كد النائب الأول لرئيس الجمهورية العراقية رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أن الولاياتالمتحدة لم تتعاط بشكل إيجابي فيما يتعلق بمستوي الدعم العسكري الذي تقدمه للعراق في حربه ضد تنظيم داعش، واصفا إياه بأنه 'ليس بالمستوي المطلوب'. وقال المالكي في تصريحات ادلي بها عبر الهاتف لوكالة الأنباء الألمانية 'د.ب.أ' في القاهرة :'لو كانت الولاياتالمتحدة جادة في عملية التسليح لما حدث التداعي الأمني الخطير الذي يشهده العراق'، موضحا :'ما وصلنا لم يكن كافيا في ظل الحرب الدائرة، ولذا لجأ العراق إلي إيجاد مصادر تسليح أخري من روسياوإيران وكوريا وبلغاريا'. وأكد المالكي 'رئيس وزراء العراق -2006 2014' أن من 'سيحسم المعركة مع التنظيم الإرهابي هم أبناء القوات الأمنية والحشد الشعبي والعشائر والذين يلعبون الآن دورا أساسيا في محاربته وطرده من الأراضي العراقية'، وقدر أن 'قصف طيران التحالف الدولي لمواقع داعش لم يؤد سوي إلي 10% من مجمل ما تم تحقيقه علي الأرض'. ويري المالكي 64/ عاما/ أنه 'إذا كانت لدي دول العالم جدية في مكافحة الإرهاب فعليهم أولا إيقاف مصادر تمويله.. وإيقاف تدفق الإرهابيين إلي العراق'، محذرا من أن العراق 'لن يكون وحده ساحة للإرهاب'. وحول تقييمه للعلاقات العراقيةالإيرانية، أشاد المالكي بالدور الذي تقوم به الجمهورية الإسلامية الايرانية لمساندة العراق في حربه ضد الإرهاب، وقال :'الدور الإيراني المساند للعراق كان كبيرا ولولا الموقف الإيجابي لطهران لما كان بمقدورنا مواصلة القتال ضد داعش'. وتحدث عن أن 'طهران عرضت علي العراق شراء السلاح وبكميات كبيرة، وهذا الأمر ساعد كثيرا في إيقاف التداعي الأمني الذي حدث.. فضلا عن وجود حجم تبادل تجاري كبير مع إيران يبلغ 13 مليار دولار سنويا'. ونفي أن تكون سياساته الخارجية وقت توليه المسؤولية قد جنحت بشكل تام للتناغم مع السياسة الإيرانية، موضحا :'سياستنا التي رسمناها هي أن نجعل العراق يستعيد مكانته الطبيعة في المنطقة.. ويتمتع بعلاقات طيبة مع كل دول الجوار'. وأكد علي عدم صحة أو حاجة العراق لتواجد أي قوات أجنبية علي أراضيه، خاصة وأنه بالفعل يمتلك قوات كافية من أبنائه لمواجهة التهديدات سواء من داعش أو من غيره. وأعرب عن اعتقاده بأن كثرة الانتقادات الموجهة لقوات الحشد الشعبي 'ما هي إلا محاولات جديدة من قبل دعاة التقسيم لإفشال هذه التجربة الوطنية التي استطاعت حماية وحدة العراق، ونفس هذه الأصوات هي التي كانت شنت من قبل حملات تشويه ضد الجيش العراقي وأسقطوه'. وحذر من 'تكرار نفس المخطط اليوم لإسقاط الحشد الشعبي عبر استهدافه تارة وتشبيه بالحرس الثوري الإيراني تارة اخري'، وقال إن 'هذا غير صحيح بالمطلق لأن الحشد في نهاية الأمر سيكون ضمن عنوان الحرس الوطني'. وأبدي المالكي تأييده لإقرار قانون الحرس الوطني 'ولكن ليس بالصيغة الحالية التي تمثل خطرا علي الوحدة الوطنية، كونها تحول وتخرج فكرة الحرس الوطني من وظيفته المفترضة وهي حماية الوطن بأكمله إلي حرس محافظات ذات استقلالية إدارية'. وجدد المالكي رفضه لأي عملية تسليح تجري لمكون عراقي خارج إطار الحكومة الاتحادية، في إشارة لما طرح من قبل من جانب البعض في الإدارة الأمريكية بشأن إمكانية تسليح السنة أو الأكراد دون الرجوع للحكومة الاتحادية، واعتبر أن هذه الفكرة تمثل خطرا كبيرا يهدد وحدة وسيادة العراق وتدعم المشاريع التقسيمية. وشدد علي أن 'جمهور السنة ليسوا كسياسييهم من حيث التبني الطائفي أو تبني مشاريع التقسيم إنما هم مع وحدة العراق.. كما أنهم ليسوا بحاجة إلي دعوة لتعزيز دورهم في الحرب ضد داعش الذي استباح أراضيهم وسفك دماء أبنائهم، وذلك لأنهم مشتركون بالأساس في محاربته بانضمامهم إلي جانب إخوانهم بالحشد الشعبي وتحريرهم للعديد من مناطقهم'. وأعرب السياسي البارز عن استيائه مما يردده معارضوه حول أن سياساته وقت توليه المسؤولية هي التي أوصلت البلاد للوضع الحالي وتحديدا سقوط الموصل في يد داعش نتيجة عدم وجود جيش وطني قوي ومتماسك ومدرب ومجهز بأحدث الأسلحة رغم إنفاق الملايين عليه من خزينة الدولة، متهما أطراف داخلية وخارجية بالوقوف وراء ما وصفه بمؤامرة سقوط الموصل. وشدد :'هذا كله كلام غير صحيح.. '، مشيرا إلي 'تناسي البعض عمدا في بعض الأحيان سقوط الأنبار كذلك بيد داعش' بعد تركه المسؤولية. وأضاف :'لقد قلت مرارا إن سقوط الموصل لم يكن إثر عملية عسكرية بقدر ما كان نتيجة للتآمر والمخططات التي نفذتها جهات خارجية معادية للعراق وجهات داخلية كالبعثيين والنقشبندية'. وأشار إلي 'دور أطراف متنفذة في الحكومة المحلية أصدرت الأوامر بسحب المكون السني والكردي من القوات المسلحة في المدينة، وهما يكونان النسبة الأكبر، بالتزامن مع دخول داعش، ما أدي للانهيار ودخول الإرهابيين للموصل دون قتال'. وأشار إلي دور بعض السياسيين المعارضين له في تلك المؤامرة دون أن يسميهم، مكتفيا بالقول :'لقد أشعلوا الأوضاع بالوقوف خلف الاعتصامات وإعلانهم الحرب علي الدولة وإشاعتهم أجواء الهزيمة بعدما طعنوا الجيش في انتمائه وولائه.. ورغم تلبية غالبية المطالب التي خرجت من ساحات الاعتصام إلا أنهم بدأوا بإطلاق شعارات طائفية وأخري تستهدف إسقاط الحكم'. وفيما يتعلق بملف الجيش وبنائه وتسليحه، أقر المالكي بأن بناءه 'قد تم للأسف علي أسس طائفية' إلا أنه حمل المسؤولية في ذلك للقوات الأجنبية التي كانت متحكمة في الأمور حينذاك، لافتا إلي أنه قام 'بإعداد 15 فرقة متكاملة مع منظومة إدارية، لكن بقاء الطائفية والمحاصصة أدي إلي انهيار الجيش مع أول صدمة طائفية في الموصل، وبناء علي ذلك وفي ظل التآمر الموجود تفكك الجيش '. ويري المالكي أن قضية الجنود الوهميين تم تضخيمها بشكل كبير في الإعلام، وأشار إلي بيان صادر عن وزارة الدفاع بهذا الشأن نفت فيه وجود أعداد كبيرة منهم، وتحدث عن 'حالات نادرة تتم ملاحقتها ومعاقبة المسؤولين عنها'. ورفض المالكي بشدة اتهامه بأنه من جلب التطرف وزرع الطائفية بالمنطقة جراء ممارسته لسياسات إقصائية للسياسيين السنة، وتساءل :'كيف يقال إنني شجعت علي الطائفية وقد حرصت خلال فترة حكمي علي القضاء علي الطائفية التي برزت بعد حادث سامراء.. وأول من تصديت لهم كانوا الشيعة بالبصرة وبغداد وكربلاء.. كما قمت بإعلان مشروع المصالحة الوطنية ودعم شيوخ الأنبار والصحوات التي تشكلت لمواجهة تنظيمات القاعدة، وقمنا بدعم تلك المحافظات بالرجال والسلاح'. وأضاف :'مسألة ملاحقة بعض السياسيين السنة لم تكن بقرار سياسي، إنما بقرار قضائي، لأنهم تورطوا في أعمال إرهابية بموجب أدلة دامغة وأقرت بها حتي الأجهزة الاستخباراتية الإقليمية والدولية'. يذكر أن حادث تفجير ضريح العسكريين بسامراء عام 2006، وهو الضريح الذي يحظي بمكانة كبيرة لدي الشيعة، قد أدي لاشتعال موجة فتنة طائفية كبيرة أدت لعمليات عنف وتصفية علي الهوية بين السنة والشيعة بالعراق. وأرجع المالكي التطرف الذي اشتد بالمنطقة إلي 'سياسة التكتلات والمحاور، خاصة مع تعمق الأزمة السورية'، وقال إنه كان أول من حذر من عواقبها. وأضاف متسائلا :'إذا كنت من استدعي التطرف إلي العراق كما يتهمني البعض، فما هو التفسير لما يحدث في سورية ولبنان وليبيا وغيرها من الدول من تطرف وإرهاب؟'. وحذر المالكي من أن استمرار الأزمة السورية سيؤدي إلي إحراق المنطقة بالكامل خاصة وأن القضاء علي داعش بالعراق مرتبط بانتهاء الأزمة هناك، وشدد علي أن الحل يتمثل في 'وجوب جلوس جميع أطراف النزاع علي طاولة الحوار بدون شروط مسبقة والالتزام بنتائج الحوار الذي يجب دعمه بواقعية تلافيا لخطر أكبر لو سقط النظام بيد المتطرفين والإرهابيين'. وأعرب عن تقديره لحجم التحديات التي تواجهها حكومة خليفته حيدر العبادي حاليا، واصفا علاقته بالأخير 'بالطيبة'. واختتم المالكي بدعوة سياسيي العراق إلي دعم العبادي والوقوف معه، وحذر من أن 'الخطر يمس العراق بأكمله وإذا سقط الهيكل فسيكون علي رؤوس الجميع'.