وبخاصة مع داعش في كل من العراقوسوريا ومساندته وتقديم الدعم اللوجيستي لهذا التنظيم وتنسيقه مع الجماعات الإرهابية في البلدان العربية وبخاصة دول ثورات الربيع العربي، والدليل علي ذلك رفضه الانضمام للتحالف الدولي بقيادة أمريكا ضد داعش وأخواتها وسماحه بمرور العتاد والأفراد من تركيا لكل من العراقوسوريا، وتورطه في تسهيل غسل الأموال وتمرير النفط والآثار لبلاد أخري بالتنسيق مع داعش، وفي هذا الخضم لم يكن يتوقع بعد كل تلك السنوات أن ينتهي شهر العسل مع تنظيم داعش أو أن يدخل في حرب عسكرية معه حتي فوجئ بعملية تفجير المركز الثقافي بسروج واستهداف الأكراد ليدخل في مناورة جديدة مع داعش ويضطر لتغيير اللعبة السياسية والمصالح الاستراتيجية له وفق المتغيرات التي تشهدها المنطقة وهي صعود القوة الإيرانية من جديد بعد الاتفاق النووي ووقف الحظر الاقتصادي عنها الأمر الذي انعكس علي تغيير دور إيران في العراق وبداية تحقيق انتصارات علي داعش في شمال العراق وتحقيق الأكراد لانتصارات، في الوقت الذي بدأت المعارضة السورية وأكراد سوريا يحققون انتصارات في المدن الحدودية شمال سوريا مما أدي إلي توسيع الأكراد للجيوب الكردية في العراقوسوريا وهو الأمر الذي استشعره أردوغان من خطورة الأكراد الذين يحلمون بمد تلك الأراضي إلي داخل الأراضي التركية بمساعدة حزب العمل الكردستاني لتشكيل دولة كردية في وقت وصل فيه حزب الشعوب الكردي إلي البرلمان مما شكل ضربة قوية لحزب العدالة والتنمية وأوقف مشروعه لتشكيل الحكومة و تعجيز مشروع أردوغان بتغيير الدستور لتوسيع صلاحيات الرئيس في تركيا. إن تركيا تناور الآن من أجل مصالح أردوغان وليس مصالحه لأنها قامت في اللحظات الأخيرة بإيهام العالم أنها تحارب داعش ولكنها وفي الحقيقة تحارب الآن الأكراد حتي لا يتمكنوا من تكوين دولتهم التي يحلمون بها حول تركيا ولهذا فقد تجاوز أردوغان اتفاق السلم والمصالحة مع الأكراد ليدخل معهم الآن في حرب معلنة مقابل سماحه لأمريكا والتحالف الدولي باستخدام القواعد التركية لضرب داعش في العراقوسوريا وتخاذله في القيام بضربات مقنعة ضد داعش وإعلانه بعدم القيام بعمليات برية ضد هذا التنظيم، وطلبه المساعدة من حلف الناتو وغيرها من المراوغات السياسية التي لم تعد مقنعة للخبراء والمحللين ولا للأكراد أنفسهم عندما انكشف المستور لمحاولته الفاضحة في إنشاء مناطق عازلة في سوريا علي حساب الأراضي التي استولي عليها الأكراد بعد خوضهم حروب ضارية وتحقيقهم الانتصارات علي داعش بشهادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، الأمر الذي يجعل أمريكا في حيرة الانضمام لطرف علي حساب آخر فهل تنسي تركيا الحليفة في الناتو وتنضم للأكراد، أم تنضم للأكراد انطلاقا من دورهم في الحرب ضد داعش ومناصرة حقوقهم الضائعة فتأتي المصالح علي حساب تركيا، ولهذا فإن قرار تركيا بإنشاء مناطق عازلة يأتي قرارا غير مقبول من الكثير من الدول وبخاصة أن السياسيون والمحللون يرونه من أجل توطين اللاجئين السوريين من جهة، وتفويت الفرصة علي الأكراد الحالمين بالسيطرة علي تلك المناطق الحدودية بإشراك تركيا إقامة المعارضة السورية والجيش الحر في تلك المناطق، يحدث ذلك في الوقت الذي تضطرب الأوضاع في تركيا بسبب توسيعها للنزاع مع الأكراد وحزب العمل الكردستاني والمعارضة التركية وبخاصة حزب الشعوب الديمقراطي الذي يسعي أردوغان إلي عزله من أجل تجاوز الانتخابات البرلمانية السابقة وإعادتها مرة أخري لتحقيق الأغلبية لحزبه في البرلمان حتي يتمكن من تحقيق أهدافه علي حساب الديمقراطية في تركيا، وسوف تشهد الأيام المقبلة معارضة تركية كبيرة من جميع المنظمات والتيارات والأقليات المختلفة بسبب سياسات أردوغان الفاشلة كما سيصعد حزب العمل الكردستاني من هجماته ضد المصالح التركية ، ودخول داعش إلي حلبة الصراع، إضافة إلي احتجاج الرئيس السوري بشار الأسد مع حلفائه واعتراضه علي قرار أردوغان بإنشاء مناطق عازلة دون الرجوع إلي الأممالمتحدة ومجلس الأمن الأمر الذي يجعل قراره غير قانوني لتدخله في شئون الدول الأخري وهو أمر في غاية الخطورة لأنه سوف يدفع الأمور نحو تقسيم سوريا بمباركة أمريكية وهو الأمر الخطير الذي يجب أن تنتبه إليه الدول العربية.